عرض / ابتسام العسيري السل أحد أكبر الأمراض المعدية التي تقتل البشر في العالم، فهو من أكبر مسببات الموت بين المصابين بالأمراض المعدية بعد الإيدز، وبصفة خاصة في الدول النامية، حيث ينتشر مرض السل بسبب انخفاض مستويات الدخول والمعيشة، وحيث تغيب نظم الرعاية الصحية المتطورة أو المناسبة..ومأساة السل تنشأ من سهولة انتشار الجراثيم المسببة له عبر الهواء الذي يتنفسه الناس وذلك عندما يقوم أحد المرضى بنشر البكتيريا عند السعال.وتوجد عوامل كثيرة تساعد على انتشار المرض لكن من أهمها وأسهلها علاجا هو سوء التغذية، فنجد أن الأشخاص سيئي التغذية تكون مناعة أجسامهم ضعيفة لا تقوى على مقاومة المرض ولا حتى حصره في مكان العدوى بينما الأشخاص الذين تكون تغذيتهم جيدة ومتزنة ومحتوية على جميع العناصر غذائية فإنهم على الأقل يستطيعون حصر هذه العدوى لأن جهاز المناعة لديهم قوي.إلا أن مرضى الدرن غالبا ما تكون كمية الغذاء أو الطعام المتناولة خلال اليوم الواحد أقل من احتياج الجسم، نتيجة لفقد الشهية وازدياد خطورة سوء التغذية.. فالنظام المتوازن يساعد المريض على تناول احتياجه من البروتينات والفيتامينات والمعادن لمحاربة المرض.كما يعتبر الأطفال المصابون بالدرن الأكثر احتياجا للدعم الغذائي من غيرهم لأنهم يعتبرون في مرحلة نمو قد تتأثر بسبب هذا المرض إذا لم يتم دعمهم بالعناصر الغذائية الملائمة والمتزنة في مرحلة مبكرة من المرض وفقا لاحتياجهم اليومي، الذي يحافظ على معدل نمو مناسب قدر المستطاع.[c1]مسببات وفيات السل [/c]تشير دراسات إلى أن هناك عدة مسببات رئيسية لارتفاع معدلات الوفيات الناجمة عن مرض السل في الدول النامية، السبب الأول هو ضعف إقبال المصابين في الدول النامية على الحصول على العلاج المناسب بسبب سوء فهم طبيعة المرض، إما لعدم توافر المعرفة الدقيقة به، أو بسبب الأساطير المحلية المحيطة بالمرض على أنه غير قابل للعلاج. السبب الثاني هو أنه حتى عندما يتم السعي للحصول على العلاج المناسب فإن تشخيص المرض قد يكون غير مناسب وهو ما يؤدي إلى تأخر اكتشاف الإصابات ومن ثم انخفاض فرص علاجها في التوقيت المناسب. بينما السبب الثالث وهو أنه حتى عندما يتم إجراء التشخيص المناسب للمرض قد لا يوجد التزام كامل من المريض بقواعد العلاج بسبب نقص الوعي وارتفاع مستوى الأمية، وربما لا يتناول المريض العلاج، أو قد يتناوله ولكن لا يكمله حتى النهاية لارتفاع كلفته، هذا إضافة إلى عوامل أخرى مثل ضعف الدعم السياسي لبرامج مكافحة المرض أو نقص التمويل اللازم لبرامج التعامل مع الحالات المصابة.[c1]علاج السل بالغذاء المناسب والمضادات الحيوية[/c]يقول الدكتور الطيب سليمان اختصاصي أمراض صدرية في مستشفى الجمهورية بعدن إن بعض جراثيم السل طورت مناعة لبعض المضادات الحيوية.. هذا الأمر غير ممكن بالنسبة للعلاج بالغذاء المناسب.. أي أن الجراثيم مهما كانت لا يمكنها أن تطور مناعة ضد الأغذية التي تقضي عليها.