14 أكتوبر 1963 المجيدة
جاء خطاب فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين لثورة 14 أكتوبر 1963 المجيدة، في أعقاب عودته من جولته الأمريكية الأوربية الهامة، وفي مرحلة دقيقة من تاريخ ثورة الشباب السلمية في اليمن التي اندلعت في فبراير 2012، التي أطاحت بالنظام السابق ودشنت المسار الجديد لتصحيح التاريخ اليمني ونفض غبار المآسي التي توارثها اليمن واليمنيون خلال الخمسين عاماً من سلسلة “القاتل والمقتول”!!! مرحلة تتسم بحالة من الانتظار والترقب الحذر للدخول في مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي لا يستثني أحداً، وعلى قدم المساواة، لرسم صورة واضحة لمستقبل اليمن الجديد.[c1] (1) “التسوية السياسية” علامة فاصلة في التاريخ اليمني [/c]وهنا ذكر فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية أن احتفالاتنا هذا العام تأتي “بعد أن تحققت العديد من النجاحات” على مسار “التسوية السياسية” التي “مثلت علامة فاصلة ومحطة وطنية تاريخية هامة” خرجت باليمن من “النفق المظلم إلى آفاق أكثر إشراقاً وأمناً واستقراراً”، وذلك بفضل الاتفاق الوطني، “المدعوم إقليماً ودولياً” و”بالإرادة الشعبية الضاغطة التي انتصرت للحرية والتغيير.”[c1] (2) مكاسب وطموحات في التغيير هي الهدف [/c] وكرر الاخ فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية أنة مواجهة التحديات كانت أمراً لامفر منه “حفاظاً على وطن موحد ديمقراطي يكفل لجميع المواطنين حقوق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وصوناً لمكاسب ثورة الشباب السلمية وطموحاتهم المشروعة في التغيير والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية”، مؤكداً أن “الشباب هم نواة التغيير، ونحن ننظر إلى مطالبهم وطموحاتهم باهتمام كبير بما يلبي توقهم إلى المستقبل المشرق ليمن جديد قائم على الدولة المدنية الحديثة وعلى المساواة والعدالة الاجتماعية. ولا شك بأننا جميعاً نؤمن بأن مسيرة التغيير التي فجرها شبابنا وانتصروا لها، جاءت لتعيد للنظام الوطني أصالته وللدستور والقانون مكانته وقيمته وحرمته، كما نؤمن بأن التغيير بدأ يحقق ثماره، وبدأنا فعلاً ننتقل إلى ترسيخ سيادة الشعب وإقامة دولة النظام والقانون والمؤسسات التي تصون الوحدة الوطنية وتكرس قيم التآزر والتسامح وكل ما يبلور مضامين وأهداف ثورة التغيير بأبعادها الوطنية والإنسانية الحقيقية.”[c1] (3) اليمن تجاوزت العثرات وماضية في استعادة هويتها الشرعية والدستورية [/c]وجدد فخامة عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية ما سبق أن أشار إليه في خطابه بمناسبة الذكرى الخمسين لثورة سبتمبر، من أنه “ومهما حاول البعض أن يعرقل مسيرة الشعب وأن يمثل حجر عثرة في الطريق إلا أن اليمن قد أفلتت من مخالب الأمزجة الفردية والشخصية”، وأنها قد “تقدمت كثيراً في استعادة هويتها الشرعية والدستورية”، التي ستتوجها من خلال “الانتصار للوطن الموحد الديمقراطي الآمن والمستقر”. وكرر الرئيس هادي أنه يتكل في عملية العبور بالوطن نحو المستقبل وتجاوز كل العقبات على “عظمة إرادة شعبنا وحكمة النخب السياسية والفكرية الاجتماعية والطاقة الخلاقة للشباب ودعم المجتمع الإقليمي والدولي.”