
منذ نعومة اظفاره.. اقترن كاثوليكياً (بعدسة الكاميرا) أحبها واحبّته هي أيضاً فصنع الاثنان ـ الكاميرا ومصطفى ـ مرصداً صادقاً لكل شيء يُعتمل في حياتنا.. المعالم التاريخية والمنجزات الاقتصادية زراعياً وصناعياً بل وكل ما يعتمل في أتون الواقع المعاش من ومضات التحولات الاجتماعية والتربوية التطويرية ولم ينس رصد بعض هنات القبح مثل: انتشار القمامة.. حوادث السير نتاج السرعة واضرارها المختلفة.. طفح المجاري.. ظواهر التسول.. كان الشاب مصطفى جميل الخلق.. رقيق الطباع.. شيك المظهر بل يمتلك كثيرا من الصفات النبيلة التي منحته الاختيار الجمعي ليكون أبرز الكوادر الاعلامية ـ كمصور ـ لدى رئاسة الدولة والوزراء وما شاكلهم كشاب موثوق لمرافقة كبار قادة الدولة في كل اجتماعاتهم وطوافهم خارجياً وداخلياً في المؤتمرات والمحافل الدولية والمحلية.
كان هذا المصطفى الشاب النحيل.. الهادئ.. الخجول النابذ لحب الذات والثرثرة محبوباً لدى الجميع (كبار قادة الدولة ومسؤوليها بمختلف ترتيباتهم) وكذا حب واحترام وتقدير عامة البسطاء. وعند احتدام وتصادم المصالح الابليسية لدى عليا القرار السياسي ولوجوههم نحو التناحر.. اختير ـ مصطفى ـ ليكون أحد موظفي قسم التصوير لدى صحيفة (14 أكتوبر) وفي غضون شهور قليلة أهلته صفاته الحسنة ليختار جماعياً دون منافس ليصبح رئيساً لقسم التصوير الفوتوغرافي.. وهنا تفتقت مواهب مخفية لدى مصطفى أبرزها نسج العلاقات الاجتماعية كواحد من أبرز رجال العلاقات العامة ولان البداهة والديناميكية كانت هي مصاحبة لصفاته ظهرت أيضاً موهبة كتابة الخبر والمقالة والمراجعة ليجمع بين عدة صفات ابداعية وبتواضع جم فوجئت عند حضوري مراسيم عزاء النبراس الاعلامي الفقيد سالم الفراص، صعقت وأنا أرى هذا المصطفى يقوده شخص آخر بعد أن فقد جزءا كبيرا من نعمة الابصار.. كان بنفس الرشاقة.. بنفس الاناقة.. بنفس صفات الوفاء.. أصر على حضور مراسيم عزاء زميل له رغم أن حالته يرثى لها.
هذا العملاق الاعلامي ذو الصفات النبيلة أصبح لا يقوى على تلمس معالم الطريق.. هاتان العينان اللتان وثقتا كل أوجه معالم الحياة لم تعيناه الآن على تلمس معالم السير ولو حتى داخل حجرة منزله.. مصطفى ابن العزة ابن ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن العشرين عفته تعز عليه أن يستجدي النجدة من أحد أو يمد يد «الشحاتة» إلى أحد.. ولكن هذا الشامخ الذي قدم للوطن والمجتمع جل ما يمكن أن يقدمه انسان لوطنه ومجتمعه..هل هذا الوطن والزملاء والمجتمع سيخذلونه؟!!