د. ياسمين الوريث:تشير الأدبيات إلى أن مصطلح جندر (النوع الاجتماعي) استخدم لأول مرة من قبل (آن أوكلي) وزملائها من الكتاب في سبعينيات القرن الماضي، وذلك لوصف خصائص الرجال والنساء المحددة اجتماعياً في مقابل تلك الخصائص المحددة بيولوجياً.غير أن البعض يرجح أن استخدام المصطلح وانتشاره في الأدبيات العالمية كان خلال فترة الثمانينات من القرن الماضي، وهي الفترة التي اتسمت بمناقشات مكثفة عن أثر سياسات التكيف الهيكلي على أوضاع المرأة.وكاتجاه عام فإن المصطلح يشير إلى التفرقة بين الذكر والأنثى على أساس الدور الاجتماعي لكل منهما تأثراً بالقيم السائدة. وفي هذا السياق، تتطلب عملية استجلاء مفهوم الجندر أو (النوع الاجتماعي) التمييز بينه وبين مفهوم الجنس أو (النوع البيولوجي)، فبينما يقتصر مصطلح الجنس ( Sex) على الاختلافات البيولوجية بين الرجل والمرأة ويتسم بالتالي بالجبرية والاستاتيكية كون الفروق الجسدية بين الرجل والمرأة فروقاً ثابتة وأبدية، نجد أن مصطلح (الجندر) مفهوم ديناميكي حيث تتفاوت الأدوار التي يلعبها الرجال والنساء تفاوتاً كبيراً بين ثقافة وأخرى ومن جماعة اجتماعية إلى أخرى في إطار الثقافة نفسها، فالعرق، والطبقة الاجتماعية، والظروف الاقتصادية، والعمر، عوامل تؤثر على ما يعتبر مناسباً للنساء من أعمال. ولذا فإن طرح مفهوم (الجندر) كبديل لمفهوم الجنس يهدف إلى التأكيد على أن جميع ما يفعله الرجال والنساء وكل ما هو متوقع منهم، عدا وظائفهم الجسدية المتمايزة جنسياً، يمكن أن يتغير بمرور الزمن وتبعاً للعوامل الاجتماعية والثقافية المتنوعة.فيما يرى أنصار مفهوم (الجندر) أو (النوع الاجتماعي) أنه يعتبر عن اجتياز آخر الحواجز على طريق تحقيق العدالة بين الرجال والنساء لأنه يشمل التحول في المواقف والممارسات في كافة المجتمعات، نجد مقابل ذلك العديد من الانتقادات للمفهوم واستخدامه، ولكن ما بين مؤيد ومعارض لهذا المفهوم نتساءل باعتبار أن هذا المفهوم يستخدم إطار النوع الاجتماعي الفجوة بين أوضاع الرجل والمرأة أساساً لقياس نهوض المرأة - هل تساوي المرأة مع الرجل يعني نهضتها وهل النهضة المطلوبة للمرأة حسية أم معنوية أم كلتيهما؟ أنا أجزم أن مساواة المرأة مع الرجل ولو في كثير من المجالات لا يعنى بالضرورة نهوضها، إذ تبقى المساواة شكلية ولا تدخل أبداً إلى الداخل لتصبح قناعات وسلوكاً ولحدوث ذلك فالمرأة ذاتها يجب أن تقتنع لتكون قادرة على إقناع أخيها الرجل كخطوة أولى لإقناع المجتمع وأن تتحلى بثقافة تمكنها من انتزاع حقوقها من تلقاء نفسها دون الحاجة إلى الرجوع أو حتى أي منظمات حقوق الإنسان.[c1]*باحثة في مركز التدريب والدراسات السكانية[/c]
(الجندر) ومكانة المرأة
أخبار متعلقة