[c1] (4) جهود لجنة الشئون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار جوهرية لإنهاء الانقسام والإعداد للحوار الوطني [/c]وأشاد الرئيس هادي بجهود لجنة الشؤون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار، وما حققته من مهامها التي تستهدف إعادة “الثقة واللحمة في أوساط القوات المسلحة والأمن وصولاً إلى إعادة توحيد وهيكلة القوات المسلحة والأمن بصورة كاملة”، داعياً كل “الأطراف إلى التعاون الصادق مع هذه اللجنة حتى إنجاز كامل مهامها وأهدافها المرسومة.” وفي هذا المقام شدد الرئيس هادي أيضاً على “إن الظروف الاستثنائية التي يمر بها وطننا من أجل إنجاز المهام المرحلية المهمة” تستلزم من الجميع “رص الصفوف لكل القوى الوطنية السياسية والشعبية في جبهة واحدة” لتتواصل عملية التسوية السياسية إلى نهايتها المرسومة لها،” وذلك “من خلال الخطوات والقرارات التي نتخذها لإنهاء الانقسام الحاد في القوات المسلحة والأمن وإعادة هيكلة هذه المؤسسة الوطنية الدفاعية والأمنية ليكون ولاؤها لله والوطن والشعب.”[c1] (5) مؤتمر الحوار الوطني الشامل “أوسع مشاركة سياسية تشهدها اليمن في تاريخها المعاصر” [/c]وأكد الأخ فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية على أن تلك الخطوات هي المدخل العملي الذي يمكن أن يقود اليمن إلى “فضاء الحوار الوطني الشامل وإنجاحه، والذي نريد له أن يضع أسس بناء اليمن الجديد من خلال مشاركة الجميع ودون أن نستثني أحداً من اليمنيين في الداخل أو الخارج، ولا أن نحجر التعبير عن أي رأي أو موقف في بحث ومناقشة صياغة الدستور الجديد للبلاد، ومعالجة هيكل الدولة والاتفاق على شكل النظام السياسي للبلد، وبحث القضية الجنوبية وإيجاد حل وطني حقيقي وعادل لها، والوقوف أمام القضايا الوطنية الأخرى ومنها أسباب التوتر في صعدة، فضلاً عن إصلاح القضاء والخدمة المدنية وتحقيق المصالحة الوطنية وتحقيق العدالة الانتقالية، وإرساء خطط وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، والمضي خطوات متقدمة نحو البناء الديمقراطي المتكامل.” مؤكداً أن مؤتمر الحوار الوطني سيكون تعبيراً “لتحقيق أوسع مشاركة سياسية تشهدها اليمن في تاريخها المعاصر.”[c1] (6) دور الحكومة فيما تبقى من المرحلة الانتقالية[/c]ووجه الرئيس هادي حكومة الوفاق بمهام واضحة فيما تبقى من المرحلة الانتقالية، وعلى وجه التحديد: • مواصلة تحقيق استقرار وتقدم الاقتصاد والتنمية.• التركيز على تلبية الاحتياجات الفورية للمواطنين.• حشد كل الطاقات والإمكانات المتاحة لتحسين مستوى الإنتاج.• إتباع سياسة مبادئ الحكم الرشيد وترشيد الانفاق والشفافية والمساءلة.• الحد من الاستهلاك الترفي.• تثبيت الأسعار ومراقبتها.• تنمية الموارد والاستفادة القصوى من الثروات النفطية والمعدنية والسمكية والزراعية والحيوانية والصناعية.• ضمان أداء الحكومة والسلطة المحلية بشكل منظم وفاعل، يحقق تفاعل جميع القطاعات العام والخاص والمختلط في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والتنموي.• زيادة الاهتمام بالمغتربين في المهجر وتقديم الرعاية المطلوبة لهم والتسهيلات الكافية.[c1] (7) الشعب اليمني شب عن الطوق.. والتكاتف مطلوب [/c]وبعد أن أكد الرئيس هادي أن الشعب اليمني قد شبَّ عن الطوق وتعلم الكثير من أزماته، شدد على ثقته بالشعب، مناشداً الجميع “إخلاص النوايا ومراجعة الذات والكف عن العبث والنزول عند مشيئة وإرادة الشعب في التغيير وصدق التوجه نحو المستقبل”، لتجاوز “الأوضاع الاقتصادية الصعبة” الناجمة عن “انهيار البنية التحتية وارتفاع كلفة مواجهة الإرهاب وتخريب أنابيب النفط والغاز ومضاعفة أعداد النازحين بين المحافظات،” و”تجميد معظم مشاريع البرنامج الاستثماري العام للدولة، وتعليق كثير من المانحين للقروض والمساعدات الخارجية.” [c1] (8) الدبلوماسية الرئاسية الناجحة وجهود إعادة الاستقرار الاقتصادي والتنموي [/c]وتطرق الرئيس هادي إلى