يصعب على متابع أمين إنكار حالة التردي التي وصلت إليها مصر بعد ثورة يناير ووصول جماعة الإخوان وحلفائها إلى السلطة.. الحرائق مشتعلة فى كل مكان.. حرائق مادية، أي نيران تتصاعد لتلتهم مقصدها؛ متحفاً كان أو كنيسة أو مقر حزب أو صحيفة إلخ.. وكذلك حرائق معنوية وأدبية مثل التشكيك فى كل ما آمن به الشعب على مر القرون.. فالمطلوب إحراق مؤسسات الدولة، إذ بعد إحراقها لن تكون هناك دولة بل مجرد ولاية فى دولة الخلافة التى لم نعد نعرف لها ملامح ولا برنامجاً ولا حدوداً، فالجيش والمخابرات والقضاء والإعلام مؤسسات وكيانات تنحصر مهمتها ورسالتها فى محاربة المشروع الإسلامي ودولة الخلافة! وليس لك أدنى حق فى السؤال عن ماهية هذا المشروع الإسلامي أو استيضاح تفاصيله.. أنت الآن فى دولة السمع والطاعة.. وقد تتوقف لحظات بسبب مطاردة المشاكل أمام اتهام جمال عبدالناصر بالكفر ومحاربة الإسلام، خاصة وقد أخذ من ذوي الثراء الفاحش ووزع ممتلكاتهم الشاسعة على الفقراء المعدمين، كما أنه، يا للهول، أمم قناة السويس وبنى السد العالي وأقام الصناعات الثقيلة التى جعلت من البطالة فى عهده أقل من واحد بالمائة، فهل يعني ذلك أن المشروع الإسلامي هو عكس ذلك تماماً؟ وهل الحل فى المشروع الإسلامي يكمن فى كراتين الزيت والسكر تطبيقاً لقول الراحل الكبير الكاتب والفيلسوف جلال عامر: «مجتمع لا يهمه الجائع إلا إذا كان ناخباً، ولا يهمه العاري إلا إذا كان امرأة»، من واجب النظام الحاكم إذن تبصير الشعب بتفاصيل المشروع المنوي تطبيقه بحيث ينضوي تحت لوائه وليس كما قال أحد شيوخهم تلخيصاً للمشروع بأنه حين رأى مذيعة محجبة فى التليفزيون أيقن أن الإسلام دخل مصر!!وكذلك ضجيج الضباط الملتحين الذين يختصرون ولاء الحكم للإسلام بإطلاق اللحى.. ووسط الأدخنة السوداء الخانقة يخرج علينا مشروع قانون تطهير السلطة القضائية وهو قانون يتضمن، إلى جانب العديد من الغرائب، اعتبار كل قضاة مصر ما فوق سن الستين «فاسدين»!فهل ينطبق شرط السن هذا على بقية مَن فى الحكم بدءاً من الرئيس وحتى أصغر موظف فى الدولة؟ ولماذا يعمل مجلس الشورى بوتيرة محمومة على إصدار تشريعات محل جدل وتشكيك، بينما التشريع من اختصاص مجلس النواب، وأن الشورى مهمته استشارية؟ ووسط كل هذه المتاهات تتكرر تطمينات البعض بأن مصر لن تفلس؟! هل هذا هو طموحنا؟ مجرد ألا تفلس مصر؟ وهل تلك هي النهضة التي بشرونا بها؟ وهذه النهضة تطفو أحياناً وتختفي أحياناً أخرى مثل تصريحات قيادات الإخوان وأنصارهم، التى تجعلنا نتلفت يميناً ويساراً لنعرف مَن هو رئيس البلاد، والغريب أن هذه التصريحات يتم التراجع عنها فى معظم الأحيان، وآخرها ما أعلنه وزير الإعلام أمام الجميع وعاد ليؤكد أننا فهمناه «غلط»! ربما لسوء ترجمة كلماته، العيب إذن فى المترجم! غير أن من أقسى ما نعيشه الآن هو مظاهر الاحتقان الطائفي الذي يهدد بتمزيق مصر وخرابها وهو ما يحتاج إلى البحث فى الجذور مع احترامنا الكامل للقاءات كبار رجال الدين من الطرفين، ودليلي رسالة وصلتني على هاتفي المحمول تقول: أغيثونا من الفتنة بين المسلمين والمسيحيين بسبب رئيس مدينة الغنايم بأسيوط أصدر ترخيصاً لبناء كنيسة رقم 6 لسنة 2013 حتى الترخيص ببناء كنيسة بات يهدد بفتنة؟! ولا تعليق!
|
آراء
جذور الفتنة في مصر
أخبار متعلقة