وقفة تأمل
للمسجد في الإسلام أهمية كبيرة ودور عظيم في تربية وتعليم المسلمين شؤون دينهم وقضايا حياتهم الشرعية وتتجسد أهمية المسجد ودوره في الإسلام في ان أول ما قام به النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعد قيام دولة الإسلام في المدينة المنورة هو بناء مسجد قباء أول مسجد أسس على التقوى وانه عليه الصلاة والسلام ما كان يمر بمكان إلا ويبني فيه مسجداً للمسلمين وبالنظر إلى الوظائف والأعمال التي يؤديها المسجد في المجتمع الإسلامي نجد أن المسجد لم يكن مكاناً لإقامة العبادات والشعائر الدينية الإسلامية فحسب بل إنه أيضاً يعتبر مؤسسة تربوية إيمانية وروحية تهتم بأخلاق المسلمين وسلوكهم ويعد ايضاً مؤسسة تعليمية تقوم بنشر العلم والتعليم بين أفراد المجتمع وهو مكان للتعارف والتآلف والتعاون على الخير وله دور كبير في التثقيف والتربية والإصلاح، فكان للمسجد ولا يزال إلى يومنا هذا الأثر الكبير المباشر في تعليم الناس وتوجيههم وإرشادهم وتثقيفهم من خلال منبر المسجد وحلقات العلم التي ما من شك في أن لها الأثر البليغ في تربية وتعليم الناس وتثقيفهم في كافة ميادين ومجالات الحياة العامة والخاصة وهنا يبرز دور الخطباء والمرشدين في توعية وتثقيف الناس في المجتمع ذكوراً وإناثاً صغاراً وكباراً فخطب الجمعة والأعياد والمناسبات الدينية وغيرها لها الأثر الكبير المباشر في نفوس الناس والمجتمع ولذا ينبغي على الخطيب والواعظ ان يعالج في خطابة الموجه عبر المنبر أو حلقة العلم جميع القضايا والأحداث التي تهم المجتمع وتعالج كافة مشاكله.ولو عدنا إلى احد ابرز المشاكل التي تواجه المجتمع اليمني وهي المشكلة السكانية وتحدياتها لوجدنا ان هذه القضية بما تمثله من أهمية كبرى في حياة المجتمع حاضراً ومستقبلاً تستدعي تعاون وتضافر كافة الجهود الرسمية وغير الرسمية وتكامل أدوار جميع الشركاء المعنيين لمواجهتها وفي مقدمته وسائل الإعلام والاتصال السكاني لما لها من دور حيوي وهام في نشر وتعزيز الوعي والثقافة السكانية في أوساط المجتمع وخصوصاً إنها تعد أكثرها تأثيراً في تغيير السلوك والمعتقدات الخاطئة في المجتمع والأكثر قدرة على توجيه الناس نحو ممارسة السلوك السليم والسوي الذي فيه خير وصلاح للفرد والأسرة والمجتمع.وهنا يبرز دور المسجد باعتباره احد أهم هذه الوسائل التي تلعب دوراً مهماً ورئيسياً في مناقشة ومعالجة مختلف قضايا المجتمع وفي طليعتها القضية السكانية التي هي في أمس الحاجة بالنظر إلى ما يعتريها من مشاكل وتحديات عديدة وكبيرة إلى شرح وتوضيح وتصحيح للكثير من الأمور والجوانب والمفاهيم المرتبطة بها والمؤثرة فيها من أجل معالجتها ومواجهة تحدياتها، لذلك ينبغي على الخطيب والواعظ أن يقوم بدوره وان لا يغفل عن مثل هذه الأمور وان يحرص في خطابه الموجه للناس من حوله على تقديم مادة علمية تلامس الواقع رابطاً بين الناحية العلمية والناحية الشرعية بهدف تعزيز وعي الناس من حوله وتغيير المفاهيم والاتجاهات التي هي بحاجة إلى تغيير لدى جمهوره المستهدف حول القضايا التي تمس حياتهم ومجتمعهم بشكل مباشر كقضية تعليم الفتاة او الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة أو الزواج المبكر وغيرها من القضايا الهامة، وعلى الخطيب والواعظ أن يستغل تواجد الناس حوله وإنصاتهم بأذهانهم وعقولهم وجوارحهم لما يقوله في خطابه وان يدعوهم إلى إتباع السلوك الصحيح المتوازن مع الشريعة الإسلامية وتعاليمها السمحة فيما يتناوله من قضايا ووفق ما تقضيه مصلحتهم ومصلحة أسرهم ومجتمعهم وما فيه خير لمستقبل حياتهم ومستقبل الأجيال من بعدهم، وعلى الخطيب والواعظ ان لايألو جهداً في تبديد ما قد يخيم على أذهان وعقول الناس من أفكار ومعتقدات خاطئة وان يحرص على توظيف خطابه بما ينفعهم ويؤدي إلى رفع مستواهم المعرفي ويعزز الوعي لديهم حول مجمل القضايا التي تهم وتؤثر في واقع ومستقبل حياتهم وفي طليعتها كما أسلفنا القضية السكانية بمكوناتها وأبعادها المختلفة من خلال إظهار حجم المشكلة من مختلف جوانبها، وعليه أن يوجه أفراد المجتمع إلى أساليب تطبيقه حيال قضاياهم الصحية والتعليمية والاجتماعية مستنداً إلى ما جاء في كتاب الله الكريم وسنة نبيه الأمين وما اجمع عليه علماء المسلمين.