رصد ردود أفعال معتصمي «الاتحادية» عقب مؤشرات الموافقة على الدستور
القاهرة / وكالات :قبل إعلان النتيجة الرسمية للاستفتاء على الدستور، وعقب تسريبات بأن النسبة الغالبة لمن صوتوا تتجه إلى الموافقة عليه بـ «نعم».. ردد المعتصمون أمام قصر الاتحادية هتافات: «لا.. لأخونة الدولة، ويسقط حكم المرشد»، مطالبين بإزاحة مكتب الإرشاد عن حكم مصر، وإسقاط حكم جماعة الإخوان المسلمين، وإجراء محاكمات عادلة للمتورطين فى الأحداث الأخيرة التى شهدها محيط القصر، فى مواجهات بين مؤيدى ومعارضى الرئيس.وقد تم رصد ليلة كاملة للمعتصمين فى 14 خيمة بشارع الميرغنى.. ثلاث خيام فقط بها معتصمون فيما بقية الخيام خاوية تماما، بجوار البوابة رقم 4 للقصر، وسط جو من الهدوء يسيطر على محيط القصر.المشهد فى محيط القصر عبارة عن حالة من التعزيزات الأمنية على كل المداخل المؤدية إلى القصر.. قوات من الشرطة وأخرى من الحرس الجمهورى.. أسلاك شائكة.. مدرعتان على كل باب من أبواب القصر فضلاً عن دبابتين بجواره.مع الساعات الأولى ليوم إعلان نتيجة الاستفتاء على الدستور، لجأ المعتصمون إلى الخيام بسبب الجو البارد فيما انخفضت أعدادهم بعد انصراف ممثلى الأحزاب السياسية المعارضة.فى شارع الميرغنى، أحد الشوارع التى يطل عليها القصر، ثمة عدد من المعتصمين المستقلين الذين لا ينتمون لأى من أحزاب المعارضة مثل الدستور أو التيار الشعبى.. هؤلاء افترشوا الحدائق أمام القصر، متحدين برودة الطقس، من أجل تحقيق هدفهم بإسقاط حكم الإخوان، بينما راحوا يتغلبون على الوقت بالدخول فى نقاشات حول ما سيتم عمله بعد إعلان نتيجة الاستفتاء على الدستور، وكيف يضغطون شعبيًا على النظام للاستجابة لمطالب الشارع، وكيف تتجاوب الرئاسة وتستمع لأصوات المعارضين المستقلين.يأتى ذلك فيما شكل المعتصمون لجنة شعبية واحدة على امتداد شارع الميرغنى، كنقطة تأمينية، ورفعوا على هذا المدخل لافتة مكتوبًا عليها «لا للإخوان» على مدخل الاعتصام بشارع الميرغنى من اتجاه شارع الخليفة المأمون، تحسبًا لأى هجوم غير متوقع فى أى وقت، من أى عناصر تسعى لفض اعتصامهم، بينما تم نقل المستشفى الميدانى من أمام البنك التجارى الدولى cib إلى الرصيف المقابل لبوابة 3 للقصر.وعلى الجانب الآخر، انخفض عدد الباعة الجائلين فى محيط الاعتصام، والذين يرتبط وجودهم بأى اعتصام، حيث يبيعون الأطعمة والمشروبات الساخنة التى تساعد المعتصمين فى التغلب على برودة الجو.خالد محسن، أحد المعتصمين المستقلين أمام القصر، قال إنه سيستمر فى اعتصام من أجل إسقاط حكم الإخوان، مؤكدًا أنه لا بديل عن رحيل الرئيس.بينما يرى زميله أحمد علي الحل فى إجراء انتخابات رئاسية ثانية تحت إشراف قضائى نزيه، لكى تأتي برئيس يحقق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية الحقيقية، والتى ضحى من أجلها آلاف المصريين بأرواحهم وعيونهم، خلال الأحداث المتتالية للثورة.يثق “أحمد” فى أن الرئيس سيرحل نتيجة الضغط الشعبى الذى تمارسه المعارضة المستقلة القوية فى الشارع، وقال إنه ضد الدستور حتى لو تمت الموافقة عليه، بسبب ما شابت عملية الاستفتاء من تزوير وتجاوزات، فى المرحلتين، وهو أمر لا يرضي أو يحقق طموحات الشعب.