وأنت ذاهب إلى إلى محرابة ، تهيأ ، خذ زفيراً وشهيقا من لطائف النسمات التي تريد من خلالها أن تتنفس هواء نظيفاً ، هواء عليلاً فأنت ذاهب إلى محراب التكامل بين المعاني ومفردات علم الجمال والوجود .حاول ما استطعت أن تستجمع قواك ، هيئ لنفسك ما استطعت من بحار الفكر ورحابة الصدر وعبقرية الزمان والمكان فأنت ذاهب لمحاورة أفلاطون ، ستجد نفسك في رحابٍ أعمق من رحاب عالم نجيب محفوظ، ستجد نفسك في مغارة للتعبد في حضرة بوذا ، طاغور ، ستجد نفسك يحاصرك الارتباك ، ستفاجأ بالبساطة التي تتجمد عندها فرائصك ، استجمع قوامك ، وقواك خض تجربةً من العصف الفكري وأرسل تحياتك لقواميس الكلام ، وخذ من مآثر مانديلا قدر المستطاع ، لحظات وأنت في حضرة السؤال الكبير ... لماذا أتيتم وهل أضعتم الطريق !!! سقراط أمامك ... وتلٌ كبير من أعماق الذات البشرية تبحثُ عن الإضاءات في سماوات كونفوشيوس... دلالات حضارة الأندلس ، وقل لنفسك ما تريد أن قبل أن تُلقي التحية والسلام ، وقل يا أيها الزمن الراحلُ في الذكريات أتيت إلي أبواب مكة التي مكنت عقل ابن رشدٍ الأندلسي في منعرجات فلسفة حكيم اليمن الذي كان ولا زال حكيماً قال ويقول ما ينبغي لنا أن نقول . قُلتُ له والمهابةُ أكليلٌ من تحفة الاحترام والتقدير ، أهلا يا روح الكلام وقائد الحروف والكلمات في ميادين الصراع ضد خرابات جيوش النمل وحوافر خيول الأمن وأبجديات النصب في مباريات الفساد داخل ممالك الهكسوس الذين ابتغوا بحق البلاد والعباد .تهلل وجهه كالبدر قائلاً يا أهلاً وسهلاً ... ماذا تحملون !!؟أبواب صنعاءَ موصدة وشمسانُ مأسور داخل قناني نفوذ القبائل معبأةُ ببارود العساكر تحت عمائم قندهار.أعرف ماذا ألم بكم ولكنني أنتظر منكم قول المزيد عن التتار ، عن عمائم قواعد بيت السحالي وتجار خمارة القط الأسود بين التلال والجبال ومداخل البحر وسجون آل عثمان وسلاجقة بيت المال .ماذا لديكم ... مبادرةُ جسور ، جنوبٌ مشتت الأوصال وشمالا باعته القبائل للتجار والعساكر أشلاء تمزقت بين الصناديد // مالٌ // وسلاحٌ // ودينٌ // وتكفير وتزيف إعلام بين أخوان الصفا وحملة شعلة أنصار شريعة وقذائف قواعد حرس جمهورية الموز داخل صنعاء مقطعة الأوصال .أستاذ عبد الله ... يا أيها الراحل فينا، الباقي في المآقي والخيال ، أتيناك بعد أن فاض الكيلُ ، أتيناك وأنت الذي نبهَ من زمن مضي ... قلت :«كل شيء في بلاديإلا آنـا وبـلادي »أتينا نحمل السؤالَ ، القولً ، الهمَ...!الحقَ أقولُ لكم ، الجواب ليس الأهم بل الأكثر أهمية حسن السؤال، واسمعوا جيداً لما أقول ...ابحثوا مثل سقراط وقولوا مثلما قال الربُ لأدم «ملعونةٌ الأرضُ بسببك»وقولوا لذي القرنين :«ملعونٌ من باع الإنسانَ وبنى مملكةً لذاته وسجناً للإنسان» .أرحلوا مثل زنبقة الصباح .وافهموا جيدا ما سوف أقوله لكم وهو قولٌ قاله ذات يوماً الكاتب البريطاني الساخر برنارد شو ...التاريخُ دمعة ،التاريخُ نقطة دم ،والحياةُ لا تسيرُ دونَ نقطة دم أو دمعة عين .وانتم قد ذرفت عيونكم من الدموعِ أنهارا ، وسالت من أجساد البنين سيولٌ وانهارا ، ولأنني أحترق ألماً وحزناً علي تلك الدموع التي ذُرفَت ، والدماء التي سالت فهي من جسدي وتجبرني أن أخبركم بان مسيرة التاريخ والفكر الإنساني الصحيح تبدأ بسؤالٍ كبير ليست له إجابة واحدة ، المهم أن يكون السؤال محملاً بأشياء تستدعي إجاباتٍ تتماهى مع عظمة وعبقرية السؤال ، فرب قولٍ أنفذ من قول .