علاج مرض السل وغيره من الأمراض المعدية مثل أمراض الجراثيم والطفيليات والفيروسات يتطلب إجراء زرع مخبري قبل وصف أي مضاد حيوي لمعرفة نوع الميكروب المسبب للسل، بالإضافة لتجارب على عدد كبير من المضادات الحيوية لمعرفة أي منها هو الأفضل في علاج السل. ولكن في علاج مرض السل بالغذاء ليس هناك ضرورة للزرع أو التجارب لأن تكاثر ميكروبات مرض السل هو ظاهرة من نوع (أنثى قوي = توسع) وهناك بعض الأغذية التي تحمل قوة (ذكر = يانغ) قويا وهذه الأغذية من شأنها أن تمنع تكاثر هذه الميكروبات بشكل طبيعي وسليم وتقضي عليها مهما كان نوعها.وأضاف " المضادات الحيوية تقضي على كل جراثيم الأمعاء حتى الجيدة منها، ولكن الحمية المناسبة تقضي فقط على الجراثيم التي تسبب مرض السل وتترك الجراثيم المفيدة في الأمعاء بدون أذى.وأشار إلى أن الأغذية التي تشكل مضادات حيوية طبيعية وتشفي من مرض السل هي أغذية رخيصة ومتوفرة في كل مكان على عكس المضادات الحيوية والتي بعضها مكلف أو غير متوفر أحيانا.وقال إن أدوية السل الرئيسية هي مضادات (الريفامبسين والازونيازيد والبيرازناميد والايثامبيتول) وهي مأمونة الاستخدام للمرأة الحامل بالإضافة إلى علاج الحقن الاستريتومايسين ، وقد يستمر العلاج باستخدام النظام العلاجي القصير لستة أشهر أو عام كامل لأنه يعطي نتائج شفاء عالية..[c1]الوقاية[/c]أما عن الوقاية يقول اختصاصي الأمراض الصدرية الطيب سليمان " إنه يفضل استخدام مناديل لتغطية الفم والأنف عند السعال أو العطاس وعدم البصق على الأرض في الأماكن العامة والاستمرار في تناول العلاج وفق إرشادات الطبيب.. ومن واجب أفراد المجتمع وأسرة المريض دعم مريض السل من خلال بث روح الأمل في الشفاء وتشجيعهم على إتمام علاجهم وتوعية المصابين بالسل بالأعراض الجانبية المحتملة والمشاركة في الإشراف اليومي المباشر على المصابين وكيفية معالجتهم اليومية وإشراك الأفراد الذين تماثلوا للشفاء لتشجيع المصابين الحاليين بالسل على إتمام علاجهم. وتوسيع التوعية والتثقيف المجتمعي بمخاطر المرض وسبل الوقاية منه. فليس هناك من سلاح ضد المرض إلا بالتوعية والإرشاد والتوجيه والبيان للمواطنين عبر وسائل الإعلام وخطباء المساجد والنزولات الميدانية..[c1]نصائح غذائية [/c]وتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أن ثلث سكان العالم مصابون بمرض الدرن، ومن الأعراض العامة لهذا المرض فقد الشهية، نقص الوزن، ارتفاع درجة الحرارة، التعرق الليلي، الهزال والضعف العام.وفي المرحلة الحادة من المرض فإن الجسم يعمل على مقاومة العدوى وذلك بزيادة عمليات التمثيل الغذائي ما يجبر الجسم على زيادة الطاقة المستهلكة وبالتالي استهلاك البروتين الموجود في الجسم خاصة في العضلات وهذا ما يجعل المريض يصاب بالهزال وفقد الوزن والشهية، وغالباً ما يكون لدى هؤلاء المرضى انخفاض في مستوى الحديد والزنك والسيلينيوم في الدم، وأيضاً نقص في فيتامين د، أ، ج.علاوة على ذلك فإن تفاعل العناصر الغذائية مع دواء أيزونيازيد المضاد للدرن يؤدي إلى نقص فيتامين ب 6 لدى هؤلاء المرضى.