الدين هو أعظم ما يملكه الإنسان في مستقر الضمير وقد سمى الله دينه بالإسلام ، فقال : (( إن الدين عند الله الإسلام )) وهو الذي تضمن أسمى عقيدة امتزجت طينتها بماء التوحيد الصافي النابع من منهل النبوة الخالص والمخلص لله ! . وبهذه العقيدة استطاع النبي صلى الله عليه وسلم توجيه قريش نحو العهد الجديد معلناً انقلاب التاريخ بكل شجاعة تحدت مفاهيم الجاهلية وقيمها البالية ! .. وقد واجه الرسول صلى الله عليه وسلم صعوبة بالغة في دعوته لهم إلى الهدى ودين الحق ! .. فدخل في دين الله بادئ ذي بدء من السادة عشرات .. ومن المستضعفين مئات .. ثم صار الداخلون إلى الإسلام آلافاً مؤلفة ، يتوجهون إليه أفواجا!! . والمتأمل بإنصاف ، في هذا الحزب المتنامي – حزب التوحيد – يرى من تكونه الطبقي المتناقض العجب العجاب (( ! )) فهو يضم السادة والأكابر .. ومعهم العبيد والأصاغر .. ويضم الأغنياء والوجهاء .. ومعهم الفقراء والمساكين أترى أين حقيقة الماركسية حول مفهوم صراع الطبقات الذي دندن بها المعسكر الاشتراكي ردحاً من الزمان !! . لقد افتدى الصحابة – رضي الله عنهم – ومن بعدهم التابعون ، ومن بعدهم المسلمون إلى اليوم ، بل لأبد أبد ، هذا الدين بحياتهم .. وهم عندما يفتدونه ، فإنهم قد أعظموا فيه تلك القيم والمثل التي أضاءت للإنسان سبل تحريره ، ورفضت العدوان على كرامته!!. ولم نسمع على مدار التاريخ الإسلامي ، صراعاً دموياً نشب بين المسلمين والأقباط في مصر الحبشية (( ! )) ولا في أرض فلسطين التي ظلت تعتصم بالوثيقة العمرية في كنيسة القيامة التاريخية (( ! )) ولا في أي ولاية من الخلافة الإسلامية المترامية .. ولا بين الشيعة والسنة في اليمن ، أو العراق ، أو الشرق الأدنى ، أو أي مكان ! باستثناء ما جرى بين الدولة المركزية وبعض رعاياها من هؤلاء .. ولكن بقي الوسط الاجتماعي صافياً ومنقى من شوائب الغل والحقد والاحتراب ! . وهكذا يسمو الإسلام عظيماً ! وهو يؤسس قواعد البقاء للحب والتسامح والتعاون والتنوير (( !)) .. وإذا كان صادقاً ذلك القول : إن الناس يموتون من أجل حياة دين .. ولكن لم يمت دين من أجل حياة إنسان ! فإن هذا القول يتجلى صدقه ، وتستبين حقيقته في أوضح صورها في دين الإسلام العظيم باعتباره الدين الأوسع استيعاباً لمفاهيم الوجود وفلسفة الحياة !! . ولذلك كان السلف صالحاً للقدوة والتأسيس في الإيمان ، لبعده عن شبهات السياسة الملعونة (( ! )) ومباهج الدنيا المعبودة ((!)) ولولا ما حفظوه لنا من أسس متينة ، لكنا اليوم أضعف من ذي ضعف أمام براثن الهجمة الخارجية على الإسلام وأهله ودياره ! .. وأمام التشوه المذموم في سيرة بعض الخلف وفكره وأهدافه .. ولكانت خارطة الإسلام ضرباً من (( حكاوي )) التاريخ . ومن هنا .. كان مجرد التفكير في أن يبيع المسلم دينه يعد أمراً صعباً للغاية ! وتزداد هذه الصعوبة أضعافاً مضاعفة كلما تسلح المسلم بالإيمان والعلم والعمل .. ولله در القائل : ولا تحسبن الفقر من فقد الغنى ولكن فقد الدين من أعظم الفقر إلا أن هناك ما يقترب من معنى هذا البيع للدين وتسويقه بثمن بخس عندما يتعلق الأمر بسلوك خاطئ تنظر له أفهام بليدة وتقعد له أفكار مريضة ، يصب في إزهاق معانيه وروحه المتأنية وإخراجه للآخرين في أسوأ صورة !! منبعها التطرف الساذج ، والتعصب الممجوج القائم على ثقافة الولاء للهوى والشيطان والبراء من المسلمين والرحمن (( ! )) لمجرد أن يصدر من بعض المسلمين جنحة أو خلاف يرشح صاحبه لأن يكون مهدور الدم مباح المال والعرض (( ! )) . وقد أضرت هذه الثقافة المريضة بحاضر الإسلام وأخرت نموه إلى الأمام سوياً ! .. وواجب المسلمين اعتزالها والتصدي لمن يسوقها .. وعلى العلماء مهمة التنوير الذي ينشده العصر والإنسان من كل هدى الله الذي أنزله لعباده ! . إن الإسلام دين تتسامى فيه قيم المحبة وتعدو في ميادينه دواعي السلام ، وتشع مضامينه وشعائره مثلاً عالية ! . لا مكان للجامدين والمتخلفين في عرصاته المحمودة . من أبى أن يفهمه كذلك فقد أخفق في فهم سنن الله في خلقه ، والغاية التي من أجلها بعث المرسلون ! وضل عن الهدى الذي بغيره لن يحيا الناس حياة تسعدهم في حياتهم وبعد موتهم بل شقاوة وعذاب واحتراب ودمار ثم في الآخرة عذاب جهنم وبئس المصير ! . (( قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم ديناً قيماً ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين )) .
الإسلام.. دين السماحة والتقدم
أخبار متعلقة