فقط لا تتوقفوا ، فالواقف دون وعيٍ وحراك هو المراوغُ ولا تسكتوا عن السؤال الكبير الذي يستخرجُ الإجابات من قلب الصخر ، فلا تهادنَ ولا توقف خاصةً إذا وجدتم ورأيتم إن الذين يصنعون التاريخ // الحاضر // المستقبل // هم أحفادُ وأشباه الجنرالات الذين يغيبون ويشنقون دور الثقافة والمثقفين في تقديم الإجابات عن جوهر رحلة الحياة التي تبحثون عنها فالحياة لديهم قاموسُ ليلٍ ذائب .أقول لكم ... الواقفُ هو المراوغ ...يا سيد الكلمات ويا قديس قاموس النباهة وبساتين الكلام المزروع في حدائق الإنسان التي خصبتها دواوينك الدرر الخالدات .أبوابنا مغلقة ... مشاكلنا تقاطعاتها أكثر خطورة مما نستطيع نقله إليك وإشارات الطريق باتت مغايرةٌ لسفينة التاريخ وحفريات جغرافيا التواصل والوئام .والله إني شاعر ٌ وموقنٌ بمحنتكم...فأبوابُ مكة وأبوابُ صنعاء موصدةٌ من حين غادرها الخلُ الوفي وطار بأرجائها طائرُ العنقاء ليغتال ليلاً في الشمال ما تزرعه الحمائم فجراً في الجنوب // انتم بين مفترق الطرق// وهذه مخافةٌ حسبنا لها ألف حساب وللأسف الشديد فالوطن قد خانه الوزان في أسواق عنس وحصـون مبادلات رأس المال المخصي في حروب صعدة وكل البلاد .أقول لكم لا تيأسوا وأفهموا جيداً إن الفقراء مستعدون دائما لتسديد الحساب فقط هذه المرة لا تخذلوهم ولا تجعلوا مؤخرة قافلة بني نبهان وعساكر قندهار وحفظة فتاوى شريعة الغاب نوافذ للقاعدة التي لم تولد من فراغ ولكنها حقائب مليئةٌ بحسابات آل نبهان ، مزروعة في أسفل وأعلى الوديان تحركها أشعة الليزر إذا ما مالت شوكة الميزان نحو يثرب خارج قراءات أهل الكهف ومعسكرات لواء نجران وغمدان وخسائر علب النفط المهرب لقواعد الأنصار والأزلام بين البر والبحر وأطراف حواشي قصر الملك حمدان ومذبحة جمعة عاقل القلعة بين سور النجاشي وخلطة الأعيان.افهموا جيداً ... القضية أصلها وطن ومشاعر تبني الإحساس بالمكان والزمان ومن واقع التأثير والبناء...إنني أفهم جيدا إن الذين تحولوا أو حولوهم إلى لا شيء ، إلى فراغ ، إلي مجرد هامش ، لن يظلوا كالواقف المراوغ سيتحولون إلى فعلٍ معارك.وأعتقد أن ذلك ما حصل وهو ما كنتُ أتوقعه .افهموا جيداً المعاني العميقة التي تحملها كلمات الشاعر الراحل أمل دنقل الذي قال يوماً :« أترى حين أفقأ عينيك ،ثم أثبتُ جوهرتين مكانهماهل ترى !!؟ هي أشياء لا تشتري»وبحسرةٍ هأنذا أصرخ بملء الفم إن التبع الذي كان يحضر كي يفقأ الأعين لم يسع لبناء الوطن الإنسان ومن فُقئت عيناه لن يرضى بالعيش كفيفاً بل سيصيرُ شيئا آخر قال عنه أمل دنفل ما يلي :« سوف يولد منيلبسُ الدرَعَ كاملةًيطلب الثأريستولدُ الحقمن أضلع المستحيل»وأعتقد أنكم تعيشون هذا المشهد ولهذا أتيتم لزيارتي.أقول لكم أخرجوا من عتبات التقوقع تحت العباءات الضيقة ... واجعلوا من الوطن ساحةً يملكها الإنسان لا الحكام، واجعلوا من باب المدينة مدخلاً للحراك وللوفاق علي ساحة الوطن كلها ، وخذوها مني عبرةً تقول :« وطنٌ بلا إنسانٍ حرٍ لا يساوي أكثر من كومة تراب ، واستمعوا واستوعبوا ما قاله ذات مرة الشاعر المبدع صلاح جاهين من مصر العزيزة علينا :« كلام على لسانيجاني لابد أقوله ... لحدالقمح ليه ! اسمه القمحاليوم وأمس والغد »فإذا ضاع على الإنسان الوطن الذي يجد فيه قمحه فلا معنى للقمح بغياب الوطن المسروق.قلنا نحن مثلُك ... نستوعب خطاك ... آتينا نستزيد من خزائن معارفك لأننا نرحلُ مثلك للغد المغاير للبقاء داخل خيمة السجان .نحن مثلًك نبحثُ عن طيفٍ جديد...« لأنا لا نودُالعودةَ للوراءفماذا إذاً ترى !!؟