اقتصاديون عرب يطالبون بعودة البليار دولار العربية المستثمرة بالخارج
القاهرة/14اكتوبر/ محمد عبد الناصر: طالب اقتصاديون عرب ومصريون بعودة البليار دولار التي يقوم المستثمرون العرب باستثمارها في الخارج سواء في أمريكا أو أوروبا أو أستراليا أو الصين التي فاقت استثمارات الخليج فيها أي تخيل، حيث العمالة الرخيصة وانخفاض التكاليف مما يرفع أرباحهم إلي %200 من رأس المال بدلا من استثمار أموالهم في دول تمتلك ثروات بشرية كبيرة وتفتقر لثروات الموارد الطبيعية مثل مصر والسودان والجزائر والصومالكما أكدوا كعلماء اقتصاد إنفراد الولايات المتحدة الأمريكية والدول السبع الصناعية الكبري بالسيطرة علي العالم النامي وأملت شروطها عن طريق ثلاث منظمات دولية تابعة هي البنك الدولي وصندوق النقد ومنظمة التجارة العالمية، وتقوم الثالثة بممارسة نشاطها الاستعماري الجديد الذي لا يعتمد علي القوة العسكرية بل يعتمد علي الهيمنة الاقتصادية المتمثلة في فرض العقوبات، التي هي في نهاية المطاف لصالح تجارة الدول الكبري وعلي حساب القدرات الوطنية للدول النامية·و أظهرت آراؤهم كأساتذة اقتصاد أن الدول الكبري لم تكتف بذلك، بل لجأت إلي تخفيض مساعداتها التي كانت تقدمها للدول النامية، حتي %0.2 من ناتجها القومي، حتي هذا القدر الضعيف وضع في إطار سياسي، ورغم امتلاك عالمنا العربي والإسلامي لكثير من الإمكانيات التي تؤهله للوقوف في مواجهة هذه التحديات، إلا أن صحوة اقتصادية أملتها المصالح الإقليمية المشتركة حتي صارت تحظي بتأييد شعبي وتتمثل في مشروعات مشتركة، كذلك قيام المناطق الحرة التجارية البينية وهي كتلة اقتصادية نجح العرب فيها·يقول د· حمدي عبدالعظيم أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية بالقاهرة: التحويل الذاتي يعني الاعتماد علي الموارد المحلية الناتجة عن الإنتاج القومي، وعن تصدير السلع والخدمات إلي الخارج، وحصيلة الضرائب والجمارك وفوائد المشروعات الحكومية وفوائد البنوك المركزية، ولذلك يجب الاعتماد عليها في تمويل احتياجات الدول من الغذاء والكساد والأدوية والاسكان واحتياجات التنمية الأخري من المواد الأولية والسلع الوسيطة والسلع الرأسمالية·ويؤكد د· عبدالعظيم علي أهمية توجيه المدخرات في الدول العربية، وهي الفائض بعد الاستهلاك، ويتم توجيه هذه المدخرات لتمويل الاستثمارات دون اللجوء إلي الدول الأجنبية سواء في شكل قروض قصيرة الأجل أو طويلة الأجل أو تسهيلات أو منح ومعونات أجنبية، لأنها تعتبر مصادر تكافلية وليست نابعة من داخل الاقتصاد القومي·· وهنا يكمن الخطر فيها لأنها يمكن أن تتوقف في أي لحظة، خاصة وأن معظمها يأتي علي دفعات وليست دفعة واحدة مما يؤدي إلي تعطيل تنفيذ بعض المشروعات الاستثمارية القائمة عليها، وبالتالي يقع الاقتصاد تحت رحمة الدول الأجنبية·ويؤدي من ناحية أخري إلي عدم وجود حافز لإنشاء صناعات عربية أو وطنية أو مشروعات زراعية ، ويكمن هنا مبدأ التبعية الاقتصادية للخارج والتي تؤثر علي القرارات الاقتصادية والسياسية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وفي هذه الحالة يعاني الاقتصاد القومي من المساوئ المترتبة عن هذه المصادر الخارجية، ومعاناة الاقتصاد من أعباء السداد في المستقبل في صورة فوائد ضخمة، بالإضافة إلي أن المعونات تكون مشروطة بشراء الاحتياجات من الدول المانحة وهذا يؤدي إلي عودة الأموال مرة أخري إلي الدول الأجنبية، وفي كل الحالات تكون التكنولوجيا الواردة من المعونات قديمة أو متخلفة أو لا تسمح بالانطلاق الاقتصادي المتميز·[c1]التكامل البيني[/c]ويري د· حمدي عبدالعظيم أنه من الأفضل أن تتجه الدول العربية إلي تنمية مواردها الذاتية داخلياً بمعني الاهتمام بالتكامل الاقتصادي البيني من أجل إنشاء مشروعات مشتركة عربية·· وبالتالي يجب أن تتعاون عناصر التمويل العربي المتمثلة في رأس المال الخليجي مع تنمية الموارد البشرية الهائلة المتوافرة لدي مصر والسودان وسوريا، والجزائر