غضون
* خلال فترة وجيزة تمكن إرهابيو تنظيم القاعدة من تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية في عدن على غير المتوقع بالنظر إلى كونها عدن ، وكذلك لأن مكافحي الإرهاب يحرزون تقدماً، فما تفسير قدرة التنظيم في بيئة يفترض أنها غير مواتية؟من أواخر سبتمبر إلى أواخر شهرنا هذا نفذ التنظيم عملية إرهابية لاغتيال وزير الدفاع، حيث كان الانتحاري الداودي يتربص بموكب الوزير عند مدخل نفق جولودمور جهة القلوعة، فانتهى أمر الانتحاري والسيارة الميتسوبيشي المفخخة ونجا الوزير، ويوم أمس تمكن الإرهابيون من اغتيال علي الحجي رئيس وحدة مكافحة الإرهاب قائد كتيبة الأمن المركزي بعبوة ناسفة زرعت في سيارته،وفي الوسط بين العمليات فجر إرهابي نفسه بحزام ناسف في التواهي مستهدفاً جنود نجدة، واستهدف ضباط وجنود شرطة القلوعة بعبوة ناسفة أيضاً، إلى جانب عمليات أخرى أقل شأناً ، وبالمقابل تمكن مكافحو الإرهاب من اعتقال نحو سبعة إرهابيين ووضعوا أيديهم على مستلزمات الأعمال الإرهابية من متفجرات وأسلحة وأدوات تفخيخ سيارات انتحاريين وغير ذلك من لوازم الشغل القذر أثناء مداهمة أوكار المجموعات الإرهابية .. ومع ذلك فالإرهابيون لا يزالون قادرين على تنفيذ عمليات إرهابية ناجحة تطال أهدافاً كبيرة كالعملية التي نفذوها أمس.* من المؤكد أن تنظيم القاعدة استفاد من الأزمة السياسية الراهنة ، وتواجده في عدن وما يقوم به فيها له علاقة بتواجده الكبير في أبين وما دار ويدور فيها أيضاً، لكن هذا كله لا يفسر أسباب حصوله على بعض التمكين في المحافظة ، بل في أحياء محددة فيها ، ولا بد من البحث عن العوامل الأخرى التي أوجدت له تمكيناً في بيئة يفترض أنها غير مواتية للإرهاب كما قلنا قبل. إذ كيف يتمكن الإرهابيون من إعداد منزل في حي سكني ليكون معملاً لصناعة مستلزمات العمليات الإرهابية، ونحن نعرف أن العلاقات الاجتماعية بين السكان جيدة لجهة الشفافية والرابطة ما يجعل التخفي أمراً عسيراً إلا إذا كانت العلاقات الاجتماعية قد تعرضت للاختلال أو كان الإرهابيون قادرين على إحاطة أنفسهم بنسيج غليظ للحماية . ولا نشك أيضاً أنهم قد أفادوا من الموجة السلفية التي طرأت على عدن ، وكان لمسؤولين في الأوقاف دور رئيس في امتدادها للأسف، كما لا نشك أيضاً في تدني قدرة مكافحي الإرهاب والإمكانيات المتوافرة بين أيديهم ، وما تستلزمها عملية المبادرة من جهة الجهاز الأمني ، فالمبادرة في الأغلب تأتي حتى الآن من جهة الإرهابيين ، وإذا كانوا يفشلون في بعض العمليات فأسباب الفشل عندهم.* اغتيل أكثر من مسؤول أمني وجندي بعبوات ناسفة زرعت في سياراتهم وعن طريق أحزمة ناسفة أو زرع عبوة في مقر شرطة ،وبهذه العمليات والأدوات البسيطة ينجح الإرهابيون في إصابة أهداف كبيرة، وأستغرب عدم التفات رجال الأمن إلى هذه العمليات .. سيارة مسؤول تلو آخر تفخخ وتنفجر به ولا يحذر الآخرون، وهم يدركون أن رجال الأمن والجيش وكل ما له ارتباط بأجهزة الأمن والجيش أصبح هدفاً للإرهابيين في هذه الأوقات ولأسباب معروفة ومفهومة لا يخفيها تنظيم القاعدة عن أحد.إننا هنا لا نلوم الشهداء لأنهم يستشهدون بسهولة ، فاللوم والإدانة يجب توجيههما نحو الإرهابيين دائماً، ولكننا نعتقد أن على الجميع أن لا يتركوا أنفسهم أهدافاً سهلة للإرهابيين ، وأن كل بيئة عمل يجب أن تبقى عرضة لضوء الشمس لتنظيفها من الأوبئة والجراثيم.