عالم الصحافة
قال الكاتب الإسرائيلي «تسفي برئيل» في مقال نشرته صحيفة «هاآرتس» العبرية أن قضاة مصر الذين لطالما دافعوا عن الإخوان المسلمين أصبحوا الآن أعداء نظام الإخوان، مشيراً إلى أن القضاة الذين أخلوا سبيل آلاف المعتقلين السياسيين واعتمدوا تعيين مرسي كرئيس يجدون الآن أنفسهم ملاحقين من قبل نظام الإخوان المسلمين، لدرجة أن أحد القضاة بات متهماً بالخيانة العظمى.وأضاف الكاتب أن الإخوان المسلمين الذين كانوا سعداء في انتخابات مجلس الشعب 2005 التي اكتسحوا فيها 88 مقعداً في البرلمان هللوا للقضاة قائلين «يا قضاة، يا قضاة، أنتم أملنا بعد الله»، مشيراً إلى أن الإخوان المسلمين ليسوا الوحيدين الذين حققوا نصراً في تلك المعركة وإنما قضاة مصر أيضاً الذين أشرفوا على الانتخابات والذين أصبحوا رمزاً للوقوف أمام النظام ومحاولاته لإسقاط مرشح الإخوان وكانوا درعاً أمام النظام وتسببوا في تحطيمه في انتخابات 2010.وتابع الكاتب بأن حسني مبارك ألغى في حينه الإشراف القضائي على الانتخابات، وبناء عليه لم يدخل أي مرشح إخواني البرلمان في انتخابات 2010، ثم جاءت الثورة ووصل الإخوان إلى سدة الحكم.وتعجب الكاتب قائلاً: لكن ها هم نفس القضاة الذين أمروا بإطلاق سراح آلاف المعتقلين السياسيين الذين ينتمي الكثير منهم لجماعة الإخوان المسلمين، وكذا الذين ألغوا الحظر المفروض على إقامة حزب يستند إلى برنامج ديني ووقفوا إلى جانبهم أيضاً أمام المجلس الأعلى للقوات المسلحة واعتمدوا تعيين المرشح «محمد مرسي» كرئيس، أصبحوا الآن عدو النظام الجديد.وأضاف أنه قبل أقل من أسبوعين خرج الإخوان المسلمون والحركات السلفية بمظاهرات حاشدة تحت عنوان «دعوة لتطهير القضاء»، وهي التظاهرة التي أدت إلى إصابة أكثر من مائة شخص وتضمنت شتائم للقضاة، لاسيما رئيس نادي القضاة أحمد الزند، والذي رفعت ضده دعوة تتهمه بالتحريض على النظام.وأردف الكاتب بأن التوتر بين القضاة والإخوان المسلمين تزايد في الأسابيع الأخيرة بعدما قرر النائب العام «طلعت عبد الله» الذي عينه مرسي والذي يواصل عمله رغم قرار المحكمة بأن النائب العام السابق «عبد المجيد محمود» تمت إقالته دون مبرر- قرر تقديم دعوى أخرى ضد الزند بتهمة «خيانة الوطن والاستقواء بدول أجنبية».وأضاف الكاتب أن «الزند» بحسب الدعوى طالب الرئيس باراك أوباما بالتدخل لحماية قضاة مصر ودعا منظمات حقوق الإنسان الدولية للتحقيق في انتهاك الوثائق والمعاهدات الموقعة عليها مصر بشأن تعدي النظام على القضاء.وأشار الكاتب إلى أن شعار «تطهير القضاء» ليس اختراعاً مصرياً، مؤكداً أنه حتى في الدول الغربية وإسرائيل وتركيا يتطلع الرؤساء ورؤساء الحكومات لمزج منظومة القضاء بالمقربين وأصحاب الأيديولوجيات المشابهة، ودلل على ذلك برئيس وزراء تركيا الذي أحدث في 2010 انقلاباً كبيراً في طريقة تعيين القضاة وأعضاء النيابة وزاد عدد أعضاء المجلس الأعلى للقضاء المعينين، إلا أن الوضع مختلف في مصر، حيث إنه لا يوجد حتى الآن برلمان مخول بتغيير قانون أو دستور، لاسيما أن السلطة التشريعية الآن في أيدي مجلس الشورى ذي الأغلبية الإخوانية.واختتم الكاتب بأن الخوف المبرر الآن هو أن مرسي قد يستغل غياب البرلمان لإسقاط الدرع القضائية الواقية وتفكيك القوة الرادعة المهمة التي تتصدى للعربدة السياسية لجماعة الإخوان المسلمين.