القاهرة/ متابعات:صدر حديثاً عن الدار المصرية اللبنانية، كتاب بعنوان (دفاعاً عن التراث) للناقد الكبير الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة السابق، ويقع الكتاب في 286 صفحة من القطع المتوسط، متضمنا أربعة أبواب (القص، ناثرون ومفكرون، إضاءات وملاحظات، ومحاكمة ألف ليلة وليلة)، وقد أهدى (عصفور) كتابه إلى (القاضي المستنير سيد محمود يوسف، الذي لا يعرفه شخصياً، ولكنه قرأ حيثيات أحكامه الحاسمة برفض مصادرة ألف ليلة وليلة واتهامها بالإساءة إلى الآداب العامة أربع مرات).ويتضمن الكتاب مجموعة من المقالات التي يهدف من خلالها (عصفور) أن يعلم الشباب أن الأصالة - التي هي الوجه الآخر من المعاصرة - موجودة في كل زمان ومكان، وأن جوهر الإبداع أكثر عالمية من العولمة، وأن كل إبداع حقيقي ينتمي إلى جوهر واحد من القيم الجمالية التي تعبر حواجز الأزمنة والأمكنة واللغة، وأن الذي بلا ماض بلا مستقبل.ويوضح (عصفور) أن ما يحتاجه التراث الأدبي للدفاع عنه لا الحاجة النظرية، وإنما الممارسة العملية بالتقديم الجديد له، وبما تسيغه الأذواق المعاصرة، رغم اختلاف تجلياته من عصر إلى عصر، وأنه هكذا يبدأ فعل الدفاع عن التراث بالتعريف به، والتقريب بينه والقارئ المعاصر، وبطرح تفسيرات مواكبة لمعطيات الواقع، تتجاوب وجوهره الإنساني في القيمة الإبداعية التي تنجح في تخطي كل الحوائل، ويكتمل التعريف بما يقود إليه، ويسبقه، من التقديم العلمي الذي يشمل التحقيق والتوثيق والكشف عن كل ما يظل في حاجة إلى كشف.ويوضح (عصفور) أن القضية التي كانت بمثابة الدافع الأول لكتابه هذا، هي نتيجة المتغيرات التي شهدها جيله الذي عانى من التحديات ما لم تعانه أجيال أساتذته الذين ازدهروا، وأزهروا، في مناخ ليبرالي منفتح العقل على مصراعيه، كان فيه إسماعيل أدهم الذي كان يكتب مقاله (لماذا أنا ملحد؟) عام 1936، دون أن يغتاله بائع سمك كما حدث مع فرج فودة عام 1992، ولم يجد شاباً مضللاً يغرس سكيناً صدئة في رقبة نجيب محفوظ عام 1994، لأن أمير جماعته أفتى له بتكفيره، ولم يروا زمناً طالب فيه وكيل نيابة يمثل الدفاع في دعوة مرفوعة لمصادرة (ألف ليلة وليلة) بحرقها في أحد ميادين القاهرة لخروجها عن الأخلاق والدين، ولم يشهد في عام 2010 ما شهدناه من جماعة المحامين الممثلين لتيار الإسلام السياسي الذين تقدموا بطلب إلى المدعى العام بمصادرة (ألف ليلة وليلة) ومحاسبة الهيئة العامة لقصور الثقافة التي أعادت تصوير طبعة بولاق الأولى، ولو أخبرهم أحد أن طه حسين أشرف على أنبه تلامذته - سهير القلماوى - لإعداد أولى أطروحات الدكتوراه التي تنهض بها امرأة في الجامعات العربية عن (ألف ليلة وليلة)، ولكن ذلك كله كان في زمنٍ جميل مضى، لم يعرف التعصب الديني والتزمت الأخلاقي الذي يعيشه، ومنا المختل الذي يضطرنا إلى أن نقلب غوايتنا بالتراث إلى الدفاع عنه.
|
ثقافة
(جابر عصفور) يصدر (دفاعاً عن التراث) لمواجهة التطرف الديني
أخبار متعلقة