واشنطن / 14أكتوبر/رويترز:القت تباينات في مواقف كل من أمريكا وإسرائيل بظلالها على قمة مرتقبة بينهما غداً الاثنين تمثلت في رفض رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتياهو ذكر “حل الدولتين” وهو ما قد يجعل أول مسعى للرئيس الامريكي باراك أوباما في دبلوماسية الشرق الاوسط على قدر من الصعوبة. وقلل مساعدو أوباما من احتمال أي لقاء تصادمي بين أوباما الذي يؤيد إقامة دولة فلسطينية ونتنياهو الذي لم يذهب إلى حد الحديث عن دولة فلسطينية مستقلة بحكم انتمائه إلى الحكومة الاسرائيلية الجديدة التي تميل نحو اليمين. فعلى الرغم من أن مواقف إسرائيل تتسق بطبيعة الحال مع حليفتها الكبيرة الولايات المتحدة فإن القادة الاسرائيليين يشعرون بالقلق إزاء مفاتحات إدارة أوباما تجاه إيران خصم إسرائيل اللدود. وقال ديفيد شينكر وهو محلل في معهد سياسة الشرق الادنى إنه بعيدا عن العلاقات التاريخية ومجالات المصالح المشتركة فإن الحكومة الاسرائيلية لا ترى البيئة خصبة لاحلال السلام.
رئيس الوزراء الإسرائيلي/ نتنياهو
ومنذ توليه الرئاسة في يناير كانون الثاني تعهد أوباما بجعل صنع السلام في الشرق الاوسط أولوية بالنسبة له بعكس ما كان يفعله سلفه في الرئاسة جورج بوش الذي اتهم بإهمال الصراع المستمر من عقود من الزمان بين إسرائيل والفلسطينيين. ويرى أوباما أن إحراز تقدم في الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين مهم لتحسين صورة الولايات المتحدة في العالم الاسلامي وإقناع الدول العربية المعتدلة بالانضمام إلى جبهة موحدة في مواجهة إيران. لكن نتنياهو لمح إلى اعتقاده أن مواجهة التهديد الايراني والتصدي لما ترى إسرائيل إنه مسعى إيراني للحصول على أسلحة نووية أكثر أهمية من السعي لسلام مع الفلسطينيين. وتمهيدا للقمة التي تعقد غدا فإن إدارة أوباما حثت نتنياهو على تبني حل الدولتين وهو أساس السياسة الامريكية في الشرق الاوسط منذ سنوات ووقف توسيع المستوطنات اليهودية في الاراضي المحتلة التي استولت عليها إسرائيل خلال حرب 1967 ،لكن رئيس الوزراء الاسرائيلي يقاوم حتى الآن هذه الدعوات. ويبقى أن يظهر مدى استعداد أوباما للضغط على نتنياهو في المحادثات المباشرة التي تشهدها أول زيارة له إلى الولايات المتحدة منذ توليه رئاسة وزراء إسرائيل في 31 مارس آذار. وسيتعين على أوباما إحداث توازن فهو يرغب في أن يقول لدول الشرق الاوسط إنه سيكون حياديا بشكل أكبر عما كان عليه بوش الذي اعتبره معظم العرب منحازا لاسرائيل. لكن سيضع أوباما في اعتباره أيضا أن ممارسة ضغوط كبيرة على نتنياهو قد تقوض موقف رئيس الوزراء الاسرائيلي داخل إسرائيل كما أنها ستواجه بمعارضة شديدة من العديد من مؤيدي إسرائيل في الولايات المتحدة الامر الذي سيلقي بظلاله على أولوية أوباما وهي إنقاذ الاقتصاد الامريكي. وهناك مؤشرات على أن أوباما الذي لم يضع بعد استراتيجية مفصلة للشرق الاوسط قد يحاول اجتذاب نتنياهو لتقديم تنازلات مقابل وعد باتفاق سلام شامل. وقال العاهل الاردني الملك عبد الله الذي زار البيت الابيض الشهر الماضي لصحيفة تايمز أوف لندن الاسبوع الماضي إن إدارة أوباما مستعدة للدفع باتجاه خطة سلام يعترف من خلالها العالم الإسلامي كله بإسرائيل. لكن مساعدين لاوباما حذروا من توقع أي مبادرات أساسية جديدة أو إحراز تقدم في المحادثات الاخيرة. وستكون أمام نتنياهو أيضا مهمة شاقة في واشنطن فهو لا يستطيع تحمل الاعتقاد في إسرائيل أنه يبعد أكبر حليف لإسرائيل كما أنه لا يستطيع في الوقت ذاته أن يتنازل عن الكثير إذا أراد الحفاظ على النهج اليميني لائتلافه الحاكم. إلا أن هناك توقعات بأن نتنياهو قد يحاول صياغة قضية الدولة الفلسطينية في عبارات مثل “الحكم الذاتي” على أن يؤجل الحديث عن إقامة الدولة لحين أن يطور الفلسطينيون اقتصادهم ومؤسساتهم. ويرى الفلسطينيون في ذلك مناورة لحرمانهم من الاستقلال ويصرون على موافقة نتنياهو على طلبهم إقامة دولة لهم قبل استئناف المفاوضات. ومع تراجع الثقة بين إسرائيل والفلسطينيين فمن المتوقع أن يضغط أوباما على نتنياهو حتى يقدم لفتات مثل الافراج عن سجناء أو تخفيف إجراءات غلق الطرق في الضفة الغربية لدعم الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي أضعفت سيطرة حركة المقاومة الاسلامية (حماس) على قطاع غزة من قوته السياسية .ومن المتوقع أن يثار الملف الايراني أيضا وبقوة خلال القمة بين أوباما ونتنياهو.فإسرائيل التي يعتقد أنها الدولة الوحيدة في الشرق الاوسط التي تملك أسلحة نووية ترى في إيران أكبر تهديد على أمنها كما أنها دعمت الضغوط الدولية الرامية إلى وقف برنامج إيران النووي. لكن قادة إسرائيل أبدوا قلقهم من جهود أوباما للتواصل مع إيران كما أنهم لم يستبعدوا شن ضربات عسكرية على الجمهورية الاسلامية إذا رأوا أن الدبلوماسية معها فشلت. ويتوقع محللون أن تستخدم إدارة أوباما زيارة نتنياهو لحث الحكومة الاسرائيلية على تجنب الاندفاع والتهور. وقالت جوديث كيبر وهي خبيرة في شؤون الشرق الاوسط في مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن أنه سيكون هناك تشديد صارم على أن أي عمل أحادي الجانب من قبل إسرائيل لن يصب في مصلحة أحد.