تحقيق / دنيا الخامريفي عالمنا العربي لا توجد تشريعات تحمي المرأة وتضمن لها حقها إذ طغت عليها أولويات أخرى محل الاهتمام وغابت القوانين التي تكفل للمرأة حقها وتحميها من العنف الممارس ضدها سواء كان السبب الرئيسي وراءه الرجل أو عوامل أخرى..فالأمم المتحدة ترى أن العنف ضد المرأة يمثل عقبة أمام تحقيق المساواة والتنمية والسلم, وإن على الحكومات إدانة العنف ضد المرأة وعدم التذرع بأية حجج كالأعراف والتقاليد أو الاعتبارات الدينية. كما تقع عليها مسئولية تنقيح قوانينها الوطنية بحيث تتضمن جزاءات جنائية أو مدنية أو جزاءات عمل بحق من يمارسون العنف ضد المرأة. ويجب عليها أن تعيد النظر في تحفظاتها بشأن اتفاقية (السيداو) وأن تمتنع عن استعمال العنف ضد المرأة وتحقق في كافة ممارسات التعذيب التي ينفذها موظفوها وتحاسب المسئولين عن هذه الممارسات.الآثار الاجتماعية والاقتصاديةيؤدي العنف الممارس ضد المرأة إلى تكبّد تكاليف اجتماعية واقتصادية ضخمة تخلف آثاراً عديدة على المجتمع، فقد تعاني النساء من العزلة وعدم القدرة على العمل وفقدان الأجر ونقص المشاركة في الأنشطة المنتظمة وعدم التمكن من الاعتناء بأنفسهن وأطفالهن إلا بشكل محدود.تناقضات مختلفة- يقول أحد الباحثين عن العنف بأنه: "الاستعمال غير القانوني لوسائل القسر المادي أو البدني ابتغاء تحقيق غايات شخصية أو اجتماعية على أنه في جوانبه النفسية يحمل معنى التوتر والانفعال ويسهم في تأجيجها داخل الفرد أو الجماعة عوامل كثيرة أبرزها هذا العالم الحديث المنقسم على نفسه والذي يعيش فيه إنسان اليوم، عالم التناقضات السياسية والاقتصادية والعقائدية".عمل همجي ينسب لفاعلهوكان للشيخ خالد سعيد محمد فارع مرشد ديني وخطيب جامع السيدة زينب م/ البريقة رأي حول ظاهرة العنف ضد المرأة حيث قال: إن الإسلام أعطى للمرأة مكانة عظيمة ومنزلة رفيعة لم يعطها دين من الأديان ولا أي نظام أو دستور أرضي في الدنيا كلها، فالنساء شقائق الرجال والمجتمع ينقسم إلى قسمين المرأة هي نصفه الثاني وهي التي أنجبت النصف الأول وتعتبر المرأة مساوية للرجل في فضائل الأعمال عند الله سبحانه وتعالى.وأضاف: "أن الإسلام يرفض العنف بكل أنواعه وأشكاله وأكثر ما يرفضه هو ضد المرأة والطفل لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: " إنما ترزقون بضعفائكم"، وقوله أيضاً: "أخرج عليكم الضعفاء المرأة والطفل". فالعنف ضد المرأة عمل همجي ووحشي ينسب لفاعله ولا تقره عدالة السماء المتمثلة في الإسلام .تلبية تطلعات المرأة اليمنيةوتحدثت معنا الأخت هدى الصراري محامية ومدير تنفيذي لمؤسسة الوضاح للحوار والتنمية حول مشهد المرأة اليمنية من العنف الممارس ضدها حيث قالت:للأسف تتعرض المرأة اليمنية لشتى أنواع العنف الممارس ضدها إزاء سكوت الجهات المعنية والمخولة بحمايتها في ظل انعدام الأمن في المجتمع وانشغال الدولة والمنظمات الحقوقية بمخرجات الحوار الوطني والوضع الراهن في البلاد.وفي ظل تنوع أشكال العنف الذي تتعرض له المرأة يبرز أخطر أنواع العنف ألا وهو العنف الأسري الذي يعد الأخطر بسبب عدم وجود إحصائيات وأرقام له وأمام عجز الجهات الأمنية اتخاذ أي إجراء قانوني ضد مرتكبيه لأن من يرتكبه هو من العائلة أكان الأب أو الزوج أو الأخ كما أن المرأة لا تستطيع الإبلاغ عنه حتى لو أبلغت لا تتخذ الإجراءات اللازمة تجاهه.وأضافت الصراري: لا نؤيد صمت المرأة تجاه ما تتعرض له من عنف أياً كان نوعه وعليها أن تقف وتواجه مرتكبه باتخاذها الإجراءات القانونية ضده بالإبلاغ عنه في أقسام الشرط أو النيابة كما أن على المرأة التي تعرضت لعنف خصوصاً العنف الجسدي الكشف في مراكز الطوارئ وعمل تقرير طبي يؤكد حقها عند مطالبتها به أمام السلطات المعنية، لأنه بسكوت المرأة عن العنف المرتكب ضدها سوف يتفاقم ويزداد ويتساهل مرتكبه ويتمادى بارتكابه ضدها.وتتابع قائلة: هناك طرق عديدة بإمكان المرأة أن تسلكها عند تعرضها لشكل من أشكال العنف كاتخاذها مثلاً الإجراءات القانونية التي تبدأ بالتبليغ وتنتهي بالمحاكمة والحكم لها وتعويضها التعويض العادل ومعاقبة مرتكب العنف أياً كانت صلته بها.