واهم الإرشادات الغذائية التي يتعين على المريض إتباعها أثناء فترة المرض هي :أن مرضى الدرن غالبا ما تكون كمية الغذاء أو الطعام المتناولة خلال اليوم الواحد أقل من احتياج الجسم، نتيجة لفقد الشهية وازدياد خطورة سوء التغذية، لذا فإنه من المهم تناول ما بين ( 6- 8) وجبات صغيرة وشاملة على كل المجموعات الغذائية (كمجموعة اللحوم والحليب والخضار والفواكه والنشويات) بدلاً من ثلاثة وجبات كبيرة.-الوجبات يجب أن تكون عالية الطاقة (عالية السعرات الحرارية) والبروتين في المرحلة الحادة من المرض وأن تكون ذات منظر وطعم يفتح الشهية.- تناول المصادر الغنية بالبروتين مثل اللحوم الحمراء والدواجن والسمك والحليب ومشتقاته والبيض وغيرها.- أما عن كيفية زيادة السعرات الحرارية في الطعام فهناك عدة طرق منها: إضافة زيت الزيتون على السلطة أو اللبنة أو الزعتر أو الخضار المطبوخة، استخدام الزبدة في طهي المعكرونة والأرز والبطاطس، إذابة العسل بالحليب وشربه.- تناول لا يقل عن ثلاثة أكواب من الحليب المبستر أو اللبن أو الزبادي يومياً حتى يمد المريض بالكالسيوم وفيتامين د وأيضا تعريض المريض لأشعة الشمس بمعدل ربع ساعة يوميا تمده باحتياجه من فيتامين د.- يوجد مكملات غذائية عالية الطاقة والبروتين ومتزنة الفيتامينات والمعادن قد تؤخذ بين الوجبات تمد المريض باحتياجاته الغذائية ولكن يوصى بأن تكون تحت إشراف اختصاصي تغذية علاجية.- قد يحتاج المريض إلى تناول المصادر الغنية بفيتامين ب 6 إذا تناول عقار ايزونيازيد Isoniazid مثل الكبد 5 وحبوب القمح والبقوليات والبطاطس والمنتجات الحيوانية وغيرها.- شرب ما بين(6-8) أكواب يوميا من الماء نتيجة لما يفقده المريض من سوائل (من التعرق والسعال).- توفر الحمضيات والفواكه والخضراوات الطازجة مصادر غنية بفيتامين ج وفيتامين أ، ويعتبر الزنك مادة ضرورية للمحافظة على نظام مناعي قوي للجسم ومن المصادر الجيدة له الصدفيات المائية ولحم الهبر والزبادي وحبوب الإفطار والخبز المعزز به.[c1]مرض الفقراء [/c]من كل ما تقدم نقف أمام مأساة حقيقية، فإذا كان لنا أن نطلق وصفا على مرض السل فإن أفضل وصف يمكن أن نطلقه عليه هو أنه "مرض الفقراء"، فبسبب الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع نسبة الفقر وانتشار الأمية والبطالة و البناء العشوائي علاوة على أن مرضى السل غالبا ما يعيشون في الأحياء الفقيرة المزدحمة التي تفتقر إلى إمدادات مياه الشرب أو توصيلات المجاري، تقل القدرة على الحصول على التغذية المناسبة، و حرمان هؤلاء الأفراد من حقوق العمل والسكن يحرمهم من الوصول إلى الغذاء المناسب فضلا عن افتقادهم الرعاية الصحية المناسبة، فالدراسات تثبت كما تقدم أن تحسن نوعية الغذاء المتاح للمرضى وكذلك زيادة فرص العمل تؤدي إلى خفض نسب الإصابة بالمرض بصورة كبيرة، مثلما حدث في الدول المتقدمة.
مرضى السل.. مأساتهم في غذائهم
أخبار متعلقة