عندما اختلف شركاء العملية السياسية في بلادنا ابتداءً منذ بداية بروز عدد من الممارسات والسلوكيات من البعض ضد البعض الآخر وظهور خلل في عملية التوازن السياسي والاجتماعي والثقافي والفكري الإيديولوجي والخروج الذي بدأ واضحاً عن الالتزامات المتفق عليها في اتفاقية الوحدة وعلى أقل تقدير الاتفاق الموقع في 30 نوفمبر 1989م وعلى وجه التحديد فيما يخص الاتفاق على الأخذ بما هو أفضل من القوانين والتجارب والخبرات في العمل الإداري والمالي العام للدولة مما هو كائن في منظومات العمل الإداري العام في شطري الوطن قبل إعلان قيام الوحدة اليمنية وهو إخلال واختلال في أحد أهم المرتكزات الأساسية المتفق عليها من قبل قيادتي الشطرين من أجل التأسيس للبناء الوطني السليم والصحيح للدولة المدنية التي ينبغي لها أن تكون قوية شامخة وأنموذجاً حياً للعمل الوحدوي على طريق إعداد وتهيئة الأجواء والمناخات المناسبة للتقارب والتفاهمات بين الأشقاء العرب على امتداد الساحة الوطنية القومية العربية من الخليج وحتى المحيط ونموذجاً للحوار الجاذب للقوى والأنظمة السياسية العربية على مختلف انتماءاتها السياسية والفكرية وطارده للمفاهيم القديمة المتخلفة التي كانت ولاتزال مشدودة نحو التمسك بإرثها التاريخي القديم الرافض للتغيير والتجديد والاندماج في الحركة الكونية الجديد القائمة على العيش المشترك والتعايش السلمي بين الشعوب والقبول بالآخر كما هو عليه وما يحمله من آراء وتوجهات مختلفة وهي من الأمور المستوعبة حاجات ومتطلبات الانخراط السلمي السهل والسلس بل المشاركة في خلق أسس وقواعد البناء العملي الحديث والمتطور لمنظومة النظام العالمي الجديد لحركة كونية سلمية تهتم بالبناء المتطور والرعاية اللازم توافرها للتنمية البشرية في هذه المرحلة المهمة في حياة الشعوب التي عانت كثيراً من سوء التعامل وانتهاك الحقوق الإنسانية وقلة الرعاية والعناية بالإنسان الذي هو أغلى رأس مال لمختلف الأنظمة السياسية والاقتصادية.وكان لزمن ليس بقليل هدفاً للسلوك الخاطئ لسياسات القوى المتنفذة المسيطرة بقوتها المالية والعسكرية والمتقدمة صناعياً وعلمياً، وللكثير من الإهمال والإساءة التي حولته إلى حقل تجارب لتطورات علمية في مختبرات منهجية النظام الرأسمالي العالمي حيث تعرضت الشعوب للإبادة الجماعية من خلال الحروب والاعتداءات العسكرية بأسلحة القتل والدمار للأرض والإنسان في مناطق مختلفة من العالم والتجويع ودفن النفايات الكيماوية السامة في أراضي الشعوب الفقيرة أو رميها في بحارها فيكون تأثيرها قاتلاً وخطراً على الحياة الإنسانية، وتأثيراً مباشراً على الأرض والحيوان والإنسان أنه التطور السلبي لمنظومة النظام العالمي الذي يعمل جاهداً على الاستغلال الجائر لقدراته وإمكانياته التنموية في مختلف جوانب الحياة ولو على حساب الحقوق والحياة الإنسانية.إن العودة إلى جادة الصواب هو طريق الحق ومن أجل الوصول إليه ينبغي أن تدرك وتقر كل القوى التي خرجت عن منهجيتها والتزاماتها الواجب عليها التنفيذ أنها جزء أساسي وهام في الطريق الصحيح لمسيرة بناء اليمن الجديد الذي كان يجب أن يكون وفقاً لسياقات الاتفاقات الوحدوية الموقعة حيث لا يختلف عليها اثنان بكونها مجموعة قواعد أساسية وضرورية متفق عليها كشروط واجبة البناء عليها كوحدة واحدة لبنيان الدولة المدنية الحديثة دولة يسود فيها النظام والقانون والعدالة والمساواة الاجتماعية كما يجب لها أن تكون قوية شامخة تحافظ على مكانتها وكرامة وعزة أبنائها وقد تحددت بإقامة يمن جديد يمن حر ديمقراطي مدني حضاري حديث، وبالتالي فإن من أهم مقومات نجاح مؤتمر الحوار الوطني الشامل المزمع انعقاده خلال الفترة القليلة القادمة هو العودة إلى ما تم التوافق والاتفاق عليه في وثيقة العهد والاتفاق الموقعة في العاصمة الأردنية (عمان) التي كانت عبارة عن وثيقة هامة تم الاتفاق عليها في ظل فترة كان فيها