عبدالكريم سلام المعروف باسمه الحركي صالح عبدالكريم، انتقل إلى جوار ربه في 13 يونيو 2013م رحل عنا بصمت ودون ضجيج حتى دون نعي من منظمته (منظمة مناضلي الثورة) التي لا تزال في صمتها وتجاهلها لهذا المناضل حيا وميتا.. مات وهو يتطلع إلى إنصاف قضيته ومشاكله المعيشية والمرضية التي داهمته مؤخرا وغاب الوفاء في التعاضد والتآلف بين الرفاق.علمت برحيله حينما عدت من مهمة خاصة من صنعاء عبر شقيقتي التي أخبرتني بهذا النبأ الصاعقة حيث لم يمر على لقائي به أسبوعان في مقر اعتصامه المشهور بجانب محطة الرضا لبيع المحروقات بالمنصورة.كنت دائما أتردد للقاء به كل عام عند عودتي لقضاء الإجازة من دمشق حيث أقيم فيها منذ سنوات كنائب للأمين العام لنقابات العمال العرب، كنت أتبادل معه الحديث حول الوضع العام في اليمن وأحوال الناس والسياسة ونتحدث حول حالة البؤس التي يعيشها المواطن اليمني وكذا الفساد الذي ينخر في جسم الوطن وكانت له نظرة ثاقبة أن نظام الفساد والظلم مآله إلى الزوال، طال الزمن ام قصر.فقيدنا مناضل من طراز مختلف في منتهى الاستقامة ودماثة الأخلاق التي تنم عن تربية قلما تجدها في الكثير من رفاق دربه.. كان مثقفا من نوع راق يحمل فكرا نظيفاً ومرتبا في شتى المجالات في الأدب والفكر والعلوم الاجتماعية.كان مناضلا صلبا صعب المراس في مرحلة الثورة وحرب التحرير وكان صلبا لا تلين له قناة في سبيل الحق انتصارا للمظلومين والمقهورين إلا أن غدر الرفاق أبى إلا أن يطاله نظرا لصراحته وشجاعته ومواجهته القوية للمتخاذلين والنفعيين فتكالبوا عليه مستغلين مساهمته وتبنيه للانتفاضات الفلاحية في م/ عدن (بير احمد) وحدوث بعض الأخطاء أثناء التنفيذ الذي اعتبره المتربصون من الأخطاء التي يمكن استغلالها لإزاحته وتم وصفه ونعته باليسار الطفولي وبالتروتسكي، وكان الهدف إبعاده عن العمل السياسي والوطني متذرعين بخطورة الأفكار التي يحملها ..اتهامات مزعومة لا أساس لها من الصحة بعيدة عن الحقيقة والهدف من ورائها تصفية حسابات، لا علاقة لها بالفكر أو السياسة بل تنم عن جهل بالفكر وتصنيفات خاطئة لا تفهم شيئاً وإنما لحسابات سياسية ومناطقية قروية وقبلية .كان الشهيد سالمين الرئيس الأسبق ينظر باهتمام وعطف وتقدير للعناصر الفقيرة الطبقية وخاصة في م /عدن بتبنيها وتشجيعها لخوض مجال العمل الوطني والسياسي وتأهيلها علمياً ودراسيا، لم يكن منه إلا أن تبنى عملية ابتعاثه للدراسة العليا والتأهيل في مجال كان يرغب فيه فقيدنا صالح حيث رغب في التأهيل المهني العالي كمهندس ميكانيكي بعد أن تم إقصاؤه عن العمل السياسي والتنظيمي إلا أنه عاد إلى الوطن بعد أن استكمل دراسته المهنية العليا لأربع سنوات مهندسا ميكانيكياً ليلتحق بعدد من المرافق حيث ط رحاله في مؤسسة المشاريع اليمنية السوفيتية الزراعية وهو أكبر مشروع لتطوير ودعم التنمية الزراعية .وكان في عمله محط إعجاب وتقدير زملائه العمال والموظفين وكان يتبنى مطالبهم ويحل مشاكلهم،ومع بداية انهيار الاتحاد السوفيتي الذي تخلى عن إدارته للمشروع وتم تسليمه للوزارة التي عبثت فيه وبمقدراته وموارده وتفشى الفساد فيه، لم يكن من صالح إلا الوقوف بقوة إزاء تلك الممارسات وإعلانه الإضراب ومن ثم الاعتصام حيث أصرت الوزارة على تصفية المشروع قبل الوحدة وتتصرف بأصوله وممتلكاته للمتنفذين الأمر الذي أضطره إلى طلب إحالته إلى المعاش بعد أن خاض عدداً من الاعتصامات والإضراب عن الطعام كادت أن تودي بحياته لولا تدخلنا طلبنا منه الكف عن الإضراب عن الطعام مع وعود بتصحيح الأمور إلا أننا لم نكن حينها بقادرين على فعل ذلك.وفي تلبية طلبه الإحالة للمعاش فقد واجهنا حينها احتساب خدمته لاستكمال شرط حصوله على التقاعد والذي يتطلب زيادة عدد سنوات خدمته حيث اقترح رفيقه المناضل فضل علي عبدالله حينما كان مسؤولاً عن الضمان التقاعدي أن يضيف سنوات التحاقه بالكفاح الوطني التحرري إلى سنوات عمله إلا أنه باستقامته المعهودة المعروفة انتفض رافضاً رفضاً قاطعاً احتساب العمل الوطني ضمن سنوات عمله الروتيني معللاً موقفه أن العمل الوطني في الكفاح واجب وفرض لا يمكن احتسابه سنوات خدمة ومقايضة بقيمة مادية وأنه يأبى ذلك المقترح جملة وتفصيلاً .هذا هو صالح عبد الكريم كان عفيفاً وكبيراً بحجم الوطن والثورة التي شارك فيها إنه يمثل الاستقامة والأخلاق الثورية التي قلما تجدها عند الكثير من أدعياء النضال الذين يمنون على الشعب بنضالاتهم ويطلبون قيماً مادية مقابل ذلك تتعدى حدود المعقول والمقبول لحياة كريمة.ترك فقيدنا الغالي أسرة مكلومة (زوجة وثلاثة أبناء: عمر وصلاح ومكسيم وثلاث بنات: روزا وحكمت وليزا». لك الخلود ولنا الصبر والعزاء لفقدانك أيها المناضل الجسور والمطلوب أن تنال أسرتك حقها من الرعاية والعيش الكريم لأنك تستحق أكثر من ذلك لأسرتك التي تحملت معك الكثير من العذابات والمعاناة ولنا في سيرتك النقية أسوة ومثل للمناضل الحق.[c1] نائب الأمين العام للاتحادالدولي للعمال العرب [/c]
|
آراء
المناضل صالح عبدالكريم.. في رحاب الخالدين
أخبار متعلقة