أفرز الواقع الأليم الذي أطلَّت فيه الفتن وشهرت الطائفية سيفها وغُيِّبَ فيه دور كثير من العلماء الربانيين وطلبة العلم المتمكنين بروز المُتَعَالِمين الذين يزعمون الدفاع عن دينهم ونشر سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم إلا ان جهودهم أثمرت بالفعل ثماراً خبيثة تمثلت بتفريق وضياع وتشتيت الأمة الإسلامية فقبل نصف قرن كان المجتمع يعرف مرضًا واحدًا يمكن علاجه ألا وهو الجهل والأميّة أما اليوم فانتشر مرض جديد مستعص لا يمكن علاجه ألا وهو التّعَالُم . ومصطلح التّعَالُم مصطلح جديد لم يعرف قديما في عهد السلف وهو ادعاء الشخص أنه عالم في امور الدين وأنّه حامل فقه السنة والكتاب وأهل الحديث والفتوى في كل باب وهو في الحقيقة ليس بعالم ولم يسبق له أن تلقى العلم عن العلماء وإنما تلقى العلم عبر الكتب والمطالعة فقط وليس عنده قواعد علمية يبني عليها وإنما يطالع في الكتب ويمشي على فهمه وقد يكون ما يخطئ فيه أكثر مما يصيب فالمُتَعَالِمون يقولون مالا يعلمون ويهرفون بما لا يعرفون فنجد دائما المتعالم يتكلم فيما لا يحسنه ويترك الأخذ عن مشايخ العلم ويتكلم بقضايا يجتمع حولها كبار العلماء من أجل البت فيها يتكلم بها هكذا من أم رأسه دون تروٍّ ودون نقل عن العلماء المتقدمين أو المتأخرين. وللتعالم أضرار وخيمة ومفاسد جسيمة منها زرع الكراهية والأحقاد والاختلاف بين الناس في الرأي وأيضا الاقتتال فيما بينهم وانتشار ظاهرة الارهاب وتراجع في المستوى الإيماني وزعزعة الصف الإسلامي. ولعل المتابع لبعض الفتاوى والمحاضرات الصادرة عن الشباب المتعالمين والتي تحرم ما هو حلال وتحلل ما هو حرام وتهاجم وتجرم وتكفر البعض في بعض الامور تؤكد ان المتعالم خطر على نفسه وخطر على الناس لأنه يتلاعب بدين الله عز وجل والتلاعب بالدين أشد من التلاعب بالأبدان فيجب على هؤلاء المتعالمين أن يتقوا الله وأن لا يقولوا على الله او الرسول بغير علم وأن يتعلموا قبل أن يتكلموا والا ينزلقوا في لحن القول فالعلم ميراث الأنبياء تركوه أمانة في كنف العلماء. وما يجدر الاشارة اليه ان التّعَالُم طال حتى المنقول من الحديث الشريف تحريفا وانتحالا وتلفيقا وكذبا ونجد ان الناس تغتر لما تسمعه من كلمات المتعالم المنمقة التي تؤثر على الفكر والكتاب، قال قتادة رحمه الله «من حدث قبل حينه افتضح في حينه» ولقد عدّ الله تعالى التقول عليه بلا علم جرما عظيما وإثما جسيما فقال تعالى: { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}. فإذا كان المتعالمون لا يتورعون ولا من الله تعالى يستحون ولا من عاقبة يخافون فيجب على العلماء مواجهتهم وفضحهم امام الناس والتحذير من السماع لهم والحجر عليهم درءاً لما فيهم من شرور .
|
آراء
التلاعب بالدين أشد من التلاعب بالأبدان
أخبار متعلقة