فرقاء العملية السياسية في مستوى متقارب ولو بشكل نسبي وجاءت بعد حوارات وبحث معمق وتوافقات واتفاق يحفظ الكثير من الحقوق الوطنية والسياسية لكافة عناصر التكوين والتكوينات السياحية والاجتماعية في إطار استعادة وعودة مسيرة النهج والبناء الصحيح لدولة الوحدة وعليه فإن الأخذ بها كبوابة ومدخل سياسي لمؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي يجري الإعداد والتحضير لانعقاده فإنها رافعة أساسية من روافع التقارب والجذب كونها تمثل المقدمات الصحيحة لما يدور الحديث أو المطالبة به عن حوار جنوبي شمالي فوثيقة العهد والاتفاق تلبي هذه المطالب وعليه فإن الأخذ بها جزء هام من إعادة الاعتبار لما حدث في حرب صيف 1994م ومن ثم فإن القضايا الأخرى المطروحة على طاولة الحوار هي عملية تكميلية لما تبقى من القضايا الخلافية اللاحقة والمرتبطة بأسس بناء الدولة المدنية الحديثة المعبرة عن إرادة الحراك الشعبي الوطني الذي خرج رافضاً للسياسات وطبيعة النظام السياسي وتحالفاته الذي قام على انقاض حرب صيف 1994م ابتداءً وتلتها حروب صعدة وتكريس نفوذ القوى القبلية والعسكرية للسيطرة والهيمنة على السلطة والثروة وهي الأمور الهامة الواجب التوقف أمامها للاستجابة لمتطلبات ثورة التغيير السلمي والمتمثلة في بناء اليمن الجديد الذي يسود فيه النظام والقانون ويحقق العدالة والمساواة الاجتماعية بعيداً عن كافة قوى وأشكال النفوذ التي وجودها يتعارض مع البناء المدني المؤسسي للدولة، ومن أهم مظاهر الدولة المدنية الحديثة المنشودة إزالة الفوارق الطبقية والاجتماعية حيث يكون جميع المواطنين متساوين بالحقوق والواجبات في يمن جديد حر ديمقراطي مدني حضاري حديث.وباعتقادي أن وثيقة العهد والاتفاق جاءت خلاصة بحث وحوارات طويلة ومعمقة من أجل عودة المياه إلى مجاريها في السياق الوطني الوحدوي ومثلت الإجماع السياسي لكافة القوى والأحزاب السياسية والشخصيات الاجتماعية وهي القوى الفاعلة في المجتمع، وكانت الوثيقة انتصاراً لإشراقة شمس فجر جديد صنعتها أياد وطنية وبمباركة إقليمية إلا إنها اغتيلت قبل أن تعكس على أرض الواقع كفعل وطني يتطلع ويحذوه الأمل للانتصار للوحدة اليمنية المباركة كونها تعتبر عن إرادة سياسية وشعبية فهي لاتزال في ذاكرة التاريخ وفي ضمير ووجدان الأمة منارة إشعاع لطريق الخلاص الوطني من العبث والفساد والمؤامرات والاستحواذ والسيطرة والهيمنة الاستبدادية وطغيان سطوة السلطة ونهب الثروة.ووثيقة العهد والاتفاق هي خارطة الطريق ومحطة مفصلية في التحول الوطني الوحدوي وفيها بارقات أمل لاستعادة مسيرة البناء الوطني الوحدوي التي انحرف بمسارها بعض من أصحاب المصالح الخاصة الأنانية الضيقة بفعل قوى نفوذهم في السلطة وإقصاء الآخر ومحاولة تصفيته سياسياً واجتماعياً، ولكن يظل البقاء للأفضل والأحسن في كل زمان ومكان، والوثيقة كانت القاسم المشترك للحل المتوافق عليه ولكن كان هناك تراجع ورفض وحشد للعرقلة وتعطيل العمل بها لأنها وضعت النقاط على الحروف ومهما يكن من كان هو السبب في ذلك، فاليوم لا يهمنا كشعب ووطن بقدر ما يهمنا إنجاح مؤتمر الحوار والتوافق والاتفاق على حزمة من الحلول والمعالجات وطبعاً وثيقة العهد والاتفاق في طياتها كل الحل الذي تعرض للاغتيال في زمن الخداع والمؤامرات، ومع المتغيرات وتطورات الأوضاع وظهور الكثير من خفايا وأسرار الانقلاب على وثيقة العهد وتعقيدات الأزمة وتفجير حرب صيف 1994م وفتاوى التكفير التي تلاها إعلان الانفصال وفك الارتباط وما تلاه من نهب للثروة واستيلاء على الأموال العامة وقد أصبح حلفاء الأمس أعداء اليوم في السلطة وهو الأمر الذي يشجع بل ويفرض العودة إلى وثيقة العهد والاتفاق كخيار مناسب وصائب في إطار الحوار للخروج من الأزمة إلى بر الأمان بسلام كونها مرجعية الحق للجميع.. والله ولي الهداية والتوفيق.
|
آراء
خارطة طــــريق للحـــوار الـــوطني
أخبار متعلقة