اتجاهات السياسة السكانية وعلاقتها بالتنمية
تعد التنمية السكانية أحد أهم محاور التنمية الشاملة وتهدف إلى تحقيق مؤشرات إيجابية في معدلات النمو السكاني والتعليمي والصحي والاقتصادي .. وهي بالتالي تهدف إلى تحقيق واقع أفضل ورخاء أكثر للإنسان.إن تحقيق التنمية السكانية أصبح اليوم يشكل الشغل الشاغل لأي دولة على وجه الأرض ، وذلك لأن حل أي مشكلة يجب أن يبدأ أولاً من معرفة مسبباتها واستناداً إلى ذلك تصاغ السياسة السكانية بطريقة تمثل سياسة الدولة في مجال التأثير في المتغيرات السكانية والتركيب الهيكلي للسكان كماً ونوعاً بما يتلاءم مع حاجات المجتمع ومتطلبات النمو ورفاهية مواطنيه.ويمكن تمثيل السياسة السكانية بنصوص صادرة عن الجهات الرسمية تتضمن التوجهات العامة للدولة بخصوص المواضيع والقضايا السكانية والتنموية وهي تحدد جملة من التداخلات والتدابير المباشرة وغير المباشرة. التي تعمل على تحقيق الأهداف الكمية أو النوعية الواردة في النصوص والتي تؤدي في محصلتها النهائية إلى تغيرات اقتصادية اجتماعية وديموغرافية من ضمنها نمو وتركيب وتوزيع السكان.ولا تقتصر السياسة السكانية على معالجة مشكلة الزيادة السريعة في عدد السكان فحسب لكنها تشمل أيضاً برامج التنشيط السكاني في بعض البلدان وتنظيم هجرة السكان وحركتهم والتوزيع المكاني المتوازن للسكان وتنظيم حركة توزيع القوى العاملة ، ومساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي وتمكينها اجتماعياً وسياسياً، كما تهدف إلى تحسين مستوى معيشة السكان ورفاهيتهم وتضييق الفجوة بين الريف والمدينة وكل ما يتعلق بالسلوك الديمغرافي بشكل عام.ولأن السياسية السكانية هي سياسة الدولة لتنظيم سلوك سكانها من الناحية الديمغرافية في الحاضر والمستقبل بما يلائم تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للمجتمع المعني ، فلابد إذاً أن تكون لكل دولة سياسة سكانية واضحة ومحدودة ومتماسكة ، ومن الضروري دمج السياسة السكانية في خطط التنمية الشاملة بحيث يتم الاهتمام بكل قطاع من خلال آثار المتغيرات السكانية ، ومن ضمنها قدرة المجتمع على استيعاب الولادات الحالية والمتوقعة في المجتمع. وعلى اعتبار أن السياسة السكانية ما هي إلا عناصر لسياسات تنمية اقتصادية واجتماعية فإن سياسيات التنمية القومية وخططها يجب أن تصاغ في نهج متكامل يأخذ في الحساب العلاقات التبادلية بين السكان والموارد.ويمكننا هنا تمييز نوعين من اتجاهات السياسة السكانية ، الأول يتمثل في السياسة السكانية المعلنة وعي عبارة عن وثيقة عامة رسمية تعلن فيها الدولة ممثلة برئيسها أو المجلس التشريعي أو الوزارة المؤسسة المختصة أو لجنة حكومية، تتضمن نيتها بالتأثير في اتجاهات السكان الحالية أو تعديلها مثل ( حجم السكان وتركيبهم وتوزيعهم والخصوبة والوفيات والهجرة) أما النوع الثاني فيتمثل في السياسة السكانية الضمنية وهي عبارة عن اللوائح والقوانين والأنظمة التي تتبناها الدولة لأهداف خاصة بها إلا أنها تؤثر في حجم السكان وتركيبتهم وتوزيعهم ، علماً أن ارتباط هذه القوانين بالعوامل السكانية هو أمر صعب ما يتطلب معرفة طويلة نسبياً بعد إصدار القوانين لتحديد تأثيراتها الديمغرافية.وبذلك يتضح جلياً أن السياسة السكانية تمثل مجموعة المبادئ والأهداف أو الغايات الأساسية والإجراءات التي تعتمدها الدولة بهدف التأثير على التطور الديمغرافي على نحو عام أو المتغيرات الديمغرافية على نحو خاص.ختاماً يمكن القول إن السياسة السكانية هي الامتياز الذي يختص به ذكاء الإنسان وقدرته على تنظيم حياته لا من أجل البقاء فحسب ولكن من أجل الحياة الأفضل أيضاً.