أما على الحسينى، أحد المعتصمين أيضا، فطالب بمحاكمة جميع أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، والرئيس محمد مرسي وأعوانه، محملاً إياهم مسئولية التزوير فى الاستفتاء والتجاوزات التى أدت إلى الموافقة على الدستور.الى ذلك صرح المستشار حسن بسيونى رئيس محكمة دمنهور الابتدائية، أنه أعلن عن عقد جمعية عمومية طارئة لقضاة محكمة دمنهور الابتدائية اليوم الثلاثاء.وأضاف بسيونى أن الجمعية تأتى لمناقشة عملية الاعتداء الغاشم على المستشار أحمد الزند رئيس نادى قضاة مصر، ومناقشة موقف تراجع النائب العام المستشار طلعت عبد الله، عن استقالته، وبحث قرار الاستمرار فى تعليق العمل بمحاكم البحيرة من عدمه.من جهة أخرى استمع سمير حسن رئيس نيابة قصر النيل إلى أقوال المتهمين عبد الرحمن عيسى عبد الرحمن زيد مصري، ويحمل الجنسية الفلسطينية، وخالد عبد الواحد عبد الرحمن، ومحمد متولي محمود مصرى، بالتعدي على أحمد الزند أثناء تواجدهم أمام نادى القضاة، لاحتجاجهم على مطالبة أعضاء النيابة بإقالة النائب العام، وقالوا: إن وقفتهم كانت سلمية مرددين الهتافات ضد أعضاء النيابة والقضاة أثناء عقد مؤتمرهم بنادى القضاة بوسط القاهرة، ولكنهم أنكروا ارتكابهم لواقعة التعدى على المستشار الزند.وأضاف المتهمون، أنه كانت هناك مجموعة أخرى من الشباب هم من اعتدوا على الزند، وتمكنوا من الهرب بينما ألقت الشرطة القبض عليهم وبسؤالهم عن انتمائهم لأى تيار سياسى نفوا انتمائهم لأى فصيل سياسى، ولم يحرضهم أحدا على وقفتهم أمام نادى القضاة، كما تبين أن المتهم الفلسطينى من أصل مصرى، ويحمل الجنسية الفلسطينية، وبسؤاله عن سبب تواجده بالمكان أفاد بأن أحد أصدقائه طلب منه مرافقته إلى المكان، وكان يقف مع أصدقائه ولم يهتف ضد أحد.كما استمعت النيابة إلى 8 من شهود العيان على واقعة التعدي على المستشار أحمد الزند رئيس نادى القضاة، وهم ضباط شرطة تأمين النادى، وموظفين بنادى القضاة ومستشاريين قدموا مذكرات قالوا فيها شهادتهم عن الواقعة أثناء تواجدهم بالنادى عقب انتهاء الموتمر الصحفى، ومنهم من كان يصاحب المستشار الزند أثناء خروجه من النادى، حيث شاهدوه أمام بوابة نادى القضاة وسط أشخاص يتجمهرون ويهتفون ضد أعضاء النيابة والقضاة، ومنهم من كان يحمل سلاحا أبيض، ثم قاموا بقذف الحجارة على القضاة أثناء خروجهم، وفور مشاهدتهم للمستشار أحمد الزند ألقوا عليه وابلا من الحجارة حتى تمكنوا من إدخاله النادى.بينما أشار ضباط أمن النادى إلى تجمهر قرابة 30 شخصا أمام نادى القضاة، وقالوا إنهم وقفة احتجاجية ضد أعضاء النيابة والقضاء تضامنا مع النائب العام الجديد المستشار طلعت عبد الله، بسبب إجباره على الاستقالة من قبل أعضاء النيابة، وعقب انتهاء المؤتمر الذى عقده المستشار أحمد الزند شاهد أشخاصا منهم يقذفون القضاة بالحجارة فتمكن الضباط من القبض على 3 منهم بينما تمكن الآخرون من الهرب، وتطابقت تلك الأقوال مع شهادة موظفين النادى، لتأمر النيابة بحبس المتهمين 4 أيام على ذمة التحقيق، وطلبت تحريات المباحث وتحريات الأمن الوطنى عن المتهم الفلسطينى المقبوض عليه.وكان عمرو عوض وكيل أول نيابة قصر النيل، قد انتقل إلى نادى القضاة لمعاينة المكان، حيث تبين وجود حجارة مبعثرة أمام بوابة النادى تم حرزها، ولكن لم يتم العثور على أى زجاجات ملوتوف.