يا حكيم الزمانلبلدٍ غادرها الأمان !!»هل ترى أن العود أحمد !!؟أم ترى أن نكلمَ التاريخ ،أو نخادع الروحَ بالتوبيخ ،أو نستجيرُ اليومَ بكسرى ،وغداً نستجير بقيصرا؟ ،وها نحنُ بين يديك نسمع!!قال : ابتسموا ... لا ثكلتكم أيام الكرىابتسموا ... واطردوا فسيفساء التردد والخمول واتركوا بيعة آلَ سفيانً الذين باعوا عفة الحروف في مزابل الحيض وأرتال الدرن»واسمعوا لفيروزَ وأذان الفجر !!قلنا نحن مثلُكَ لفيروز عاشقين نأخذ الصبح منها والإشاراتِ والصوتُ الجميل ومثلُها تغني :« يا عاقد الحاجبين قتلتني مرتين» ونرددُ علي وقعِ صوتها قائلين :« الله أكبر يا وطن عائدٌ أنت على فرس الرجال »فهت ما لدُنكَ يازمن، وغن بأعلى صوتك مثل فيروز :-«يا عاقد الحاجبين غداً نصلي ركعتين بين الشوارع والمساجد وأولى القبلتين»سنعيد رسمَ الصورةَ // الوطن // سنقرأ البوابة التي كتبتها ذات يوم ناقوساً يدقُ أجراس الخطر :« جنوبيون في صنعاءشماليون في عدن»سنقرعُ الأجراس ... أجراس الخطر... فالدماء سالت في الشوارع والبيوت سنتلو آية الوطن والحناجرُ تهتفُ ... كفى ... كفى «اخرج أيها العقربُلا تقطعَ الحرفَ بسيفكلست الخيارَ ولستَ السؤالَولست الجوابَ ... أنت بيت العنكبوت ولحظة الندم ...وها نحن ثورةٌ وحراكهزَ كتفيهِ باسماً و قالَ نعم ... غنوا لفيروز»« ففيروز قلبٌ يغنييفيضُ بالكلماتومن ثناياها يسرددُ القلبُآياتَ رب العالمين »آيات الشعوب التي تقطفُ الأزهارَ أزهار اليقين من فيالق علم الحالمين ومن بساتين من ذهبوا ومن عناقيد كل الراحلين قُلنا يا سيد الحرف ... ... أنمضي والقلوبُ مفعمة تبحثُ عن التوافق والوفاق!!قال نعم ... امضوا نحو السقوف ماعلاها ومادناها إن كانت الضرورة تدعو فقط حددوا ماذا تريدون!! وحددوا أفاق المسار ولا تركبوا الموج فُرادى ولا تتقاتلوا فللمسار قائده وللموج أخطاره وللبحر موازينه والحكمة ضالة المؤمن ... مضينا نغني :«» يا عاقد الحاجبينقتلتنا مرتين ولن يلدغ المؤمنمن جحره مرتينفمن أين تأتي الشظايا !!؟ومن أين يأتي الأنين !!؟من الجفاء والبين ،أم من قذى العين ،أم من رماد الفينيق ،أم من شظايا الحريقأم من خرائط نار الطريق !!؟» وقلنا وداعاً يا تاج الكلام .فقال قبل الوداع ... قفوا مع الإنسان، مع الوطن الإنسان ، وافهموا جيداً القول الذي أكدنا عليه :« الواقفُ في الفراغ ،هو الواقفُ المراوغ ، القاتلُ للإنسان والأوطان»قلنا سنخرجُ من باب التمني والخيال إلى أرض حقوق الإنسان في الشمالِ وفي الجنوب من بوابةٍ أو بوابتين او وفْقما تقتضي حرية الأوطان والإنسان .ابتسم كعادته يودع الزمان والمكان قائلا مؤكداً امضوا نحو دولة الإنسان من بوابةٍ أو بوابتين أو وفقما تقررها حرية الإنسان وأردف قائلاً :«» ستجدون طائر الفينيق ،منبثقٌ من عقل ِ” برومثيوس»وومضةً من حسابات السنين ، أو شعلة يوقدها الحنين ،فيما تبقى من جسد البنين ،واسألوا يوماً من جانبه الصواب أمخطئاً كان في تفاصيل الجوابأسألوه باقتضاب :هل الجرحُ ... جرحٌ لطائر الفينيق ،أم بقايا من شظايا حلمنا العتيق ،أم جسدٌ مسجىووطَنٌ تشظى شمالاً وجنوب ، أسألوهأكان حلماً أم سرابويا أيها الأحباب ماذا ترون !!؟أبحراً أم خراب !!؟ أم كنوزاً لمملكة الآفاق أو جراحاً يضاعفها الترياققلنا سلاماً وداعاً يا روح الكلام لأنا سنبدأُ من جديد قد أخذنا من لدُنكَ عنواناً جديد بلدةً طيبةً ببوابةٍ أو بوابتين ونقول ادخلوها أمنين أدخلوها إن رغبتم إن شاء الله أمنين
|
آراء
حوار مع أبي العلاء البردوني
أخبار متعلقة