نفى أن يكون الفيلم دعاية سياسية لأي حزب من الأحزاب
مشهد من الفيلم
صنعاء /سبأعلى الرغم من الأحاديث التي تناقلتها وسائل الإعلام خلال الأيام الماضية عما سيقدمه فيلم « الرهان الخاسر» من تجربة سينمائية يمنية متميزة ؛ إلا تلك الأحاديث لم تقنع الكثير بان هذا الفيلم سيكون رهانا رابحاً للسينما اليمنية ؛ لما هو عليه واقع العمل الفني عموما في اليمن من معاناة تستنزف كثيراً من طاقاته و إمكاناته وتجعل من الصعوبة تجاوز كل تلك المعوقات بسهولة .إلا ان مشاهدة العرض الأول لهذا الفيلم مساء أمس قلبت طاولة ذلك التشاؤم ؛ اذ لمس الكثير عملاً فيناً على درجة غير متوقعة من التميز ، في رؤيته الإخراجية ، و بخاصة على مستوى تقنية «الكرين» ، وما نتج عنها من تميز في حركة و زوم وزاوية الكاميرا و طبيعة اللقطة ، بالإضافة إلى الفة الفنان مع العدسة ، و تعاطيه السلس مع الشخصية ، و التوظيف المدهش للموسيقى التصويرية ، و المعالجة الدرامية، و غير ذلك من العوامل التي قدمت المخرج فضل العلفي في هذا العمل مقارنة بأعماله السابقة (دراما تلفزيونية) مخرجاً جديدا جديراً بان نخلع له القبعة تحية و تقدير و لطاقم الفيلم تحية مماثلة بما فيهم الفنيين وبخاصة من برعوا في التصوير بقيادة المصور عادل العديل وفي توظيف تلك الموسيقى التصويرية بأدائية موفقة الى حد بعيد و اخص بذلك : احمد الظفاري و سامي اليتيم و ناصر وحشان .
طاقم الموسيقي التصورية
على الرغم مما شاب الفيلم من قصور و بخاصة على صعيد التعاطي الموضوعي مع قضية الفيلم (الإرهاب) ، بالإضافة إلى الحبكة غير المتقنة ، إلا انه كان فيلماً روائياً متميزا يشفع لقصور هذا التميز كونه فيلما توعويا بالدرجة الأولى .. وتوصيف (توعوي) ليس اجتهادا من المحرر و إنما نقلا عن مخرج العمل في حديثه الى وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) عقب العرض الأول للفيلم.
المخرج الدكتور/ فضل العلفي
تدور قصة الفيلم التي كتبها مع السيناريو والحوار محمد الحبيشي وعبد الكريم الاشموري حول علاقة فتاة يمنية (شيماء) تعمل مترجمة لفوج سياحي مع إحدى السائحات (ماريا) تضعها الأقدار ضحية لعملية إرهابية يقودها اخو الفتاة اليمنية و الذي قضى في تلك الحادثة بينما نجت السائحة بعد ان فقدت أبيها لكن على الرغم من تلك المأساة تؤكد تلك السائحة لحظة مغادرتها مطار صنعاء في أخر مشاهد الفيلم انها ستعود الى اليمن مهما حصل !... تتسور هذه العلاقة بقصص عديدة صورت معظم مشاهدها في مدينة ثلاء.استحوذ الفنان نبيل حزام على معظم مشاهد الفيلم الذي قدمه لأول مرة بدور مختلف لم يعهده المشاهد و هو دور الشر و في دور مماثل كان دور الكوميدي عادل سمنان .... يقول سمنان بفكاهيته المعهودة : انا عادة أتوقع الفشل دائما ، وعندما عُرض عليَّ هذا الدور اعتبرتها مغامرة
الفنان/ عبدالكريم الاشموري
