احمد علي عوض:ان ماجرى على أرض الرافدين وبلاد الافغان عقب تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر وماتخللها من تجاوزات لقوانين وقواعد الحروب على يدي الدول الغازية ومارافقها من اعمال عنف وانتهاكات للذات البشرية وحقوق الانسان والتمادي اللامحدود على المنتسبين للصحافة بوسائلها المختلفة لاجهاض دورها الريادي في المنطقة وشن حملات شعواء عليهم بقصد اغتيال الكلمة الحرة ووأد الحقيقة بكل صورها واشكالها وماطال الصحفيين المتواجدين تحت نيران الاسلحة الفتاكة والمحرم استخدامها دولياً من قتل واعتقالات كشفت اكاذيب دعاوى امريكا حول تبنيها الحريات وانها كانت تمثل مرتعاً خضراً ومتنفساً واسعاً لقول الحقيقة والتعبير بحرية كاملة من دون قيود او اغلال . كما اثبتت ردود افعالهم المشينة غير المنضبطة تجاه مهنة الصحافة وموقفها السلبي في قضية نقل الوقائع على احوالها القائمة وعدم رضاها عما تم نشره من فضائح كادت تقبع في زوايا مظلمة ، ومع هذا كله فانها لم تكثف بما هو حاصل منها ضد الصحافة بل استمرت تحيك المؤتمرات وتتفنن في حبك سيناريو مسرحياتها الهزلية وتنصب العداء بوقاحة فاضحة مستغلة سطوة وجبروت نظام القطب الواحد المتسيد على العالم بوسائل رخصية ومبتذلة.وفي اتجاه آخر فقد أبرز فشل القضاء الغربي ( الاسباني ) في تعامله مع قضية فارس الكلمة الحرة والشريفة ورمز من رموز ابطال الحقيقة الاخ/ تيسير علوني مراسل قناة الجزيرة واتهام الصحافة من خلاله بروح غلب عليها طابع العنصرية وحكم جائر حمل في طياته سلطة السياسة وتدخلها في تغيير ملامح العدالة والنزاهة والحيادية التي ظل الغرب يتشدق بهم طيلة عقود من الزمن بل عصور من الزمن ليذهب ضحيتها رجل مارس مهنتة بأمانة تسببت في تعريف العالم جرم امريكا في الحروب ليرحل مع آخر حرف لمنطوق الحكم خلف القضبان الحديدي ويقبع فيه مدة سبع سنوات.فماذا ياترى تبقى للصحافة وعامليها من امان واطمئنان؟ وكيف يتسنى لهم مزاولة مهنتهم وقد احيط بهم من كل ناحية غدر وعنصرية وغزو صليبي يريد اجتثاتهم ومسخهم وحرمانهم مستقبلهم بل وحياتهم.ويوجد في جعبتي استفساران اخران كلما حاولت تجاهلهما فانهما لايزالان يفرضا نفسيهما على مخيلتي لاشراكهما وهما اولاً : ما الذي يدفع امريكا ومواليها الى محاربة الصحافة وافقادها هويتها المثلى بوحشية حاقدة ومجردة من القيم الانسانية؟وثانياً : كيف نتصور الحياة في ظل صحافة ضالة وفاقدة لمصداقيتها؟وعليه فان الجواب على السؤال لاشك بأنه يجرنا الى ذكر النجاح الذي حققته الصحافة المحلية والعربية رغم تقدمها الى صنع امجادها واثبات احقيتها على استحياء الامر الذي كلفها تقديم تضحيات باهضة الثمن كثمرة مدللة على صوابها فيما خطت لها من دروب وتنكرها للطابع التقليدي الممقوت لصحافة البلاط الملكي التي كانت تكرس جهودها من أجل خدمة حفنة قليلة من اصحاب الذوات الاميرية وتضليل الرأي العام عما هو كائن وسيكون في واقع حياتهم، اما اليوم فهي تعيش أوج إزدهارها ونموها المطرد وباتت تمتلك وعياً وفكراً مستنيراً استطاع ان يستفيد من الحياة الماضية ويرسم لنفسه خطاً جريئاً وصريحاً على غرار الصحافة الغربية مما اقض مضاجع الساسة الغربيين وبعث بداخلهم خوفاً دفعهم الى اماطة اللثام عن وجوههم وتوقعاً خيب آمالهم مفاده عدم قدرة العرب على تجاوز خطوط مرسومة لهم من قبل قادتهم وحكامهم واحساسهم الدائم بالازدراء والاحتقار تجاه المثقف العربي.وفي هذا الاطار فان على الصحافة اليوم ضرورة استثمار منجزاتها ومكتس باتها في اتجاه تحقيق المزيد من الانتصارات ومواجهة التحديات باساليب وتقنيات اكثر حداثة وتحضراً والسعي وراء توطيد علاقاتها ببعضها البعض والتمسك بالثوابت العامة والمبادئ السامية المنبعثة من روح وجوهر شرف وقداسة المهنة والدفاع بكل مالديها من سلطة وامكانات وطاقات عن حقوق وحريات الصحفيين بالاضافة الى توطيد اواصر الروابط مع مختلف النخب والمرجعيات الثقافية والفكرية عبر عقد الندوات الدورية المنظمة لتوحيد الرؤى والتوجهات وايجاد اجابات للعديد من الاستفسارات التي تشغل بال المواطن ومناقشة الدوافع التي تكمن خلف المخاطر التي تهدد مهنة الصحافة والبحث عن حلولها ومخارجها وبالتالي فان الصحافة تكون قد تمكنت من تكوين توليفة ثقافية متميزة للتصدي لكل الشائعات والتهديدات التي تريد النيل من الصحافة ، كما انها ( الصحافة) تكون قد استطاعت في اتجاه آخر توسيع قاعدة محبيها ومناصريها مما يترتب عنه حماية الصحافة وتثبيت اركانها.وفي الاخير اود ان استودع همسة في أذن القائمين على الصحافة في بلادنا لأقول لهم إن الصراع بين الحق والباطل هو صراع ازلي لكن النصر في نهاية المطاف دائماً مايحالف الحق وانصاره لذا فانه لامجال للنظر الى عظمة التضحيات وطول المسافة ووعورة الطريق. فقطف الثمرات في ختام الصراع المحتدم ومعانقة النجاح يصاحبه لذة ومذاق لاتضاهيها ملذات متاع الدنيا بأكملها وينتاب صاحبه شعور بالاعتزاز والفخر لايعادله اي شعور آخر.
|
تقرير
الأخطار المحدقة بالصحافة
أخبار متعلقة