الجهود التي قام بها والحكومة من أجل بعض الاستقرار المنشود للبلاد وأن يوقف النزيف في الموارد الاقتصادية ويضع اليمن على بوابة التنمية الحقيقية ويعيد الثقة في مؤسسات الدولة، مشيراً إلى أن مشاكل البلاد الاقتصادية قد حظيت خلال جولته الخارجية الأخيرة بقسط وافر من المباحثات التي “أثمرت نتائج طيبة ستنعكس إيجابا على تحسين الوضع الاقتصادي في الفترة القادمة، ومنها حشد موارد مالية تصل إلى 1,5 مليار دولار في مؤتمر أصدقاء اليمن في نيويورك تضاف إلى 6,4 مليار دولار تعهد بها المانحون في مؤتمر الرياض، كما تم الاتفاق على تعديل أسعار بيع الغاز اليمني لتتضاعف موارده العام القادم إلى حوالي 500 مليون دولار،” وكل ذلك من أجل دعم البرنامج الانتقالي للتنمية والاستقرار 2012-2014، وبرنامج الإنعاش الاقتصادي متوسط المدى، من خلال الدخول في “مرحلة جديدة من الشراكة المثمرة والعمل المشترك بين اليمن والمجتمع الدولي قائمة على الشفافية والإصلاحات ومحاربة الفساد والوفاء بالالتزامات المتبادلة،”، واعتماد “مسار سريع لاستيعاب المساعدات الخارجية يقوم على آليات عمل أكثر كفاءة وسرعة لتنفيذ وتمويل المشروعات الممولة خارجياً،”وذلك “بهدف تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، وخلق فرص التشغيل، وتعزيز الحكم الرشيد وفرض سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان.”[c1] (9) دور شركاء التنمية والاستثمارات الوطنية في تحفيز الاستثمارات الأجنبية والاقتصاد الوطني [/c]وبعد أن شكر الرئيس هادي الأشقاء والأصدقاء وكل شركاء التنمية من الدول والمنظمات على مساندتهم للشعب اليمني في الجوانب السياسية والتنموية والإنسانية، أعرب عن أمله وتطلعه إلى التعجيل بتخصيص تعهداتها المالية خلال الأشهر القادمة،” معرباً عن أمله في “أن تتدفق الاستثمارات الوطنية والخارجية على اليمن في الفترة القادمة باعتبارها عاملاً أساسياً لتحقيق الاستقرار من خلال توفير فرص عمل للعاطلين ورفع مستوى معيشة المواطنين وتنشيط قنوات التنمية في مختلف المجالات، وستجد كل الشركات الرعاية والاهتمام وتذليل كافة العقبات وسنقدم كافة التسهيلات اللازمة لإقامة المشاريع، فاليمن بلد استثماري واعد ويمتلك ثروات كبيرة تتطلب استغلالها بما يعود بالفائدة المشتركة على الشعب اليمني والمستثمرين.”وأعرب الرئيس هادي عن أمله الكبير في “أن يبدأ الرأسمال الوطني في زيادة وتوسيع استثماراته حتى يكون قدوة ونموذجا للرأسمال العربي والأجنبي.” منوهاً إلى أهمية ودور “منظمات المجتمع المدني في دفع عجلة التنمية وإقامة شراكة حقيقية مع الدولة والحكومة في مختلف المجالات.”[c1] (10) اليمن شريك استراتيجي للمجتمع الدولي وأمن اليمن شأن استراتيجي دولي [/c]وفي ختام خطابه الهام، أعرب الرئيس هادي عن شكره للأشقاء والاصدقاء على “مواقفهم المشرفة والداعمة لليمن والمساندة للشعب اليمني للخروج من أزمته،” ولرعايتهم “للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية سيراً نحو كامل أهداف التسوية السياسية التي تلتقي مع أهداف مطالب الشباب السلمية ومصالح وأهداف الشعب اليمني بصورة عامة،” معرباً عن ارتياحه “للتنامي الحاصل والمستمر في علاقات بلادنا مع محيطها الإقليمي والدولي،” وعن أن اليمن سيظل يقدر “الدور العظيم لدول مجلس التعاون الخليجي والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ودول الاتحاد الأوروبي في معالجة الأزمة وتجنيب اليمن ويلات الحرب والاقتتال” ويقدر أيضاً “حرصهم المستمر على مساعدتنا والتزامهم الكامل نحو عملية الانتقال السياسي السلمي،” وبعد أن أكد الأخ فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية على أن “ أمن واستقرار اليمن يعد شأناً إستراتيجيا لدول المنطقة والعالم”، أعرب عن حاجة اليمن إلى المزيد من الجهد “لدعم خطوات وقرارات التغيير التي يعبر باليمن بعيداً عن أية احتمالات للانتكاس أو الارتكاس”، مؤكداً على ثقته التامة بأن “التعاون الأهم بين اليمن والدول الشقيقة والصديقة سيكون عنواناً بارزاً للعملية الانتقالية في مرحلتها الثانية.”