نبض القلم
حقوق الملكية الفكرية في أبسط تعريفاتها هي الحقوق التي تقرها القوانين والتشريعات لشخص ما على الإنتاج الفكري أو الذهني الذي أنتجه أو ساهم في إنتاجه ، وتتمثل حقوق الملكية الفكرية في الأمور المادية التي تعود عليه بالنفع والفائدة، والأمور المعنوية التي تمكنه من التصرف بالإنتاج الفكري ، باعتباره هو مالكه ، ومن حقه أن يستأثر به، والتصرف ببيعه، والانتفاع من مردود توزيعه.وحق الملكية الفكرية يمنح صاحبه عدة أشياء، منها حقه في الاستئثار بعمله، ليكون خاصاً به دون سواه، وحقه في التصرف بهذا العمل بيعاً أو تنازلا أو هبة وحقه في الانتفاع به واستثماره، والاستفادة من ثمرات استخدامه واستغلاله من قبل الغير. فمالك الحق الفكري لأي منتج ذهني يحصل على حقين اثنين الأول: حقه في انتساب العمل إليه دون غيره ، ويسمى العمل باسمه لارتباطه بشخصيته وما يتعلق بذلك من سمعة وشهرة ويسمى هذا بالحق الأدبي أو المعنوي.والثاني: حقه المالي ، بحيث يستفيد صاحبه وورثته من بعده من ثمار بيعه ومردود توزيعه ، ويسمى هذا الحق بالحق المادي.ولقد أحسن مجلس النواب في بلادنا صنعاً عندما أقر في بعض جلساته الأخيرة مشروع قانون حقوق الملكية الفكرية في وقت تتعرض فيه حقوق الملكية الفكرية في بلادنا لكثير من الانتهاكات وعلى وجه الخصوص حقوق المؤلف.وتقوم حقوق المؤلف على أساس المبدأ القائل بأنه لا توجد ملكية أخص وألصق بالإنسان من ملكية إنتاجه الذهني وملكية المؤلف إنما هي تأكيد قانوني لحق الكتاب والفنانين في ملكية مؤلفاتهم أو مصنفاتهم ، وهو ما يخولهم حق التمتع بالحماية ضد استخدام مؤلفاتهم بغير ترخيص منهم ، وحق تقاضي حصة من أية أرباح تنتج عن انتفاع الجمهور به.وقد حظي هذا المبدأ بتأييد منظمات المؤلفين الدولية، وقد نص ميثاق حقوق المؤلف الذي اعتمده الاتحاد الدولي لجمعيات المؤلفين والملحنين في الاجتماع الذي عقده في عام 1956، والذي حضره ممثلو 35 بلداً على ما يلي :“ يعد المصنف الفكري وليد شخصية المؤلف ومصدراً لمصالح اقتصادية في آن واحد ، ومن هذا تنبع خصائص الحق الشخصي الذي يتعلق بنوع من حقوق الأبوة ومن هنا أيضاً تنبع مبادئ المؤلف الاستئثاري والقابل للنقل بالنسبة لجميع صور استغلال المؤلف أو المصنف، أياً كان مدى جدارته أو وجه تخصصه” أ.هـ.لذلك لا بد أن يشمل قانون حقوق الملكية الفكرية المزمع إصداره مجموع المصالح الخاصة بالمؤلف والتي اصطلح على تسميتها باسم ( الحقوق الأدبية) للمؤلف ، ومن ذلك حق المؤلف في المطالبة بأن ينسب عمله إليه ، وحقه في المطالبة باحترام السمات الأساسية لمؤلفه أو وبالمحافظة على سلامته كما يجب أن يشمل الاعتراف بحق المؤلف في الحصول على المكافآت المجزية مقابل المؤلف أو المصنف الذي أبدعه، سواءً كان علمياً أو فنياً أو أدبياً لأن ذلك يشكل حافزاً للإبداع الذي يعود نفعه للمجتمع بأسره.ولأهمية الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية تصدى علماء الشريعة المعاصرون لدراستها ، وكتبوا فيها البحوث وأصدروا الكتب، وأفتى فيها المفتون والفقهاء وعقدت من أجلها الندوات والمؤتمرات وعرضت على مجامع الفقه الإسلامي وصدرت في الإعلان الإسلامي لحقوق الإنسان ، وكانت النتيجة أن أكبر علماء الشريعة المعاصرين أقروا بالحقوق الفكرية والأدبية والمعنوية للمؤلفين ومن ذلك ما اتخذه مجمع الفقه الإسلامي الدولي في قراره رقم ( 43 / 5 / 5 ) بشأن الحقوق المعنوية ومن ذلك ما قاله في ( ثالثاً) “ حقوق التأليف والاختراع والابتكار مصونة شرعاً ولأصحابها حق التصرف فيها ولا يجوز الاعتداء عليها”وعليه، فإن كثيراً من المؤلفين اليمنيين لسبب أو لآخر قد حرموا من حقوق الملكية الفكرية وصارت مؤلفاتهم عرضة للنهب والسطو والاستغلال من قبل دور النشر أو وسائل البث وهو ما ينبغي إنصافهم وإعطاء كل ذي حق حقه.