المعروف عن موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب إضافة إلى شموخه في عالم الغناء والطرب كان متحدثاً لبقاً ومتمتعاً بذاكرة قوية وعجيبة ومستمعاً جيداً ليس فقط للغناء وإنما لأفكار الآخرين ومحاوراتهم في شتى قضايا الحياة وحينما أنظم إلى مجلس الشورى المصري سأله أحد الصحفيين المقربين ماذا تفعل في جلسات المجلس؟ "أجاب : أفكار كثيرة يتحدث عنها المتخصصون والعلماء وأهل الفكر وأحاول الاستفادة منها" ولهذا كان عبدالوهاب حريصاً على أن يجمع حوله أكبر العقول ولم يكن ذلك عليه غريباً فقد وجد نفسه وهو لم يزل شاباً يجلس مع لطفي السيد، وأحمد شوقي، والنقراشي باشا، والعقاد، طه حسين، والمازني، وحافظ إبراهيم، ولهذا اجتمع الفن والخبرة والذكاء في شخصية عبدالوهاب وفي عهده وعلى مدى خمسين عاماً من عمره المديد استطاعت الأغنية المصرية الوطنية والطربية أن تبلغ أوج مجدها بفضل القاعدة العريضة من أساطين التلحين والغناء أمثال فريد الأطرش، وأم كلثوم، والسنباطي، والموجي، ومحمود الشريف، وبليغ حمدي، وكمال الطويل، وسيد مكاوي، وعبدالحليم حافظ، ومحمد فوزي، وعبد العزيز محمود، ونجاة الصغيرة، وفائزة أحمد، ووردة الجزائرية، وشادية والحقيقة أن الأغنية الوطنية المصرية بفضل هؤلاء العمالقة من جانب وبفضل المعطيات التاريخية التي أفرزتها ثورة 23 يوليو 1952م بقيادة الزعيم الخالد جمال عبدالناصر من جانب آخر وما تعرضت إليه هذه الثورة من مؤامرات استعمارية توجت بحرب 56م و 67م ثم معركة العبور في عهد الرئيس السادات في هذه الظروف الصعبة من تاريخ مصرالحديث لعبت الأغنية الوطنية دوراً كبيراً في إذكاء وتأجيج المشاعر العربية لأنها في كل المقاييس كانت تعبر عن ضمير الأمة ولسان حالها في تلك الفترة والذين يعرفون عبدالوهاب أو يقرؤون عنه لا ينكرون عليه مواقفه والتي كانت تنحاز بكل وضوح إلى صف المثقفين والوطنيين المصريين بل وتقربه إلى مركز القرار في عهد الزعيم الراحل عبدالناصر غير أن ما أثار استغراب الجميع هو ذلك الإنقلاب غير المتوقع من قبله على الزعيم الراحل عبد الناصر لصالح أنور السادات وذلك في سياق مذكراته الجديدة بعنوان "عبدالوهاب وأوراقه الخاصة جداً" وقد تم تقديمها بعد موته الشاعر/ "فاروق جودة" يقول عبدالوهاب في هذا الفصل :"لقد كذب عبدالناصر وصدقناه، وصدق السادات وكذبناه، كان عبدالناصر يخطب في الجمهور وهو غير مؤمن بما يقول ويعلم بأنه يخدع الجماهير ومع ذلك تصدقه بحماس شديد وكان أنور السادات يخطب في الجماهير وهو مؤمن يقول ولا يكذب ولا يخدع ومع ذلك كانت الجماهير لا تصدقه وتقول عنه بأنه ممثل وكذاب سبحان الله وربما كان الفرق بين جمال عبدالناصر والسادات أن الأول كان سيئاً ولكن من كان حوله يؤمن به وأن الثاني كان خيراً ولكن من كان حوله لم يؤمنوا به".أحمد راجح سعيد
|
ثقافة
ترى ما الذي جعل الموسيقار "محمد عبدالوهاب' في أواخر أيامه ينقلب على "الزعيم عبدالناصر" لصالح "أنور السادات"؟
أخبار متعلقة