إن الأزمات التي عاشها وما يزال يعيشها شعبنا حتى هذه اللحظة والتي لم يسبق أن مر بمثلها، ولم تتجمع وتتلاحق مثلما تجمعت وتلاحقت في مثل هذه الايام، من انفلات أمني وتدمير للمنشآت وتقطع للطرقات وتخريب لأسلاك الكهرباء وأنابيب النفط واغتيالات وتفجيرات هنا وهناك، أفرزت عددا من المشكلات والتغيرات الطارئة غير المتوقعة والمتداخلة والمعقدة ما أدى إلى توقف عملية التنمية من خلال هروب رؤوس الأموال المحلية والعربية والأجنبية من البلاد، وبهذا ظلت البلاد تعيش في دوامة الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية، فان لم تكن هناك حلول جذرية وإصلاحات للمؤسسات واختيار الكوادر ذات الكفاءات والخبرات للخروج من هذه المعضلات فلن يكون هناك أمن ولا استقرار ولا استثمار. فالأزمة الاقتصادية التي تعاني منها بلادنا اليوم تمر بأخطر مراحلها وتنذر بعواقب وخيمة قد تصل إلى حد الكارثة على الوطن والمواطن معا. وترك هذه الأزمة تتفاقم وتزداد سوءا وتدهورا يوما بعد يوم إنما هو هدم وتخريب لواقع المجتمع وتهديد لاستقراره وأمنه ما يؤدي إلى إيجاد ثغرات وفجوات تشجع وتفتح الباب أمام السيطرة الأجنبية على القرار السيادي للوطن.فلابد من القيام بالخطوات الضرورية لإيقاف هذا التدهور الاقتصادي والأمني والسياسي الذي ينعكس في النهاية على مستوى الحياة المعيشية للمواطن.وحينما قررت الحكومة الإصلاحات الجديدة التي فاجأتنا بها والتي أضافت بها عبئا ثقيلا على كاهل المواطن برفع الدعم عن النفط ومشتقاته مع تدني دخل ذوي الدخل المحدود وزيادة إفقار المعدمين بحيث لا يكونون قادرين على الإيفاء بمتطلبات حياتهم المعيشية اليومية الضرورية، فان هذا سيؤدي إلى عدم الاستقرار النفسي والمعيشي وهذا يعني أن عددا كبيرا من الذين لا يقدرون على شراء حاجياتهم الأساسية سيتضاعف يوما بعد يوم ما يؤدي إلى المجاعة ناهيك أن عددا كبيرا من المواطنين لا يعملون مما يجعلهم يكتوون بنارين نار الغلاء ونار البطالة وهذا أيضا يؤدي إلى المزيد من تراكم الأزمات والمشكلات وهكذا ترى البلاد في عدم استقرار وقلق وفوضى متواصلة.وبما أن الاستثمار في البلاد اليوم شبه مشلول في أكثر المجالات الحيوية المهمة مما يعني زيادة معدل البطالة بين الشباب خصوصا الخريجين منهم وانهيار قطاعات الاقتصاد وتفككها مما يجعلنا مع مرور الوقت نعتمد اعتمادا كليا على ما يجود به العالم الخارجي علينا من مساعدات ومعونات ومنح وهبات وقروض ميسرة، وهذا مؤشر خطير ينذر بخطورة الوضع الاقتصادي في بلادنا.فغياب الدولة وفرض سيادة النظام والقانون أيضا له آثاره السلبية الكبيرة على نواحي الحياة ومن ضمنها تأثيره على الجانب الاقتصادي. فإن لم يكن هناك دولة حقيقية تحمي حقوق وممتلكات المواطن فإنه لن يكون قادرا على استغلال كل طاقاته وقدراته بشكل أفضل، بل سيضطر إلى تقليص تلك القدرات حتى يمكنه حمايتها بنفسه نتيجة غياب الدولة عن حمايته. وهذا يؤثر على نمو الاقتصاد في البلاد، ومثل ذلك المستثمر العربي والأجنبي.فحماية الملكية الخاصة للمواطن والمستثمر على حد سواء عنصر أساسي لاستقرار الاقتصاد الوطني ونموه وازدهاره.وللأسف فإن خدمات الدولة لا تزال في تدهور مستمر هي الأخرى ونفقاتها تزداد وتتضاعف باستمرار ولا مردود يذكر لتلك النفقات، وكل هذا يتحمله المواطن المغلوب على أمره.فإن ظلّت الأوضاع على ما هي عليه داخل المجتمع فإن الفساد المالي والإداري والقضائي سيزداد اتساعا بالإضافة إلى ضياع الحقوق وغياب العدل والعجز المستمر في ميزانية الدولة وإفلاسها من العملات الصعبة، وهذا يؤثر بدوره على قدرات البلاد في عدم الحصول على ما تحتاجه من السلع الضرورية المستوردة مما يزيد الأمر سوءا وتعقيدا، فيحتم علينا الإيمان بأهمية الاقتصاد كأساس للأمن والاستقرار باعتباره الوجه الآخر للسياسة الثابتة والمستقرة.
|
آراء
اقتصاد مستقر = سياسة ثابتة
أخبار متعلقة