(منذ آدم)منذ آدم والأرض تضيق رويدا رويدا بيت مغلق وشوارع تومض في الذاكرة حين يعتريها طعم البكاء منذ آدم شيء قد ينام بعد العشب كما لو كان جدارا آخر لموعد العشاق منذ آدم والأرض بيت مغلقوالعابر منذ قليل وسط الضوء سوى شاعر أنهكته العبارة منذ آدم والغريب يبحث عن رصيف يليق به منذ آدم... وآدم يبكي... [c1]ويوزع هزائمه على العابرين[/c]منذ آدم، أيعقل أن تكون الشاعرة قد وظفت هنا : (منذ) للاستدلال على المسافة الكونية كتحديد واع للسيرورة الروحية الوجدانية ضمن إطار إجمالي واف ومتيقن للبعد الاستكشافي للكم الزمني والهوة المفرغة بين آدم وبين الآن الحالي، تلك إذا أحجية (منذ) في استقطابه للإبعاد المتمكنة أولاًً والمنغرسة ثانياً في صندوق اللاوعي، حيث جلب الفكرة ومزجها بالصورة المستحدثة لتمتزج وبالتالي تفرغ إيقونة مقدسة عند الذات الشاعرة من جهة، ومشهد إبداعي تراكمي في صيرورته يحتاج إلى التأني والتأمل للتأويل من قبل المتلقي من جهة أخرى.هكذا حفرت ضحى رؤاها لتخمد هيجان الثورة المؤملة من اللاوعي الاستحضار المنتمية للصيرورة التاريخية للبشرية التي بدأت بـ(آدم)واستمرت “منذ” لتسكن روح ضحى وتستفز الصور المتاخمة والمتعلقة في نفس الوقت بذاكرتها والتي بدورها تحرك رؤاها القائمة بذاتها، لتصبح في نهاية المطاف قصيدة بعنوان خرافي مستحيل من حيث البعد الزمني والإدراكي والتجميعي، لكنه ممكن من حيث الرؤية الشعرية باعتبار أن الشعر هو خالق لكينونته ومساره الزمكاني.[c1]منذ آدم والأرض تضيق [/c]رويدا رويدا بيت مغلق وشوارع تومض في الذاكرة حين يعتريها طعم البكاء لذا نرى ضحى ضمن تقديم أولي للنص تحاول إيقاظ اللاوعي البشري على اسس نابعة من التصوير المجازي والتحفيز الادراكي، فالإبقاء على “منذ” بعد العنوان والحاق فعل كـ تضيق” بها بلاشك تجعل من عملية التلقي اشبه بمن يعيش حالة من الدهشة المعلوماتية، لكون الحقائق تثبت الرؤية بلا جدلية، لاسيما انها تواكب المعقول الواعي والادارك الحسي المستيقظ والمتيقن من حيث سير الارض نحو التضييق، لكن أيعقل ان تكون ضحى تجهل بأن مثل هذه المعلومة ممكنة ومتداولة فتأتي على ذكرها، إذاً أين التحديث الفعلي للتوظيف الدلالي،، قد يكون الأمر برمته تحويراً بلاغياً لغاية أعمق.. ويظهر ذلك بشكل اقرب إلى مسار التوظيف من خلال التوجس الذهني الذي يسفره التوظيف نفسه، حيث هذا التوجس نابع من قيمية تصويرية برؤية مثبتة مسبقاً في ذاكرة المتلقي والتي يمكن القول بأنها تجتاح عقله الباطني اللاوعياً، لكنها تتراكم بشكل يثقل كاهل النفس والروح والقلب والعقل معاً، ولاتجد عند ضحى غير الشعر كمنفذ أساسي وفعلي لتخرج وتمتزج بالحقائق التي هي رهان المتلقي في حالة استنفاره الذهني الإدراكي من جهة،، وتراكميتها الباطنية من جهة أخرى، وهذا ما تبرهنه ضحى من خلال توظيف المعلومة في إطار تحفيزي واع متعمد، ومستفز في الوقت نفسه للمعلقات الباطنية في اللاوعي، فعند التوقف عند ( منذ.. الأرض،، تضيق،،رويداً) نجدها تفرز بالجملة صميم الرؤيا التي سيأتي كل شيء بعدها ليكون امتداداً وصفياً مجازياً لتلك الرؤيا التي اعتمدت التضييق كأساس لانطلاقتها، فالبيت المغلق، والذاكرة التي تومض فيها الشوارع، والبكاء كل ذلك نتيجة حتمية للتضييق الحاصل مسبقاً والمستمر أزلياً.