هناك مصفوفة من المهام العاجلة التي يرى المواطن اليمني والبسيط أن على حكومة الوفاق التفرغ التام لانجازها خلال هذه المرحلة وفي مقدمة ذلك المضي بالتسوية السياسية التي حملتها المبادرة الخليجية حتى النهاية ومن ذلك الإعداد والتحضير لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني، فهي مطالبة بالانفتاح على مختلف القوى السياسية والمكونات الثورية من أجل بلورة صيغة توافقية ضمن القبول بالحوار كمنطلق لحل كافة القضايا وإنهاء كافة الأزمات التي تعصف بالبلاد والعباد منذ ما يزيد على عام ونصف، نريد أن يكون هناك دور حكومي مساند للجنة التواصل الرئاسية في هذا الجانب لان الحكومة هي المعنية بالحوار وهي التي ستجني ثمار نجاحه أو فشله واعتقد جازما أن هناك حالة من القبول الشعبي بحكومة الوفاق رغم كل السلبيات التي تحيط بها والظروف الاستثنائية التي جاءت فيها،ولكن هذا القبول والتأييد قد لا يستمر في حال ظلت الحكومة مشلولة الإرادة وعاجزة عن تنفيذ البرنامج العملي الذي حازت بموجبه على ثقة البرلمان.
فاليوم المطلوب من رئيس الوزراء تجسيد مبدأ الوفاق في توجيهاته وتصريحاته وكل ما يتعلق بمهامه ذات الطابع الرسمي ، تاريخه النضالي محفوظ له ومكانته السياسية حاضرة وعليه أن يحافظ على كل ذلك من خلال حفاظه على الوفاق والتوافق وعمله على متابعة الوزراء لانجاز المهام الموكلة لكل واحد منهم أولاً بأول دونما ترحيل أو انتقاء.
نريد من وزير الخارجية ان يعمل على تعزيز العلاقات الثنائية مع الدول المانحة والعمل على خلق شراكة معها لما يخدم البلاد والعباد، نريد تفعيل دور السفارات والقنصليات اليمنية في الخارج مع مراعاة تقليص التمثيل الدبلوماسي في السفارات التي تعاني من تخمة في الكادر الوظيفي، نريد سفراء يخدمون الجاليات اليمنية ولا نريد سفراء لا يخدمون إلا أنفسهم وذويهم، نريد سفارات تنتصر لمظلومية المواطن أو المغترب اليمني في بلاد الاغتراب.
نريد من وزير الداخلية استعادة الأمن وتأمين الطرقات وإنهاء كافة مظاهر التقطع والانفلات الأمني، نريد أن يسهم بحزم في إعادة هيبة الدولة وردع كل من تسول له نفسه إقلاق الأمن والسكينة العامة، نريده أن يضبط إيقاع السجون وإدارات الأمن وأقسام الشرطة ويضع حدا للممارسات الابتزازية والقهرية التي تمارس فيها ليسود النظام.
نريد من وزير الدفاع حصر كافة المعدات والأسلحة الخاصة بالوحدات العسكرية ليسهل التعرف على مصادر تهريبها للعناصر الإرهابية، نريده أن يضع رؤية وطنية لإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية وبما يضمن إنهاء حالة الانقسام الحالية وبما يخدم المصلحة العامة للوطن، نريد منه النظر إلى الأوضاع المعيشية الصعبة التي يكابدها أبناء القوات المسلحة ويعمل على مخاطبة الجهات ذات العلاقة بتحسينها وبما يتماشى مع طبيعة المهام الموكلة إليهم مع مراعاة استبعاد الأسماء الوهمية والأفراد المزدوجين وظيفيا والمنقطعين عن العمل وإنهاء كافة مظاهر وأوجه الفساد المالي والإداري داخل وحدات الجيش واعتماد آلية منصفة لمنح الترقيات والرتب العسكرية.
نريد من وزير المالية أن يقلص من اعتمادات النثريات والمؤتمرات والسفريات وبدل العلاج وشراء الأثاث وغيرها من النفقات غير الضرورية، نريده ان يعمل على إعادة قيمة العملة المحلية من خلال إتباع سياسة مالية حقيقية، نريد أوراقاً نقدية جديدة بمواصفات عالمية بنفس الفئات النقدية السابقة تكون غير قابلة للتلف والعبث، نريد منه أن يطلعنا على حجم الإيرادات الفعلية ونسبة العجز، نريد منه أن ينتصر للوطن والشعب وان لا يجعل من منصبه سيفا مسلطا على البعض منا لتصفية حسابات شخصية أو سياسية، نريد منه التعامل مع الشعب بالشفافية التي عهدناها منه في البرلمان قبل أن يعتلي كرسي الوزارة، نريد منه إصلاح (قربة) الإيرادات المثقوبة التي تتسرب منها ثرواتنا ومواردنا.
