متابعة/ ولاء عبدالله :احتضنت طرابلس أول مهرجان عالمي للشعر في ظل هذه الأجواء التي نتابعها باستمرار من خلال شاشات التلفاز فهذه مجازفة رأى البعض أنها قد تكون في غير وقتها، لكن هذه الفكرة سرعان ما تنتهي ما أن ترى الأجواء في طرابلس من جانب، وفي المهرجان الشعري من جانب آخر، فقد أقيم المهرجان على مدار الأيام الثلاثة الماضية بحضور نخبة من الشعراء والنقاد من مختلف أرجاء العالم، وفي أجواء مفعمة بالتاريخ أقيم الافتتاح بجوار أقدم أثر روماني بالمدينة (قوس ماركوس أوريليوس) بحي باب البحر في المدينة القديمة، وقد حضر الافتتاح وزير الثقافة إضافة إلى نخبة من الشعراء والكتاب والمثقفين الليبيين الذين قدموا لمشاركة حضور المهرجان أول فعالية ثقافية ليبية كبرى بعد الثورة والحرب ضد نظام القذافي وكتائبه.أما جلسات المهرجان ولقاءاته الشعرية فقد أقيمت في (دار الفقيه حسن) التاريخية بزنقة الفرنسيس، التي تقع أمام قوس ماركوس الذي يعتبر البعض أن اتجاهات أبوابه تمثل أنقاض المدينة الفينيقية القديمة التي بنيت أنقاضها المدينة الرومانية.الشعراء والمشاركون الذين حضروا المهرجان أكدوا أن رحلتهم ومشاركتهم بمهرجان طرابلس العالمي للشعر كانت أشبه بحالة إبداعية جميلة، خاصة أنه يعد أول مهرجان عربي ذا طابع عالمي يهتم بالشعر وقضاياه ويناقش أسئلته المختلفة.ومن بين المشاركين في المهرجان:(الشاعر الأردني طاهر رياض، الأمريكية كارولين فورشيه، الشاعر والإعلامي عبدالوهاب الملوح، الشاعرة المصرية إيمان مرسال، الشاعرة نجوم الغانم من الإمارات، الشاعر الليبي السنوسي حبيب، الشاعرة الليبية حواء القمودي، والفلسطيني زكريا محمد، مارلين هاكر، توني هوغلاند، الناشرة البريطانية مارجريت أوبانك، جيمس بيرن، ربيع شرير، مريم سلامة، أحمد الملا، حبيب طنغور، رشا عمران، عبدالسلام العجيلي،عائشة إدريس المغربي، صالح قادربوه، سعاد سالم، مفتاح العكاري، مبارك وساط، سالم العوكلي).وحول المهرجان يقول الشاعر التونسي عبدالوهاب الملوح إن المهرجان هو جرأة من الإخوة الليبيين القائمين بتنظيم هذا الملتقى على مستوى دولي، يصغون فيه لنبض الشعر في الشمال وفي هذا الجنوب، الذي يريد أن يتيح بشمال كان فيه وبشمال آخر افتراضي. وأعتقد أن هذه المحاولة الأولى هي محاولة ناجحة، باعتبار أنها قامت بعملية كنا نبحث عنها في السابق وهي عملية المثاقفة، التي لها علاقة بالثقافات الأخرى فالمهرجان به أمريكيون، بريطانيون، وإيطاليون، وقد تم التلاقح بين هذين النصين : (نص الشعر العربي) خاصة في نسخته المعدلة فيما بعد هذه الثورات والوافد علينا، وما سمعناه من شعر ليس مجرد فلكلور بقدر ماهو شعر عربي، قوي متصالح مع الآخر لكن دون الإسلام له، سمعت هنا الكثير من النصوص التي تشرفنا كعرب، وتفتح لنا الآفاق خاصة على مستوى الكتابة وعلى مستوى التقنية الحديثة، فهي كتابة فعالة مربكة، قوية أيضاً، وأحيي الإخوة الليبيين على تنظيم هذا المهرجان، وأتمنى أن نشهد دوراته القادمة وأن يتم توزيعه بأكبر قدر ممكن من الساحة العربية، ونتمنى أن نحتفل به وقد تمت تسوية الأوضاع في سوريا وبقية البلدان العربية.