[c1]منذ آدم لاشيء قد ينام بعد العشب [/c]كما لو كان جدارا آخر لموعد العشاقلا اعلم لماذا أصرت ضحى على (منذ) وكأنها تريد صقل المسافاتية النابعة من رؤاها الخارقة للزمنية الممكنة في ذهن المتلقي كمحفز استدراكي لوقائع باطنية معلقة على حافات الوعي ضمن حدود تمت بتراكميتها إلى اللاوعي، فيأتي التكرار ليس من باب ضعف البنية النصية ولا نقص معجمي بلاغي، إنما كتأكيد مدرك لصيرورة لاتنتهي، لكنها في نفس الوقت غير ممكنة وجودياً من حيث السيطرة على حراكها أو إيقافها.. فالعشب حتى أن تأخرت مواسم المطر تبقى أرضيته ملائمة خصبة منتظرة لاستقلال زخاته، ولهذا لاحدود لأسطورة العشب، وضحى تدرك ذلك لهذا نراها تؤكد استحالة التغيير بعد أن استيقظ العشب ( لاشيء قد ينام) ولن ينام بلاشك.. هذا الإدراك آت من باب مزج المعلقات في اللاوعي بالموجودات الحسية، ولو كانت الامور على غير هذا المنوال لكانت النتيجة الحتمية اللاشيء في اللاممكن، وكلاهما حصيلة جبرية لتوقف مداد العشب، لكن ضحى لاتؤمن بتوقف المداد بل تؤثث لحركية العشب بعد الحراك الأول وتحيل (كان) والصورة المعلقة على تلك الجدران القديمة إلى (منذ) كاستدلال استمراري.منذ آدم والأرض بيت مغلقوالعابر منذ قليل وسط الضوء سوى شاعر أنهكته العبارة منذ آدم والغريب يبحث عن رصيف يليق به منذ آدم... وآدم يبكي ويوزع هزائمه على العابرينعلى هذا الأساس تأتي ضحى لتؤكد للمرة الثالثة والرابعة والخامسة بعد العنوان على (منذ) وضمن إطار تدويري بلاغي شبه عام، حيث تلازمية الأرض والبيت المغلق تعيدنا إلى الصيغة الإجمالية للرؤية التي أفرزتها ( تضيق) سابقاً فيكون اللاوعي هنا محرك ورافداً أساساً للصور المستقدمة والملتقطة ضمن جغرافية رسمتها ضحى لترصد المؤثر فيها، وتحيلها إلى الباطن المعلق فتأتي (منذ) أشبه بسيل جارف يمتزج بالآني فيصبح المقارنة صعبة بين (منذ) و (العابر) وكذلك كل ما يجعل من الشيء معيناً على عدم اصفرار العشب، واستمرار نعومته.. وهذا بلاشك يستوجب استدراكات مسبقة والتقاطات حديثة ليصبح للمشهد الحي المنقول مباشرة قيمة فعلية عند ضحى، وهي لم تبخل في تحريك واستفزاز المستدركات الساكنة في اللاوعي، كما أنها لم تقصر في إيضاح رؤاها ضمن الصور المحفزة لذاكرة المتلقي أيضاً، فكان العابر شيئاً على الرغم من خوار قواه وقسوة رحلته وغربته في العبارة المحملة بعبء البدء شيئاً محفزاً لأن لاينام العشب وتبقى الرحلة مستمرة، حيث البحث الأزلي، حتى وان كان ذلك قد اوجب فطاماً جبرياً في أحيان كثيرة إلا أنها لم تقتل الرغبة في إيجاد الملاذ على الرغم من الهزائم المستعرة، بل نجد ضحى تؤثث دائماً لخلق مساحة (رصيف) لدافع استكمالي لضمان البقاء ضمن دائرة (العابر) وعلى الرغم من كل تحفيزات الوعي والتقاطاته الآنية الحديثة، إلا أن الاستدراكات الباطنية والمحفزات المتوغلة في اللاوعي تبقى في اعتقاد ضحى عاملاً أساسياً في تمكين الشيء بعد النوم بعد العشب، حتى وان كانت الأرض تضيق، والبيوت تغلق، والذاكرة لاتومض إلا بالشوارع ومحركات الأرصفة وخفاياها.
|
ثقافة
قراءة في قصيدة (منذ آدم) للشاعرة ضحى بوترعة
أخبار متعلقة