و توقعت ان افشل لكنني نجحت بشهادة من حضروا العرض الأول.بلغت الكلفة الإنتاجية للفيلم 18 مليون ريال وهي كلفة لو تم قراءتها بالدولار لتبين كم هي زهيدة - على حد تعبير مخرج الفيلم - مقارنة بالمستوى الذي اُخرج فيه الفيلم ويؤكد الدكتور فضل العلفي :» ان الفيلم حقق خطوة متقدمة للدراما اليمنية في ظل محدودية العمل السينمائي فضلا عن ان طاقم العمل بأكمله يمني من ممثلين و فنيين ..كلهم طاقم يمني مئة بالمئة، حيث لم يشارك معنا سوى الأجانب من السياح فقط «.يوضح المخرج : « استغرق إنتاج الفيلم سبعة شهور ، و صوُّر في مواقع كثيرة ، و كانت مدة الفيلم ثلاث ساعات لكن تم اختصاره الى ساعة و خمس و أربعين دقيقة حرصا على تقديم فيلم سينمائي لا يمل منها المشاهد.و نفى ان يكون هناك أي دلالة سياسية لتوقيت عرض الفيلم ، و ارجع تأخر العرض ، الى ترجمة الفيلم إلى اللغة الانجليزية ، منوها بان الفيلم سيشارك في مهرجانات دولية و هذا ما تم مراعته خلال إنتاجه .و أشار إلى إن الفيلم سيُعرض في الجامعات و المدارس والتجمعات الشبابية باعتباره فيلما توعويا موجه للشباب عن مخاطر الإرهاب
الفنان/ عادل سمنان
كفكر خاطئ ، مؤكدا ان الفيلم لا يستهدف جهة بعنيها ، إذ تعامل مع القضية كفكر يتنافى مع كل القيم الإنسانية و الدينية و الأخلاقية .و أضاف لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) : ان توقيت عرض الفيلم لا يمكن إقحامه في أي قراءة سياسية ؛ لان العمل فني خالص لا علاقة له بأي حزب من الأحزاب و لا علاقة لنا بالسياسة إطلاقا ، منوها بان التجربة قد تكون مغامرة إلا أن رهانه عليها فيناً كان رابحاً « وهذا ما يهمني في المقام الأول « . استغرق التصوير شهرين باستخدام كاميرات تلفزيونية .. و لعل أهم ما تجاوز سلبية تصوير الفيلم بهذه الكاميرات كان في في استخدام الفيلم و لأول مرة في الدراما اليمنية لتقنية الكرين التي مكنت الكاميرا من الحركة و تقديم صورة سينمائية نابضة وعلى درجة عالية من الحساسية الفنية .أما الموسيقى التصويرية فهي حسب المخرج لم تكن معدة خصيصا للفيلم ، و إنما تم توظفيها من مصادر متعددة بما يتناسب و طبيعة المشاهد . و ارجع نجاح الفيلم بالدرجة الأولى الى ان إنتاجه تم من قبل شركة خاصة هي شركة (روزانا) وهو ما أتاح لطاقم العمل مساحة من الحرية في انجازالعمل .أسندت ادوار البطولة في الفيلم لعدد من النجوم أمثال : نبيل حزام ، عبدالكريم الاشموري ، وغيرهما ... يقول الفنان عبد الكريم
الكاتب/ محمد الحبيشي
الاشموري : الحياة الإنسانية لها كرامة لا تضاهيها كرامة وبالتالي فقضية الفيلم والخروج به إلى النور وضعتنا كطاقم للفيلم على المحك فكنا أمام تحدٍلنظهر أولا أن هناك طاقم يمني قادر على مناقشة قضاياه و اختراع لغة بعيدا عن الاتهام و التمييع والتهميش ؛ فطرحنا قضية إنسانية حاولنا أن نبين من خلالها الخطر الحقيقي الذي يهدد الإنسان نتيجة التطرف كفكر .وأضاف : كان الإقدام على هذا الفيلم مهمة صعبة فلأول مرة تُطرق هذه القضية سينمائيا في اليمن ،و هي قضية لها محاذير كثيرة أولها ان المجتمع اليمني مجتمع متدين ما قد يجعل فهم أي أطروحة في هذا الاتجاه يتم يشكل خاطئ و لهذا كنا حذرين في تعاطينا معها...والتحدي الأخر كان في حرصنا على إخراج الفيلم من القضية السياسية إلى القضية الفنية فاعتمدنا على آلية تنفيذ و لغة دقيقة جنبتنا الوقوع في كثير من المحاذير .و ارجع نجاح دوره كضابط شرطة إلى إيمانه بدور رجل الشرطة في مواجهة مثل هذه الجماعات و بالتالي فالقضية بالنسبة له لم تكن قضية سياسية و إنما قضية إنسانية .و قال لـ»سبأ»: خفنا من الفشل ولهذا اجتهدنا حتى لا نفشل و لا ندخل في الدوائر المغلقة !.
