قصة قصيرة
كانت أمواج البحر تلطم خدود الشاطئ خجلاً. يتخلل أصابع أقدامنا رمل جاف وحار فنهرع وبأحضاننا نضم موجة هيجتها فتنة استلقائنا على رمل الشاطئ؛ فأحسست بكفي تدفعان نشوة الموجة المتعلقة بتعرجات جسدك، ولففتك بين ذراعي، وأنت تحلين ملوحة ماء البحر، ويتدلى نصفك الأسفل الضمآن، فأنت عروسة بحر تعيش في البر .على وقع خطواتنا في بساط أخضر تنسنس فيه أنسام العذارة، وتموسق الرياح ألحانها على أفنان البيلسان، أتكئ بظهري على جسد السنديانة العتيقة، وأفرد فخذي فرشا لغصنك الرشيق، فيمتشق السنونو قيثارة صباه ويعزف ألحاناً بكراً، يتلوه تغريد النورس بلحن أبيض تردد حناجرنا شجاه ككورال مبتدئ. تنهضين من على بساط جلوسنا، وتداعب أصابع الجنون قيثارتك؛ فتمتشقين صوتك فتقطع العصافير جوقاته الموسيقية وتستمع، ولا نعلم كم شجرة بأغصانها والأفنان رقصت.يتعالى الغناء ليختلط بالضباب الذي يلطف حر اللحظة منذ ولوجنا الواحة الخضراء، فتذوب ذرات الضباب وهي تلامس شدو صوتك وعذب غنائك، فسقط غصن الضوء بعد عصرية الغناء في لجة شفق محمر (تشكشك) له آلاف العصافير، وتسترجيه أن لا يغيب.أحمرت السماء حياءً، وتكاثفت لسعات البرد على أطراف فتنتك؛ فضم المعطف جسدينا وابتدأ الغسق، فبدد خيوطه قمر بلغ الحلم وأياماً بعدها أستعجل البزوغ؛ ليبحث القمر عنا فيجدني حيناً فرشاً وآخر غطاء.شعشع السحر نوره على همس دافئ، وشعر مبلل. يتخاتل القمر بضوئه من بين جدائلك. وصوت أنثى السنونو توقظ ابنها وتستنكر منامه في وضع ربما يقلق ضيفتهم الجديدة على العش. فيلفتنا زجرة السنونوة لصغيرها، فنتلمس جسدينا المدثرين بمعطف واحد.يصعد خيط بخار القهوة من على مكتبي؛ فيوقظ حلمي . وكان الخريف واقفاً على الأبواب، أما أنا فأقف على رصيف الانتظار . نيسان 2010 م الحادية عشرة ظهراً