[c1] الخلاصة [/c]في التحليل النهائي لخطاب فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية، بهذه المناسبة، فإنني أرى أنه قد وفق في وضع خطوط واضحة لما تبقى من المرحلة الثانية للتسوية السياسية اليمنية، بل خارطة الطريق نحو فبراير 2014، بعد أن أقر لأول مرة وفي إشارات واضحة إلى “ثورة الشباب السلمية” و”طموحاتهم المشروعة في التغيير والمساواة والعدالة الاجتماعية” وإقرار صريح أن الشباب هو من فجر مسيرة التغيير وانتصر لها، وأن التغيير “بدأ يحقق ثماره”، وأن اليمن الجديد سيقوم بشكل جوهري على بلورة “مضامين وأهداف ثورة التغيير بأبعادها الوطنية والإنسانية الحقيقية”. وكان فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية في خطابه السابق بمناسبة الذكرى الخمسين لثورة 26 سبتمبر الخالدة، قد أوصل مجموعة من الرسائل الواضحة أكدت أن مسيرة التغيير ماضية نحو هدفها، وأن على اليمنيين أن يعتبروا من ماضي التمزق والتشرذم والتقزم، لبناء يمن المستقبل. أما في خطابه الأخير، فأوضح الرئيس هادي، بشكل أن قاطع عجلة التغيير ماضية دون تراجع، في ظل محددات “التسوية السياسية” التي تشكل علامة فاصلة في التاريخ اليمني، ارتكزت على تكاتف القوى السياسية والمجتمع الاقليمي والدولي، وأطرتها تلك الجهود في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة التي أقرتها كل أطياف وأطراف العمل السياسي، والتي أكد عليها المجتمع الدولي من خلال قراري مجلس الأمن الدولي رقمي 2014 (2011) و2051 (2012)، والتي ساندها ويقف إلى جانبها كل أًصدقاء اليمن والمجتمع الدولي بأكمله.إنها التسوية السياسية التي يجب أن تصل إلى نهايتها المرسومة، والمستهدفة في الأساس تحقيق مكاسب وطموحات “ثورة الشباب السلمية” المشروعة في التغيير. إنها التسوية السياسية التي فوضت مؤتمر الحوار الوطني الشامل، الذي يجب أن يكون “أوسع مشاركة سياسية تشهدها اليمن في تاريخها المعاصر”، لوضع دستور جديد للبلاد وفقاً لمخرجاته التي يجب أن تستوعب كل ما يراه اليمنيون للمستقبل المأمول به.لقد أوضح الرئيس هادي في خطابه أن جهود لجنة الشئون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار جوهرية لإنهاء الانقسام والإعداد للحوار الوطني، وأوضح أيضاً دور الحكومة فيما تبقى من المرحلة الانتقالية من مهام ترتبط بحياة المواطن بالدرجة الأولى، منوهاُ إلى أن الشعب اليمني شب عن الطوق وأنه يناشد الشعب وكل الأطراف بالتكاتف اللازم لإنجاز المهام الانتقالية. كما أبرز الرئيس هادي الجهود الدبلوماسية الناجحة وجهود إعادة الاستقرار الاقتصادي والتنموي الذي تقوم به الحكومة، منوهاً بالدور الهام الذي يقوم به شركاء التنمية والدور الرائد الملقي على عاتق الاستثمارات الوطنية في تحفيز الاستثمارات الأجنبية والاقتصاد الوطني عموماً. وقد أكد الرئيس هادي في ختام رسالته أن اليمن لابد أن يكون شريكاً استراتيجياً للمجتمع الدولي، إدراكاً منه أن أمن اليمن شأن أستراتيجي دولي يجب عليه الإسهام الفاعل والحقيقي في تأمينه وحمايته، بالتعاون الشامل والكامل والمتكافئ مع الإقليم والمجتمع الدولي.