الفنان/ نبيل حزام
النجم نبيل حزام أكد انه هو من اختار دوره في هذا الفيلم وهو الدور الشرير الذي ظهر فيه لأول مرة أمام المشاهد ..: يتمتع الفنان بقدرات تمكنه من أداء ادوار الشر والخير ولا ينتابني خوف من أن ينعكس الدور سلبا على علاقتي بالمشاهد و لهذا كنت مرشحا لدور أخر لكني اخترت أنا من ذات نفسي هذا الدور لقناعتي بأنني سأقدم هذه الشخصية بشكل يخدمها و يخدمني في نفس الوقت .و اعتبر الفيلم ناجحا لعدة عوامل : أولها: المضمون وتأثير الإرهاب على الاقتصاد و السياحة و كرامة المجتمع بالإضافة عامل الرؤية الإخراجية لدى المخرج و حركة الكاميرا و الإضاءة المعبرة و كثير من التفاصيل .و ارجع تميز الرؤية الإخراجية الى أنها لم تعتمد على ما اعتمدت عليه كثير من أعمالنا في التصوير 4 في 6 من خلال كاميرا ثابتة فاللقطة هي المعنى الموجود في الحوار و المعنى الموجود في المشهد وبالتالي لابد ان تترجم اللقطة كل تلك المعاني وهذا لا يمكن إلا من خلال تقنية الكرين والمخرج كان ذكيا في استخدم هذه التقنية بمهارة عالية مما ساعد على تفاعل الممثلين مع شخصياتهم وأدوارهم فاستوعبوها .من جانبه يقول محمد الحبيشي الذي كتب القصة مع عبدالكريم الاشموري ان القصة استنطقت التفاصيل مع عمق الواقع ففرحت مع
الفنان/ منى الاصبحي
من فرح و انتصر وبكت مع من بكى و انهزم و انكسر و تفاعلت وواجهت مع اختار الانتصار لقيم الإنسان وكرامة المجتمع و دور الفن في خدمة قضايا الحياة. وفي الختام يبقى السؤال قائما : على أي معايير يمكن الحكم على نجاح فيلم « الرهان الخاسر « في ظل غياب (شباك التذاكر) ؟ و إلى أي مدى كان موضوعه (الإرهاب) سبباً فيما حضي به من تسهيلات من الجهات المعنية مكنته من تجاوز كثير من المعوقات التي كادت تفشل تجربة فيلم « يوم جديد في صنعاء» بعد ان أدخلته البرلمان؟ و في حال فاز الفيلم بالإقرار بنجاحه ؛ سيبقى السؤال قائما : ما الذي سيضيفه هذا الفيلم إلى التجربة السينمائية اليمنية التي ولدت بواكيرها الإنتاجية قبل أكثر من خمسين سنة من خلال فيلم « من القصر الى الكوخ» و غيرها من الأعمال كفيلم «حبي في القاهرة « وهو من إنتاج يمني عربي و من بطولة الفنان أحمد بن أحمد قاسم ، و انتهاء بفيلم «يوم جديد في صنعاء « ، و عدد ليس بكثير من الأفلام التسجيلية... وغيرها من الأسئلة التي ستجيب عليها خطوات قادمة في مسار الإنتاج السينمائي اليمني و بخاصة التجربة القادمة للشركة المنتجة لهذا الفيلم «شركة روزانا» ؛ التي ستكون على المحك عندما تناقش قضية اخرى تفترض تطورا أفضل في الإمكانات و الأداء ..