بجانب تعاون المؤسسات المالية العربية فيما بينها لزيادة حركة انتقال رؤوس الأموال وتجميع المدخرات العربية لتوجيهها إلي قنوات الاستثمار المختلفة، بالإضافة إلي زيادة حجم التبادل التجاري مع الدول العربية فيما بينهما مما يؤدي إلي تقليل درجة الاعتماد العربي علي العالم الخارجي مما يحقق الاستقلال الاقتصادي واستقرار القرار السياسي ونجاح الجهود الرامية إلي إنشاء سوق عربية مشتركة، فالاستغلال الاقتصادي يؤدي إلي الاستقلال السياسي·[c1]استثمارات مهددة[/c]ويضيف د· حسن عباس زكي أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أن هناك مشروعات قائمة بالفعل بين الدول العربية ومطلوب تنميتها ودعمها مثل المشروعات القائمة في إطار جامعة الدول العربية ومجلس الوحدة الاقتصادية، وكلها تشكل تكتلاً اقتصادياً عربياً قادراً علي دعم حركة التنمية في الوطن العربي والإسلامي، ومن الضروري السعي بجدية نحو إنشاء بنك عربي إسلامي للتنمية علي غرار البنك الدولي، لأنه ليس من مصلحتنا أن يظل حوالي بليار دولار في صورة استثمارات عربية خارجية متمثلة في احتياطيات نقدية معظمها بالدولار بجانب استثمارات في ودائع وأذونات خزانة أو في عقارات، وقد تتعرض هذه الأموال للمصادرة أو التجميد بفعل ظروف سياسية، مما يحتم إيجاد فرص استثمارات بينية، تبعاً لإمكانيات السوق وتوفر المناخ الملائم سياسياً واقتصادياً ومالياً في كل دولة·ويطالب د· عباس زكي الدول العربية بتجاوز مرحلة الخلافات المتبادلة التي حدثت بعد حرب الخليج الثانية والنظر إلي مصالحها المشتركة وتكوين كتلة دولية تضم صناعة قوية ومؤسسات مالية وتجارية ضخمة علي غرار ما حدث بين الدول الأوروبية التي طوت صفة من الخلافات والمعارك ونظرت بعين الاعتبار إلي مستقبلها الاقتصادي فاتجهت إلي التكتل·[c1]بنك عربي[/c]ويؤكد محمود عبدالعزيز رئيس اتحاد المصارف العربية أن مسألة التمويل العربي للمشروعات المشتركة حيوية للغاية، لأنها تساعد علي اتساع حدود الوطن العربي اقتصادياً وتسمح للأموال بحرية الحركة بما يعود بالنفع علي كل الدول·· وفي هذا الإطار تقدم الاتحاد بمشروع لإنشاء شركة سياحية عربية تنمي السياحة البينية في الوطن العربي الذي يملك رصيداً هائلاً من الحضارة والثروة·· كما أن الاتحاد العربي للمصارف يخطط لمشروع بنك عربي علي غرار البنك الدولي وبرأسمال لايقل عن 40 مليار دولار لتمويل المشروعات العربية، وإذا نجحنا في ذلك فإنه من الصعب علي أية دولة أن تستخدم المعونات أو غيرها كوسيلة للضغط علي الدول العربية وتهديد اقتصادها·ويؤكد د· محمود علي ضرورة الاهتمام بالنظام المصرفي العربي وتقويته وإنشاء مؤسسة تمويل عربية قادرة علي مواجهة المنافسة المصرفية الدولية، وعلي استرداد الأموال العربية الموجودة في الخارج لتلعب دوراً وطنياً والصمود ككتلة دولية، بجانب أن هذه المؤسسة سوف تكون مقدمة دفاعية تعبر عن استقلال القدرات العربية والإسلامية تجاه الضغوط الدولية·كما يري أن الأموال العربية في الخارج معرضة للخسائر وغير قادرة علي المنافسة بالإضافة إلي تعرضها الدائم لأية ضغوط سياسية تحدث نتيجة لتغيرات سياسية دولية، وإن كان من الممكن أن تساهم هذه الأموال في تأسيس “كيان مصرفي عربي” في الخارج يلعب دوره في تمويل التجارة العربية مع العالم الخارجي·ويشير د· أحمد الصفتي أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة إلي أن الدول العربية قادرة علي المواجهة وتكوين كتلة إقليمية قوية لا تعتمد علي المعونة، وترفض الاستجابة لأية ضغوط سياسية قد تصل إلي الداخل في شكل نظم الحكم وأساليبها بما يتعارض مع السيادة الوطنية، وإذا كانت المعونات العربية قد انخفضت الآن بفعل سياسات الاستثمار الداخلي، إلا أن الأموال لم تعد تحتمل الاعتماد المباشر علي المعونات، وتتطلب قيام سياسات مشتركة وكيانات إقليمية تصون الوطن العربي لأن ذلك هو السبيل الأوحد للمواجهة وعدم الخضوع لتهديد المعونات·
بليارات العرب
بليارات العرب