وهيبة العريقيتعكس الرغبة في تأجيل الإنجاب روح التحلي بالمسؤولية من قبل الزوجين وحرصهما على التنشئة والتربية الجيدة للأطفال، وهذا المعنى يفسر جوهر مصطلح « تنظيم الأسرة»، بل أنه المعنى المرادف له.ولكن، أيٍ من وسائل تنظيم الأسرة الملائمة يمكن أن يقع عليها الاختيار بأقل قدرٍ من العوارض؟ على حيثيات هذه القضية بما تضمنته من تساؤلات نوعية، اعتبرت الدكتورة/ هدى علي سليمان الكَوْرِّي- استشارية أمراض النساء والتوليد، أن المشورة في تنظيم الأسرة أو الاستشارة الطبية- كما يسميها البعض- أمرٌ يوحي بعقلانية صرفة لا يجانبها خطأ أو مشكلة، إذ توصل الزوجين لاختيارٍ موفقٍ لوسيلة تنظيمٍ آمنة للإنجاب؛ تستعمل إلى وقتٍ تكون فيه الأم مهيأة صحياً ونفسياً لحملٍ آخر..ومنطلق أهمية تنظيم الأسرة؛ تقول الدكتورة/ هدى الكَوْرِّي: إنها خط الحماية الأول للأمهات الذي لا تضاهيه شيء في جعلهن بمأمنٍ من مخاطر تقارب الأحمال والولادات، الأمر الذي يفرض على المجتمع - لأهميته- التزود بالمعلومات والمعرفة الكافية.واعتبرة التنظيم بالمعنى العمومي: بأنه يعني التخطيط للمستقبل، وإذا ما قصد به أن يكون للأسرة؛ فيعني أن يقوم الزوجان بتخطيط توقيت إنجاب الأطفال والمباعدة بينهم لفترة زمنية بحسب الأولويات الاجتماعية والإنجابية، بما من شأنه تحقيق السعادة والصحة الجيدة للزوجين وللأطفال أيضاً.وما يعد جديراً توضيحه من فوائدها الصحية لتنظيم الأسرة- وفق ما ذكرته الدكتورة فاطمة الأكوع اختصاصية أمرض النساء والتوليد- أنه يقلل وفيات الأمهات بسبب الحمل والولادة، ويعطي الأم فرصتها للإرضاع الطبيعي واستعادة صحتها بعد الحمل السابق مع تجنب الحمل غير المرغوب فيه، لافتةً إلى أنه يتيح للطفل الحصول على حقه الكامل من الرضاعة الطبيعية والعناية والتربية السليمة. وأضافت الدكتورة/ فاطمة الأكوع أنه ليس من الجيد - قطعاً- اختيار وسيلة من وسائل تنظيم الأسرة بعشوائية، فكل ما يقع عليه اختيار المنتفعة من هذه الوسائل لا يعني أنها ستناسبها - مهما بدت جيدة في نظرها- وذلك حتى لا تقع في الخطأ عند الاستخدام أو قد لا تكون ملائمة للمنتفعة بعد تجربتها.وتؤكد الدكتورة/ يُسرى إسماعيل مريط- اختصاصية أمراض النساء والتوليد على أهمية المشورة الطبية وعلى ضرورة أن تلتمسها المنتفعة من مقدمة الخدمة(طبيبة- قابلة) قبل الشروع في استخدام أي وسيلة شاءت اختيارها لتنظيم الأسرة، لأن العمر له حكمه وأيضاً الإصابة بالأمراض. فالمشورة أو الاستشارة- كما ذكرت الدكتورة/ يُسرى مريط- تساعد على الاختيار الموفق للوسيلة المناسبة وشرح طريقة الاستخدام أو التعامل، وتوضيح نسبة نجاح وفاعلية الوسيلة ومشاكلها والأعراض الجانبية المترتبة على ذلك، وما يجب عمله إذا وجدت المنتفعة في وسيلة تأجيل الإنجاب مشكلة أو ظهرت لديها مضاعفات تفرض اللجوء مباشرة إلى الطبيبة ووقف استخدامها.كذلك تتيح هذه المشورة الحصول على المعلومات اللازمة حول جميع الوسائل المتاحة لاختيار الأنسب منها، وتشمل وسائل كثيرة حددت واعتمدت منها وزارة الصحة العامة والسكان:--1 الحبوب الفموية: بنوعيها:- الحبوب الأحادية الهرمون.- الحبوب الهرمونية المركبة.-2 وسائل هرمونية عن طريق الحقن: وهي نوعان:-- حقن أحادية الهرمون .