علي الذرحانيقبيل موعد التوقيع على الوحدة بأشهر قليلة طلبت منا وزارة الثقافة والإعلام التعبير بلغة الريشة والألوان عن هذا الحدث الكبير الذي لم تستطع لغة الفن التشكيلي أن تبدع عملا فنيا يوازي أو يضاهي هذا الحدث الذي حجمه بحجم وطن كبير اسمه اليمن الطبيعية أو الجمهورية اليمنية الجديدة أو يوازي حلماً كبيراً لم نكن نتوقع أن يتحقق في يوم ما. ومع ذلك لم نفقد الحيلة أو الفكرة فقد استجمعت قريحتي الفنية وقدحت فكري وكل ما لدي من خبرة نظرية وعملية وتراكم معرفي وتقني خاصة في مجال تخصصي في الفن التشكيلي وعلى وجه التحديد فن الجرافيك أو فن التصميم الجرافيكي وقلت لنفسي لابد أن هناك في مكان ما فكرة عن الوحدة تحتاج من الفنان التشكيلي الحاذق أن يلتقطها أو يعيد صياغتها وتركيبها تركيبا إبداعيا بحيث تعبر غاية التعبير عن حدث كبير كالوحدة اليمنية وتجسد بلغة الفن التشكيلي . في تلك اللحظة سمح للخيال أن يسرح ويمرح ويخرج من قمقمه وعقاله وتمخضت القريحة عن ولادة فكرة الطير “الشعار” الموجود في الدولتين شمالا وجنوبا قبل الوحدة كعنصر تشكيلي مشترك يعبر عن الوحدة اليمنية وبحثت فيه أيضاً عن عناصر فنية أخرى تدل على قواسم مشتركة عميقة الدلالة عن معنى الوحدة فلم أجد اصدق تعبير عن اليمن الواحد مثل جسد الطير الواحد الموجود كشعار للدولتين في شمال اليمن وجنوبه قبل الوحدة، ووجدت أن ابلغ تعبير أيضاً وأكثر دلالة وتأثير على الشطر الشمالي والشطر الجنوبي من الجسد الواحد هو الجناح الأيمن والجناح الأيسر من الطير الواحد المشترك كشعار في الدولتين السابقتين للوحدة. ومن البديهي أن الطير لا يمكن أن يرفرف في الفضاء الرحب بحرية وانطلاق إلا إذا كان له جناحين وكذلك اليد الواحدة لا يمكن أن تصفق لوحدها إلا بوجود أختها. وهنا رمزت بالطير للإنسان اليمني في الشمال والجنوب ورمزت بجناحي الطير لعلمي الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية قبل الوحدة ووجود علم ج.ي.د.ش في هذا الرسم يذكر بالقضية الجنوبية ولو ضمنيا حتى لا ننساها وبما أن هذين العلمين الشمالي والجنوبي قد اندمجا وتماهياً في علم واحد هو علم الجمهورية اليمنية الجديدة فقد تعمدنا في الرسم الذي نفسره للقارئ أن يرى هذين العلمين بلون خافت وكأنهما قد ذابا واختفيا وبرزت بدلا عنهما ألوان علم الوحدة التي تمثلها الزهرة المتفتحة البازغة من بين اليدين الملتحمتين نتيجة اندماج والتحام اليد اليمنى مع اليسرى لجسد الطير الواحد.لقد رمزت بتلاحم جناحي الطائر لتلاحم نضال ثورتي سبتمبر وأكتوبر أو ما يعرف بواحدية الثورة اليمنية شمالا وجنوبا.. الثورتان اللتان واصلتا نضالهما من اجل إعادة اللحمة اليمنية التي تحققت في 22 مايو 1990م وكان من ثمرة لقاءاتهما وتلاحمهما ولادة زهرة الوحدة ورمزنا لليمن الحر بالطير الذي يعيش حرا طليقا في الفضاء الفسيح يتطلع للمستقبل بنظرة تفاؤلية ثاقبة ورمزنا بتلاحم الجناحين لتلاحم اليدين لان اليد التي تلتحم بيد أخرى تزداد قوة وتأييدا ومنعة وخير كثير ورمزنا بالزهرة المتفتحة لليمن الواحد الموحد والمزدهر في ظل هذه الوحدة.لقد كان هذا الملصق أو العمل الفني التشكيلي الذي ساهمنا به في التعبير عن معنى الوحدة بمثابة الحلم الذي حلمنا به قبل 22 عاما من الآن ولم نكن نعلم ماذا سيكون مصير هذه الوحدة بعد عقدين من الزمان لأننا بشر لا نعلم الغيب ولكننا على يقين أن عامنا هذا الذي يصادف العيد الوطني الـ 22 سيكون محطة تاريخية لتحرير الوحدة من سجون الظلم وأغلال القيد والغنيمة.وسيعيد الشعب في هذا العيد الوطني بناء دولة الوحدة ويحميها بنبض القلوب.
|
ثقافة
وللفن التشكيلي دور في تجسيد الوحدة اليمنية
أخبار متعلقة