أمين عبدالله إبراهيمما من شك في أن هناك علاقة وثيقة وارتباطاً كبيراً بين ارتفاع معدلات النمو السكاني والخصوبة وزيادة استهلاك كمية المياه في بلادنا اليمن، ويمكن توضيح ذلك من خلال المعلومات والبيانات والمؤشرات والحقائق العلمية والمنطقية التي تؤكد للجميع أن الارتفاع الكبير والتزايد السريع في عدد السكان الذي تشهده بلادنا حالياً يعتبر أحد العوامل والأسباب الرئيسية في استنزاف ونضوب الموارد المائية بشكل واضح، وهذه إشكالية كبيرة جداً أصبح الجميع يعايشها بصورة يومية، كما أصبحت العديد من المناطق والمحافظات اليمنية تعاني من مشكلة نقص المياه التي باتت ظاهرة للعيان، وقد ظهرت حدتها بصورة جلية في مدينة تعز وحالياً في صنعاء وصعدة، وبعض المحافظات الأخرى مع العلم أن المشكلة هذه ليست فقط في المدن بل في الريف أيضاً، حيث يلاحظ انخفاض منسوب المياه السطحية والجوفية أيضاً في كثير من المناطق، وبالتالي تعويض العجز الحاصل من المخزون الموجود في باطن الأرض الذي تجمع عبر ملايين وآلاف السنين.ولتوضيح هذه المسألة أكثر دعني استعرض معك بعض الأرقام والمؤشرات السكانية والمائية التي أشارت إليها السياسة الوطنية للسكان في وثيقتها الأولى “الإشكاليات والتحديات” وكتاب دليل العاملين مجال التوعية السكانية الصادر عن الأمانة العامة للمجلس الوطني للسكان، حيث تشير البيانات الخاصة بالوضع السكاني إلى أن عدد سكان اليمن بلغ 20 مليون نسمة عام 2005م أي بكثافة 37 شخصاً لكل كيلو متر مربع وهي أقل من المتوسط العالمي البالغ 50 شخصاً لكل كيلو متر مربع، وتفيد المعطيات المتعلقة بالعامل البشري “السكاني” بأن اليمن ذات تركيبة سكانية فتية نسبياً، بمعنى أن 46 % من السكان تقل اعمارهم عن 15 سنة، كما يتزايد عدد السكان بوتيرة عالية، حيث يبلغ معدل النمو السكاني السنوي 3% وهو يعتبر من أعلى المعدلات في العالم.وفي ظل ثبات المؤشرات الديمغرافية مثل معدل المواليد العام 37 مولوداً لكل 1000 ومعدل الوفيات 9 لكل 1000 ومعدل الخصوبة 6 أطفال لكل أمرأة خلال حياتها ومعدل الإنجابية، فإن عدد السكان سيضاعف خلال أقل من 25 سنة في المدة القادمة، الأمر الذي ينتج عنه زيادة الضغوط على الموارد الطبيعية الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي ظهور مشكلات بيئية عديدة من أهمها مشكلة استنزاف وتلوث موارد المياه خصوصاً المشكلات المتصلة بالاستخدام الجائر للمياه الجوفية، والنقص في أنظمة صون وتخطيط المياه، وكذلك النقص في خدمات إمدادات المياه وتلوث المياه.أما ما يتعلق بالوضع المائي، فتشير البيانات إلى أن اليمن تعد من أفقر دول العالم في مواردها المائية مقارنة بالمعايير العالمية لخط الفقر المائي المتعارف عليه وهو 1000 متر مكعب للفرد في السنة، حيث نجد أن نصيب الفرد في اليمن يقل عن 138 متر مكعباً عام 2000م، أي ما يعادل حوالي %13.8 من أقل معدل مائي يلبي احتياجات الفرد المختلفة.وتقدر كميات المياه المتجددة سنوياً بحوالي 1.5 مليار متر مكعب مياه سطحية وحوالي مليار متر مكعب مياه جوفية، و 28.5 مليون متر مكعب مياه معالجة، إلا أن الكميات المستهلكة تقدر بما يقارب 3.4 مليار متر مكعب، لذا فإن هناك عجزاً في الموازنة المائية يقدر بحوالي 872 مليون متر مكعب للمياه السطحية.مع العلم أن المياه المستخرجة يتم استخدامها كما يلي: 93% للزراعة “40 %منها تذهب في زراعة القات” وحوالي %5 للاستخدام الإنساني و 2 %لأغراض الصناعة ومع زيادة حجم السكان سيقل نصيب الفرد من المياه المتاحة.من هنا يمكنني القول إنه لا بد من اتخاذ المعالجات والتدابير للازمة لإحداث توازن بين الموارد المائية والنمو السكاني من خلال البحث عن موارد مائية إضافية من ناحية، وإبطاء النمو السكاني من ناحية أخرى، كما يجب على الجميع الشعور بالمسؤولية تجاه مواجهة ومعالجة هاتين المعضلتين الكبيرتين المتصلتين اتصالاً مباشراً بحياة الإنسان وحاضره ومستقبله ومستقبل الأجيال القادمة، ومن هنا ينبغي التأكيد على ضرورة تكثيف وتفعيل برامج التوعية عبر مختلف وسائل الإعلام الجماهيرية الحكومية والأهلية والخاصة ومنظمات المجتمع المدني وغيرها لنشر وتعزيز الوعي السليم والصحيح لدى كافة أفراد وفئات وشرائح المجتمع بأهمية الحفاظ على الموارد المائية وعدم استنزافها بشكل جائر وكيفية ترشيد استهلاك المياه، وكذا بأهمية وفوائد تنظيم الأسرة على صحة الأم والطفل وعلى الأسرة والمجتمع بشكل عام بما يؤدي إلى تحقيق التوازن المطلوب بين الموارد المائية والاقتصادية والنمو السكاني.
تزايد سكاني أكثر .. استنزاف للمياه أكثر
أخبار متعلقة