بازار الأقنعة زادت مبيعاته، وتجارته ازدادت رواجية، فالطلب لايزال يتدفق عليه، والقوة الشرائية لهذه الأقنعة متعاظمة، فالبلاد كلها تركزت حول استهلاك واحد وهي استهلاك الأقنعة.كان في الماضي قناع واحد يلبسه الزبون بين وقت وآخر، وعند اللحظات المناسبة يتركه ومن ثم يستبدله بقناع آخر حسب متطلبات موضات المراحل، لكن اليوم تعددت الأقنعة وبمقاييس متنوعة، وألوان مسايرة لموضة العصر، والكل مستفيد من تلك الأقنعة، فصاحب البازار ينام براحته لأن تجارته لا تكسد ولا تتلف بضاعته، بل تظل محتفظة برونقها وتأثيرها ومستوى الدخل الآتي منها.والزبون لا يخسر ولا تذهب نقوده سدى، بل على العكس تتضاعف موارده بسبب شرائه هذا القناع، فالقناع كنز لا يفنى.أما الحكومة فهي بازار الأقنعة الكبير، وصاحب الامتياز من الأقنعة، ودار للاحتكارات والأسعار الباهظة، وصندوق للنقد المالي الذي لا يضاهيه أي صندوق، والأقنعة الحكومية متنوعة فيها أقنعة للمعارضة، والأقنعة المتعلقة بالأحزاب السياسية وأخرى أقنعة ملحقة بها شعيرات (الدقنستان) المتمسحة بالدين، والمروجون الحكوميون لهذه الأقنعة خرجوا من دائرة الفقر والتحقوا بنادي أثرياء العالم.والمشكلة عندنا في اليمن ليست اقتصادية أو إنمائية أو سياسية، بل مشكلتنا تنصب ببازار الأقنعة وما وراء الأقنعة من توابع وفروع.. فبسبب تجارة الأقنعة ازداد بيع الأسلحة، ومعها راجت تجارة الأكفان.. وانسحبت تجارة الأقنعة إلى مجالات أخرى، فالطريق جعلوه يسير بانحناءة وضيق وفيه لفات عسيرة يمكن أن تودي بحياة الركاب، وازدادت مبيعات الجرائد التي توضح المفقودين والمخطوفين والمسجلين بأنهم فقدوا تحت ظروف غير معروفة.تجارة الأقنعة كانت سبباً في كل تلك الأحداث ابتداءً من التشطير ومروراً بالوحدة وانتهاءً بفك الارتباط، كل تلك الأحداث سببها أقنعة التشطير وأقنعة الوحدة وأقنعة فك الارتباط.فهل يا ترى أقنعة أخرى لم نعرفها بعد ستهل علينا في القريب ولا أظن أن تجارة الأقنعة سوف تنتهي فالكل منها مستفيد ولا يخرج منها لابس القناع خسران، هذه هي طبيعة البلاد تحتاج للأقنعة المدرة للمال أكثر من حقول النفط في المسيلة وشبوة.
|
آراء
سوق الأقنعة
أخبار متعلقة