- الغرسة: وتركب في أعلى الذراع تحت الجلد.-3 وسائل أخرى: تتمثل في:- اللولب.- الواقي الذكري.- الواقي الأنثوي.وترى الدكتورة/ يسرى بأنه لا بد أن يكون التوافق حاضراً بين الزوجين بما يحقق اختياراً ملائماً لوسيلة تنظيم الإنجاب؛ ليكون مكتمل الأوجه ويحظى بتفهم الزوج وقناعته بمعية نيله نصائح وإرشادات صحية تفيده وتفيد زوجته، مما يتطلب حضوره جلسة المشورة؛ سواءً بالمرفق الصحي أو في عيادة الطبيبة المتخصصة.إن الالتزام بقواعد وشروط الاستخدام لوسيلة تنظيم الأسرة المناسبة هو ما يحقق أقصى درجات الحماية والأمان. وفي حقيقة الأمر أن ما يُناسب امرأة من وسيلة لتنظيم الأسرة ليس بالضرورة أن يناسب نساء أُخريات حتى لو بدت الظروف الصحية متشابهة. غير أن النساء اللواتي يستخدمن حبوب تأجيل الإنجاب دون الالتزام بشروط استخدامها قد يتأثرن ببعض العوارض جراء هذا الاستخدام، والأنسب لهن تلقي المشورة من مقدمة خدمات الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة.وتشير الدكتورة / هدى الكوري إلى أن استخدام الحبوب يبدأ اعتباراً من اليوم الأول أو الخامس لنزول الدورة، مع الاستمرار في استخدامها بحسب مؤشر الاستعمال المبين على شريط الحبوب المؤلف من(21) حبة، ومن ثم يتم التوقف لسبعة أيام قبل البدء باستخدام شريط حبوب آخر جديد.بينما إذا كان الشريط يتألف من(28حبة)- أي شريط حبوب تنظيم الأسرة الخاص بالمرضعات- فعندها يجب الاستمرار في تناول المنتفعة لهذه الحبوب في وقتٍ محدد وبلا توقف حتى أثناء الحيض. من جانبها، حذرت الدكتورة/ إيمان رجب- اختصاصية امرض النساء والتوليد، من مغبة الاستخدام العشوائي للحبوب، مضيفةً أنه لا يليق صحياً بالمنتفعة عدم التقيد بالتعليمات الصحية عند استخدامها؛ بتناول حبة واحدة في يوم وترك تناول الحبة التي تليها في اليوم التالي، لأنه لجوء وتصرف خاطئ ليس مضموناً لتأجيل الإنجاب، ويترتب عليه أضرار كثيرة؛ مثل: اضطرابات الدورة الشهرية، حدوث النزيف وكذا التعرض لحدوث الحمل غير المرغوب فيه.وبالمقابل،هونت الدكتورة/ إيمان رجب، من بعض العوارض لدى البعض من جراء تناول المنتفعة لحبوب تنظيم الأسرة، وأن لا داعي للتوقف عن استخدام حبوب تأجيل الإنجاب إذا ظهرت كمية قليلة من الدم في غير ميعادها الطبيعي أثناء الثلاثة الأسابيع على تناولها، وإنما يكون الاستمرار في تعاطيها دون توقف حتى اكتمال الشريط ؛ لأن القليل من نقط الدم تتوقف- عادةً- بشكلٍ تلقائي.لافتةً إلى أن كمية الدم إذا كانت تماثل في حجمها حجم دم الحيض؛فإنه يجب في هذه الحالة استشارة الطبيبة.بهذا القدر من التفاصيل عن حبوب تنظيم الأسرة وشروط استخدامها، نقف - في الختام- على وسيلة فعالة من وسائل تنظيم الأسرة، وهي الغرسة (امبلانون)، حيث تعتبر إحدى وسائل تنظيم الأسرة العالية الكفاءة، وتوضع تحت الجلد في القسم العلوي من الذراع.بينما تبدو مزاياها متعددة؛ وفاعليتها طويلة الأمد لا تؤثر على الخصوبة - مطلقاً- بعد نزعها عن ذراع المنتفعة.ولكن- بالمقابل- لها بعض الأعراض الجانبية؛ مثل: النزيف غير المنتظم، آلام بالبطن، الدوار والغثيان.
المشورة الصحية.. وفاق بين الزوجين لتنظيم الأسرة
أخبار متعلقة