نريد من وزير الكهرباء أن يعمل على أن يأتي اليوم الذي ينعم فيه المواطن اليمني بخدمات الكهرباء لمدة 24 ساعة متواصلة دون انقطاع ليضاف هذا اليوم إلى قائمة الأعياد الوطنية المحتفى بها في البلاد، نريده أن يكون صادقا مع نفسه ومع وطنه وشعبه ويسخر كل وقته لتحسين أوضاع الكهرباء وإيجاد بدائل دائمة تضمن استمرار خدمات الكهرباء في حال تعرض خطوط النقل التابعة لمحطة مأرب الغازية لأي اعتداء تخريبي.
نريد من وزير الاتصالات وتقنية المعلومات العمل على تخفيض سعر كلفة الاتصالات المحلية وخدمات الانترنت وتراسل المعطيات والعمل على تأسيس بنك خاص بالبريد اليمني ومواكبة التطورات المذهلة التي يشهدها قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في المنطقة العربية على اقل تقدير، نريد منه الحفاظ على النجاح والتميز الذي حققته الوزارة والقطاعات التابعة لها ونحذره من الانسياق خلف الدعوات المطالبة بخصخصة مؤسسة الاتصالات.
نريد من وزير النقل إعادة الاعتبار للموانئ والمنافذ البحرية لبلادنا والعمل على تحديث وتطوير المطارات في المدن الرئيسية والعمل على تخفيض أسعار تذاكر الرحلات الداخلية والعمل الجاد من اجل القضاء على أوجه الفساد ومكامن القصور في كافة القطاعات التابعة للوزارة.
نريد من وزير الثروة السمكية أن يثبت لنا أننا نملك ثروة سمكية خصوصا أن أسعار الأسماك في بلادنا تدفع البعض إلى الاعتقاد بأننا نستورد الأسماك من الخارج، نريده أن يطلع الرأي العام على حقيقة السفن التي ترسو داخل المياه الإقليمية والتي تتبع قيادات نافذة في البلاد تحتكر اصطياد وتصدير هذه الثروة لحساباتها الشخصية، نريد منه إنهاء عمليات الاصطياد الجائر للأسماك من قبل السفن الأجنبية.
نريد من وزير الصناعة والتجارة ضبط إيقاع السوق اليمنية فيما يتعلق بالأسعار ومنع أساليب الاحتكار والغش التجاري وتفعيل الدور الرقابي للوزارة ومكاتبها والعمل على استقرار الوضع التمويني داخل الأسواق اليمنية مع تقديم التسهيلات والمزايا الصناعات المحلية.
نريد من وزير المياه والبيئة أن تسهم وزارته في إيجاد حلول عملية لمواجهة كارثة الجفاف التي تهدد اغلب محافظات الجمهورية، نريده أن يركز على تشغيل مشاريع المياه المتعثرة لضمان إيصال المياه للمنازل وإنهاء معاناة النساء والأطفال والبهائم الناجمة عن جلب الماء من مناطق بعيدة وكأننا نعيش في القرون الوسطى.
نريد من وزير العدل أن تسود العدالة في عموم أرجاء الوطن ويعمل على وضع لائحة مزمنة بشأن الفصل في القضايا بحيث لا يحق لأي قاض تجاوزها لضمان عدم تراكم القضايا وسرعة الفصل فيها، نريد منه إقصاء القضاة الذين يسيئون للقضاء والعمل على تفعيل جهاز التفتيش القضائي لينعم المواطنون بالعدل ويكون القضاء هو ملاذ المظلومين وأصحاب الحقوق المنتهكة، نريده أن يعزز من استقلالية القضاء وحياديته.
نريد من وزير الأوقاف والإرشاد ترشيد الخطاب الديني وإنهاء التبعية الحزبية للمساجد وتوظيف رسالة المسجد لخدمة الإسلام وتعليم الناس أمور دينهم ودنياهم وما يعزز من وحدتهم وتماسكهم، نريد منه استعادة أراضي وممتلكات الأوقاف المنهوبة والمغتصبة، نريد منه الاهتمام بالمساجد والحرص على توفير كافة متطلبات إقامتها وعدم التفريط في أراضي الأوقاف والتصدي لكافة الدعوات التي تحرض على المذهبية والطائفية من خلال منابر المساجد.