وكذلك بإمكانها أن تلجأ للمساعدة النفسية أو الاستشارة التي تقدم من مراكز الاستماع النفسية كمركز الاستماع في اتحاد نساء اليمن الذي يعد أول مركز استماع في م/عدن والذي يحيل إلى الخدمات النفسية أو القانونية أو الاستشارات، المهم لا يجب السكوت عن العنف الممارس ضدها أياً كان شكله وأياً كان شخص الذي يمارسه ضدها.وختمت حديثها معنا بقولها: نتمنى للمرأة اليمنية في الوقت الراهن أن تتحلى بالقوة والشجاعة التي عهدناها عليها وأن تناضل في أخذ حقها كما نتمنى أن تلغى جميع النصوص التمييزية في القوانين اليمنية التي تجعل المرأة في المرتبة الثانية دائماً وأن يلبي الدستور الجديد كافة تطلعات المرأة اليمنية وأن تتبوأ جميع مراكز صنع القرار أكان في القضاء أو السلطة التنفيذية وأن تكون مشاركة المرأة مناصفة إلى جانب أخيها الرجل وأن تنعم بالأمن والأمان في ظل دولة مدنية حديثة يسودها القانون والرخاء. كما نتمنى من القيادة السياسية أن تلفت عنايتها تجاه تعليم الفتاة خصوصاً الفتاة الريفية ومكافحة تسرب الفتيات من التعليم وتحسين المناهج التعليمية التي تكرس ثقافة الدونية للمرأة وتشجع الهيمنة الذكورية وأن تكف من يمارسون الخطاب الديني المتشدد الذي يعمل على تقويض بناء أهم عنصر في المجتمع ألا وهو المرأة.عوامل تؤدي إلى العنفمن عوامل الخطر التي تؤدي بالفرد إلى اقتراف العنف ضد المرأة هو تدني مستوى التعليم، والتعرض للإيذاء في مرحلة الطفولة أو شهادة حالات من العنف المنزلي الممارس ضد المرأة، وتعاطي الكحول على نحو ضار، والسلوكيات التي تميل إلى تقبّل العنف، وعدم المساواة بين الجنسين. ومعظم هذه العوامل تمثل أيضاً عوامل خطر تسهم في إيقاع المرأة ضحية للعنف الذي يمارسه ضدها شريكها المعاشر أو العنف الجنسي الممارس ضدها.نساء على الهامشأم صالح: طلبت الطلاق بسبب حبه الزائد لي والمبالغ فيه والذي وصل أحياناً إلى الضرب والتعنيف.الأخت أسماء: للأسف تزوجت شخصاً همجياً لا يعرف أن يتعامل مع أنثى ولولا خوفي من أهلي لطلبت الطلاق علماً أنني عروس جديدة.(هـ.ف): أهم شيء في العلاقة الزوجية هو الاحترام المتبادل إذا ضاع يفقد نسبة كبيرة من الاستمرارية.أم محمد: أنا لا أريد شيئاً سوى أن يسمح لي أهلي باختيار حياتي كما يجب فهم يتدخلون بكل صغيرة وكبيرة ويتحكمون بي وبمستقبلي حتى إنهم يريدون مني أن أتزوج بعد إكمالي للثانوية العامة.امرأة حرة: نريد حياة مبنية على قيم إنسانية واجتماعية حديثة، قائمة على مبدأ الحقوق المتساوية في جميع المجالات، وعلى مبدأ الاختيار الحر والتشارك التام في جميع شؤون الحياة.أسئلة تتكرر وتعيد نفسهامتى سنشهد الحلول حول قضية العنف ضد المرأة وما الذي يعرقل صدور قوانين تحمي المرأة من العنف وتحفظ لها كرامتها؟! وحتى تتخلص المرأة اليمنية خاصة والمرأة العربية بشكل عام من معاناتها ورضوخها المستمر، إذ أن بعضهن يتعرضن للتهديد بمنعهن من مشاهدة أولادهن إذا فتحن فمهن حول ما يتعرضن له وبالتالي الرهبة والخوف يتملكان حياتهن ويتخذن الصمت بديلاً عن الصراخ وطلب المساعدة.. فبسبب العنف تفقد المرأة ثقتها بنفسها ويزيد إحساسها بالاتكالية والاعتمادية على الرجل، ويزيد شعورها بالإحباط والكآبة وإحساسها بالعجز وبالإذلال والمهانة وعدم الشعور بالاطمئنان والأمن النفسي وتتعرض لاضطراب في الصحة النفسية وفقدانها الإحساس بالمبادرة واتخاذ القرار.لا يزال في الأفق بصيص أملكوننا نساء فلن نيأس بأن نتأمل وننظر إلى المستقبل بعين مشرقة تبعث في وجوه بعض النساء التفاؤل وتملأ شفاههن بسمة الراحة والأمان بعد حرمان ربما دام لأيام وربما دام لأعوام.. وحتى يتخلصن من عيشهن خلف حاجز الصمت عليهن أن يلجأن لأي جهة أو منظمة تهتم بحقوق الإنسان والشكوى مما يعانين منه حتى يتم تخليصهن من العنف ويبدأن حياة جديدة وواقعاً جديداً بعيداً عن الخوف وعن العنف وعن الاضطهاد، وعلى النساء المعنفات ضرورة اللجوء إلى المحكمة والأجهزة الإدارية لتقديم الشكاوى والدفاع على حقوقهن وعن كرامتهن الإنسانية وكسب الثقة في أنفسهن والتخلص من الخوف الذي يحيطهن في بعض الأحيان، كما نتمنى أن نرى في المشهد القادم لمستقبل اليمن تحسينات تخص أوضاع المرأة سواء في القوانين أو نيلها للمراكز القيادية حتى تكون شريكاً فعالاً يخدم المجتمع ويرتقي به.
|
ومجتمع
غياب آليات وقوانين تكفل للمرأة حقوقها..
أخبار متعلقة