من جانب اخر قال عمرو موسى، رئيس حزب المؤتمر، وعضو جبهة الإنقاذ الوطني، إنه مع الموافقة على الدستور بعد إجراء الاستفتاء على مرحلتين، يجب على المعارضة أن تقرر ما إذا كانت ستستمر على نفس خطوط المواجهة، ويجب أن تطرح هذا السؤال لأن مصر على وشك أزمة كبيرة أخرى وهى أزمة اقتصادية، فماذا عن كل احتياجات البلاد، وماذا عن الحاجة لإعادة بنائها، فهذه الأشياء يجب أن يتم أخذها فى الاعتبار.وجاءت تصريحات موسى فى مقابلة أجرتها معه صحيفة “جلوب أند ميل” الكندية، وقال فيها أيضا، إن المعارضة لا تعارض الجلوس مع الرئيس أو الحوار، لكن هذا يجب أن يكون حوارا حقيقيا وليس فقط هيئة نقاشية، وأضاف قائلا “يجب أن نجلس ونتحدث عن القضايا المختلفة التى تواجهنا ومن بينها الاقتصاد والقضايا الأخرى كالدستور وما الذى سنفعله فى السنوات الثلاث القادمة”.من ناحية أخرى، قال موسى إنه يعتقد أن اتجاه أنصار الرئيس محمد مرسي فى الإخوان المسلمين حتى الآن قد شجع على أساليب من السلوك التى يمكن أن تكون مضرة أو تؤدى فى النهاية إلى مزيد من الانقسام فى البلاد.واعترف موسى بأن المعارضة للدستور قد تركت مصر فى حالة انقسام، إلا أنه كان صحيا حتى وصل إلى حد الخطر بعد الاشتباكات التى وقعت فى أعقاب قيام الرئيس مرسي بالإسراع فى الانتهاء من الدستور، وهو ما جعل المعارضة تطلب تأجيل الاستفتاء عدة مرات. واتهم موسى الجمعية التأسيسية للدستور بعدم تطبيق قواعد ديمقراطية فى تبنى الدستور ولا فى الطريقة التى تم بها إجراؤه.وحول مطالب البعض بعودة الجيش، ألمح موسى إلى رفضه لذلك وقال إننا فى حاجة إلى طريق مختلف يحمى الديمقراطية ويدافع عنها، ولذلك فإننا نقول إن الرئيس منتخب ديمقراطيا ويجب أن يترك منصبه بالوسائل الديمقراطية فقط، معربا عن أمله فى تحقيق المعارضة لأهدافها بالوسائل الديمقراطية.وردا على سؤال حول ما إذا كان الأمريكيون يفعلون ما يكفى لتوضيح هذا الأمر للرئيس مرسي، قال موسى إنهم، أى من فى الحكم، ليسوا فى حاجة للأمريكيين ليقولوا لهم ذلك، فهذا موجود فى الشوارع، فهناك الكثير من الغاضبين فكيف يمكن تقبل مثل هذا المناخ.وتابع قائلا إن السياسة الأمريكية تقوم على الدفاع عن الديمقراطية من ناحية، والعمل ضدها فى أوقات محددة أو مساعدة الحكام المستبدين، وفى مصر، يجب أن تدعم واشنطن الديمقراطية وألا ترتكب نفس الخطأ مرتين، أتفهم دعمهم لمرسي لأنه منتخب. فهم يجب أن يكونوا دائما فى جانب الديمقراطية. وفى نفس الوقت، وبالنسبة لى كمواطن وسياسى مصرى، يقول موسى، إنه لا يحب التدخل فى شئون مصر من أى قوى أجنبية.وقال وزير الخارجية الأسبق إنه قبل 10 أو 20 عاما لم يكن يتخيل أبدا أن الإخوان المسلمين سيصلون إلى الرئاسة والجمهورية الثانية، وكان يتخيل فقط أنهم قد يصبحوا حزب أغلبية فى البرلمان، لكن موسى يقول إن الإسلاميين لا يكون اختيارهم على ما يبدو لرغبة شعبية، فقد تم اختيارهم بسبب سوء إدارة النظام السابق وعند وجد الناس أن الإخوان المسلمين هم البديل الوحيد لهذا النظام اختاروهم، لكن لو وجد الناس الموقف الآن أكثر سوءا، سيغيرون أصواتهم، وستتغير الأغلبية، وأعرب موسى عن تمنيه أن يحدث ذلك بالديمقراطية.وختاما، قال موسى إنه لا يعتقد أن المعارضة قابلة للنمو والحياة بشكل كافٍ، لكن رأى أنه بغض النظر عن هذا فإن الناس سيقبلون عليها.