نريد من وزير الإعلام جعل وسائل الإعلام الرسمية معبرة عن تطلعات وأحلام وآمال الشعب اليمني باعتبار هذه الوسائل الإعلامية ملكية عامة، لا نريدها أن تتحول إلى مطبخ للمدح والثناء وتزييف الوعي الجمعي لأبناء الشعب، نريدها مصدرا للحقيقة والمصداقية، نريد منه أن يسهم في تحسين أوضاع العاملين في مختلف الوسائل الإعلامية وان يعمل خلال هذه الفترة على توجيه كافة وسائل الإعلام الرسمية إلى الابتعاد عن المهاترات والتركيز على إنجاح التسوية السياسية وتهيئة الأجواء أمام الحوار الوطني المرتقب.
نريد من وزير السياحة إنعاش النشاط السياحي من حالة الموت السريري والعمل على تجاوز الظروف التي تمر بها البلاد لإعادة الحياة للنشاط السياحي من جديد.
نريد من وزير الثقافة ثورة ثقافية مشهودة ومستمرة على غرار ما شهدته البلاد في العام 2004م على هامش الاحتفال بمدينة شبام عاصمة الثقافة العربية.
نريد من وزير الإدارة المحلية تفعيل دور المجالس المحلية وإعادة النظر في مسألة انتخاب المحافظين ومدراء المديريات نظرا لعدم جدواها وفشلها في نسختها الأولى، نريد منه البحث عن قيادات وطنية شابة ومؤهلة لشغل المناصب القيادية في المحافظات والمديريات مع الأخذ بعين الاعتبار الاستفادة من القيادات التي تمتلك الخبرة وما تزال قادرة على العطاء ، نريد من وزراء التربية والتعليم، والتعليم العالي والبحث العلمي والتعليم الفني والتدريب المهني إعادة النظر في المناهج الجامعية والمدرسية الحالية وإنهاء كافة أوجه الاختلالات القائمة والعمل على إحداث ثوره تعليمية حقيقية يلمس الوطن ثمارها بعيداً عن الواقع المرير لأوضاع التعليم في المؤسسات التعليمية التابعة لوزارتهم والحرص على تحييد هذه المؤسسات التعليمية عن المماحكات والصراعات السياسية والحزبية.
نريد من وزير الأشغال العامة والطرق استكمال مشاريع الطرق المتعثرة وعدم التعامل مع المقاولين الذين أخلوا بالشروط الخاصة بالمشاريع التي أسندت إليهم في وقت سابق، نريد منه طرقات عمرها الافتراضي عشرات السنين لا أسابيع وأشهر، نريده أن يتجه للتعاقد مع الشركات الكورية والصينية لشق وسفلتة الطرقات وتشييد الجسور والأنفاق، نريد من وزير الزراعة أن تقتصر مهمته على دعم المزارعين واستعادة المكانة الزراعية لبلادنا والتركيز على التوسع في زراعة القمح للحد من عملية الاستيراد وإيجاد آلية لتسويق المنتجات الزراعية الفائضة عن حاجة الاستهلاك المحلي والتوسع في إقامة السدود التي تخدم العملية الزراعية.
نريد من وزير الصحة العامة والسكان إعادة الثقة للمريض اليمني بالمستشفيات الحكومية من خلال تحسين مستوى الخدمات الطبية فيها وتزويدها بالكوادر المؤهلة والقضاء على أوجه القصور والفساد فيها والعمل على تفعيل الرقابة على المستشفيات الخاصة ومنع أساليب الابتزاز التي تمارس فيها والعمل على تحسين كافة الخدمات الطبية ابتداء بالتشخيص السليم وانتهاء بوصف العلاج الناجع.
نريد من وزراء حكومة الوفاق كافة أن يقللوا من الكلام ويكثروا من الأعمال فالفترة قصيرة والأوضاع متأزمة والأجندة المتعلقة بعملية الإصلاحات كثيرة جداً والاستحقاقات المرتبطة بالتسوية السياسية كثيرة أيضاً والمطلوب سرعة الإنجاز والابتعاد عن التكاسل والاتكالية، فالحكومة تحت المجهر ونجاحها في المهام المسندة إليها في ظل الإمكانيات المحدودة المتاحة سيدخل الفريق الحكومي التاريخ من أوسع أبوابه.
حفظ الله اليمن واليمنيين وأدام علينا نعمة الوحدة والأمن والاستقرار ولا عاش أعداء اليمن.
مــهــام عـــاجلــــة أمــــام حــكــومـــة الــوفــــــاق
أخبار متعلقة