فشلُ الإخوان «الأخلاقي» صار أكبر ضربة تواجه التنظيم، ويفوق الفشل السياسي بكثير، فقد خسرت الجماعة «طهر» التظاهر، وواصل شرفها الأخلاقي النزيف، فلأول مرة تفقد مليونيتهم طهرها الذي طالما لازمها، والصور المنتشرة عنهم وهم يمسكون بالعصي في مواجهة آخرين يمسكون بالعصي هو المشهد الذي سيترسخ في الذاكرة، ومعه مشهد مقزز لرجل مسن بلحية كثة وجلباب أبيض قصير، يقذف حجراً، في إهانة واضحة لصورة رجال الدين، فاقت ما فعلته الدراما المصرية من سخرية منهم طوال تاريخها، ولا مجال لحديث عن المعتدِى والمعتدَى عليه، فكلاهما خاسر، وأسهم فى فتنة متوقعة دعانا الشرع للابتعاد عنها.خسر الإخوان أخلاقهم عندما خرج حلمي الجزار والمتحدث باسم الجماعة في تلاعب واضح بعقولنا، ليقولا: «الإخوان لم تدع للتظاهر، إنما لبت دعوة غيرها!!».طهروا أخلاقكم أولاً.. فقد عشت ساعات الجمعة الماضي، رأيت فيها أباً مريضاً شفاه الله يحترق غضباً؛ لأن ابنه الإخواني ذهب مجاهداً أمام دار القضاء وسط أجواء الفتنة التي اختلط فيها الثوار بالبلطجية بالغازات بالمولوتوف بالضرب بالدماء، وكنت أعرف أن هذا الابن البار وأمثاله من الفقراء المطحونين هم وقود معارك الإخوان دائماً.أما أبناء القيادات، أبناء الشاطر والحداد وغزلان وعزت والعريان وشوشة وأبوزيد وعاصم والبلتاجي.. إلخ فلا تسأل عنهم بجوار الفقراء المرابطين في المليونية يدفعون الأذى عن إخوانهم، حاملين فى أيديهم الشوم والعصي، ويستنشقون الغازات المسيلة، ويهربون إلى مداخل عمارات منطقة الإسعاف، خوفاً من خرطوش قادم، أو رصاصة غادرة، بل سل عنهم هناك على الأرائك متكئون في التجمع والدقي والزمالك، يتنفسون رحيق الخضرة وهواء التكييفات، ويحملون بأيديهم الآي باد، ويتوزعون على كافيهات ومطاعم لاونج، وأرجيلة لاونج، وماريوت كافي، وماروني كوستا الزمالك، وتاباسكو الدقي، وسالوديل، ومن هناااااااك يتابعون فقراء الإخوان وهم يطهرون لهم القضاء!!!طهروا أخلاقكم أولاً.. فلأول مرة تقف الجماعة وحيدة، فقد افتقد الشارع بوصلة الطرب لدعوتكم، وقاطع مليونيتكم رفقاء الأمس كالنور ومصر القوية، كما أدانها وندد بها شيوخ المهنة المقربون منكم كالبشري والخضيري وعبدالعزيز، وفضحكم أحمد مكي، أقرب الناس إليكم، فضلاً عن المعارضة، وهو ما عبر عنه المانشيت الرئيسي لصحيفة «المصريون» الإسلامية: «جماعة الإخوان وحيدة أمام دار القضاء»، وبمعانٍ قريبة جاءت مانشيتات «اليوم السابع» و«المصري اليوم» و«الشروق» «والمساء» و«الأخبار» والصحف العربية والأوروبية.طهروا أخلاقكم من التناقض الفج، فها هو العريان يكتب منذ ثلاثة أشهر ما نصه: «قضاة مصر يتحملون ما ﻻ طاقة لبشر به، كان الله في عونهم، وجعلهم من قضاة الجنة»، قالها عقب حكم مجزرة بورسعيد، هؤلاء القضاة صاروا اليوم عنده أنجاساً.طهروا أخلاقكم قبل تطهير القضاء.. فلا يجوز لحملة شعار «الرسول قدوتنا» أن يرسموا على الأرض القضاة موسومين بالكلاب والحمير وعليهم نجمة داود، إشارة إلى أنهم يهود صهاينة، رأيت الرسومات بعيني، وما زالت موجودة حتى كتابة المقال، رسومات توصم مَن رسمها ومَن رضي برسمها بأن أخلاقهم أخلاق عبيد لا أخلاق أحرار، أخلاق متهورين لا أخلاق أنبياء ومرسلين.أيها الإخوان.. طهروا ألسنتكم وتصرفاتكم أولاً، ثم طالبوا بتطهير القضاء.
|
آراء
طهروا أخلاقكم قبل تطهير القضاء
أخبار متعلقة