أما الشاعرة المصرية إيمان مرسال التي قدمت من كندا لحضور هذا المهرجان فقد أشادت بفكرة المهرجان، مؤكدة أنها أصرت على الحضور، وما أن جاءتها الدعوة حتى استجابت لها وكانت مرتبطة بقراءة شعرية في مكان آخر إلا أنها رأت المهرجان فرصة مهمة لزيارة ليبيا والتعرف عليها، مؤكدة أن ما رأته في طرابلس أكد لها أننا كمصريين لانعرف ليبيا هذه الجارة الملاصقة، مضيفة:(لا أقول أنني في أيام قلائل عرفتها، ولكن ما عرفته في هذه الأيام لم نكن لنعرفه من قبل، فهنا تكتشف أناساً لهم نفس الأحلام بعيدا عن بروباجندا القوميات العربية التي كانت تستخدم دوما بسطحية، ولم تكن تتجاوز الإطار الإعلامي فقط، أما الآن فأعتبر أننا مدينون لهذا الشعب لأننا لم نعرفه ولم نحاول أن نتعرف على حقيقته ولا على هذه البلاد، التي كنت أعرف أنها على البحر لكني لم أع ذلك إلا عندما رأيت ذلك وصرت في قلب الحدث).وتشير مرسال إلى زيارتها لباب العزيزية الذي كان ضرورة حيث صحبتها الشاعرة الليبية (سعاد سالم)، التي كان سردها يرافق الصورة التي تراها خلال الوقت الذي قضته في أطلال باب العزيزية.أما الشاعر الجزائري الفرنسي (حبيب طنغور) الذي يكتب أشعاره بالفرنسية فقد أعرب عن عميق سعادته بالمشاركة في هذا المهرجان الذي يعد أول مهرجان شعري عالمي يقام في المنطقة العربية، مؤكدا أنه شارك من قبل في فعاليات شعرية في تونس والمغرب والجزائر، لكنها كلها كانت مهرجانات محلية أو دولية مصغرة، لكن المرة هذه الأولى هي التي يشارك فيها بمهرجان يحمل هذا الطابع الدولي الموسع، مؤكداً سعادته أن تنتبه ليبيا لأهمية الشعر وتقيم هذا المهرجان متمنيا له الاستمرارية في السنوات القادمة.الناقد الليبي (كامل عراب) أصر على حضور فعاليات المهرجان ومتابعته مؤكداً أنه شيء مفرح فبرغم كل هذا الكم من التحديات التي تواجه الثورة في ليبيا وهذا الخضم من الانفلات إلا أنها لم تغفل هذا الجانب المهم.. الثقافة والإبداع، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على سعة أفق الثوار وقناعاتهم بأن الثقافة بكل أشكالها لابد أن تكون رافداً قويا للثورة والثوار في حركتهم وهم يحاولون أن يغزوا الظلام وأن يفتحوا كل نوافذ ليبيا على أضواء الفجر الجديد.أما الشاعرة حواء القمودي فتقول:(بالنسبة لأي مهرجان جمالي يحتفي بالجمال فهو رائع، فما بالك بالشعر، خاصة في طرابلس، وطرابلس تعني ليبيا وتعني أيضا المقاومة الصامتة والهادئة والتي استطاعت في 20 رمضان الماضي أن تسقط الطاغية بكل سهولة.وتضيف القمودي (أن من الجميل في المهرجان أنها التقت بصديقتيها (نجوم الغانم)، وإيمان مرسال)، وكانت قد التقتهما في 2006 بمهرجان لوديفا الشعري بفرنسا، وهاهو مهرجان طرابلس يتيح لهذه الفرصة أن تكرر، والعجيب أنها عندما سألت إيمان مرسال وقتها إذا ما كانت ستزور ليبيا فكان ردها (في المشمش) ثم هاهي تشارك الآن في المهرجان فيبدو أن المشمش أتى وأتت معه كل الفواكه والزهور فنحن قد بدأنا ربيعنا.أما عن مشاركتها في المهرجان تقول:(للأسف لم تأت مشاركتي كشاعرة بل كمديرة لندوة “المكان والمنفى والإبداع الشعري” وقد شارك فيها نخبة من المبدعين حول العالم، أما المهرجان فيدل على أن ليبيا بها حراك ثقافي فهنا يقام المهرجان و في مكان آخر مؤتمر وكذا حراك في مناطق ومدن ليبية أخرى لتؤكد هذه كلها أنه برغم ما تسوقه وسائل الإعلام عن العنف والأحداث في ليبيا لكن هذه الفعاليات وهذا الحضور يؤكد أن الأمن في ليبيا مستتب، وأن ليبيا حاضرة في المشهد الثقافي العالمي بمبدعيها، فهذا هو أول مهرجان عالمي للشعر وهذه هي الرسالة الأجمل فبعد 40 سنة من بروباجندا القذافي وعداواته ودعاياته يطل هذا الوجه الثقافي ليؤكد أن ليبيا بها الكثير من الأصوات الشعرية المهمة وأيضا تحتضن كل شعراء العالم في أول مهرجان شعري بطرابلس).
|
ثقافة
ليبيا تعلن عن حضورها الثقافي بإطلاقها أول مهرجان عالمي للشعر
أخبار متعلقة