الأرض تحترق والجليد يذوب والدلتا قد تغرق 2 - 2
الارض تحترق والجليد يذوب
د. سمير محمود سؤال عريض وحيرة كبيرة تسيطر على الملايين فى مصر من سكان الدلتا، خصوصًا وهم يتابعون التقارير والأنباء التي تنقلها وسائل الإعلام حول غرق الدلتا كأحد الآثار المترتبة على زيادة منسوب مياه البحر المتوسط الأمر الذي يعني غمر المناطق الساحلية في دلتا نهر النيل في مصر بمياه البحر، نتيجة ذوبان الثلوج فى القطبين الشمالي والجنوبي الذي تسببت فيه ظاهرة الاحتباس الحراري. السؤال الذى يردده العلماء قبل بسطاء الناس، هل حقًا ستغرق الدلتا نتيجة تطرف مناخ الكون؟ أم أن هذه مجرد احتمالات وتكهنات؟ وما العمل فى كل الأحوال لتلافى هذه الأخطار وتقليل حدة مخاوف البشر؟الدكتور احمد عبد الوهاب استاذ علوم البيئة بكلية الزراعة جامعة الزقازيق علق علي الموضوع قائلاً:بجانب الانبعاثات الغازية الصناعية، تعتبر الزراعة مسؤولة هي الأخرى عن ثلث ما تتعرض له الكرة الأرضية من حرارة وتغير في المناخ. ومن المتفق عليه عموما أن 25 % من انبعاثات الاحتباس الحراري من الغاز وثاني اكسيد الكربـون تخرج من المصادر الزراعية وبخاصة عند ازالة الغابات وحرق الكتلة الاحيائية. وياتي معظم غاز المستنقعات والمناجم الموجود في الجو من الحيوانات المجترة المنزلية وحرائق الغابات واراضي زراعة الأرز المغمورة بالمياه والمنتجات المهملة في حين ان عمليات الحرث التقليدية واستخدام الأسمدة يستأثران بنسبة 70 % من الأكسيد النتري .و قد توقع تقرير آخر وضعه مركز هادلي زوال الغابات الاستوائية بحلول العام 2050 وتحولها إلي صحراء وسوف تنتشر المجاعة في هذا القرن بسبب ارتفاع درجة الحرارة وتزحزح المناطق النباتية لمسافة تتراوح مابين 400 ـ 640 كيلو متر، وحيث إن الأشجار والنظم البيئية المرتبطة بها لاتستطيع الهجرة إلا بعد عدة قرون فسوف يحدث نقص شديد في الغابات في هذه المناطق أيضًا والتي تعتبر الرئة الأساسية لامتصاص ثاني أكسيد الكربون.[c1]سنوات الغليان[/c] الدكتور مسلم شلتوت استاذ الشمس والفضاء بمعهد بحوث الصحراء بجامعة المنوفية تناول الموضع من زاوية أخرى تتعلق بالطبيعة حيث اكد ان الرياح الشمسية ترفع من درجة حرارة الأرض , وتؤدي بمساعدة المجال المغناطيسي للشمس إلى الحد من كمية الأشعة الكونية التي تخترق الغلاف الجوي للأرض والتي تحتوي على جزيئات عالية الطاقة تقوم بالاصطدام بجزيئات الهواء; لتنتج جزيئات جديدة تعد النواة لأنواع معينة من السحب تساعد علي تبريد سطح الأرض ,وبالتالي فرن وجود هذا النشاط الشمسي يعني نقص كمية الأشعة الكونية , اي نقص السحب التي تساعد علي تبريد سطح الأرض وبالتالي ارتفاع درجة حرارتها . وانه بجانب غاز ثاني اكسيد الكربون الذي تحقن البيئة بـ 25 مليار طن منه سنويا إضافة لغازات الميثان واكاسيد الكبريت والنيتروجين فإن الانفجارات الشمسية التي يشهدها العالم سنويا والتي أصبحت في دورتها الـ23 هي السبب في رفع درجة حرارة الكون حيث تصل درجة الحرارة على سطحها 6 آلاف درجة.[c1]تطرف المناخ [/c]مخاوف العلماء لا تقف عند حد الدفء العالمي بل تتسع لتحذر من الجفاف والسنوات العجاف، وفي هذا الاطار المخيف توقعت دراسة اجراها خبراء من جامعة بن جوريون الاسرائيلية تحت رعاية اليونسكو ان يواجه الشرق الاوسط فترة جفاف ممتدة في المستقبل القريب, وقال اري ايسار رئيس فريق الابحاث والرئيس السابق لمركز المياه في معهد ابحاث الصحراء بجامعة بن جوريون ان التقييم الذي توصل اليه فريقه بني علي معلومات تاريخية وجغرافية وهيدرولوجية ركزت علي التغيرات المناخية وتأثيرها المرجح علي مصادر المياه العذبة المتجددة في منطقة الشرق الاوسط.واشار ايسار الي ان ارتفاع درجة حرارة الارض سيحدث انخفاضا بنسبة عشرين في المائة تقريبا علي كم الترسب السنوي للمياه وستكون هناك فترات اطول من الجفاف تشهدها المنطقة, ومن المنتظر الا يحدث توزيع متساو لسقوط الامطار وانه قد تسقط الامطار لفترات قصيرة في منطقة أو أخرى مما يؤدي لحدوث فيضانات علي الرغم من ان الاتجاه العام سيسير نحو التعرض لمواسم شتاء تتسم بقدر اكبر من الجفاف عن الماضي.[c1]تحلية المياه [/c]المخاوف ذاتها حذر منها الدكتور محمد الشهاوي استاذ ورئيس قسم الفلك والارصاد بكلية العلوم جامعة القاهرة سابقا حيث أشار الي ان خطورة الارتفاع الرهيب في درجات الحرارة..يمكن ان تغير في انظمة الضغوط الجوية العالية وتؤدي لتحريك الهواء والسحب وبالتالي زحزحة احزمة الامطار فتقل كمية المياه العذبة القابلة للاستخدام وهو مايهدد العالم كله.وحذر الشهاوي من اثار هذه المشكلة علي مصر حيث يمكن ان يترتب علي زحزحة حزام الامطار نقص المياه التي تصل الي بحيرة تانا بالحبشة وهي البحيرة التي تتجمع بها معظم مياه الامطار المؤدية للفيضان حيث تغذي النهر بـ 86% من مياهه.وفي اطار استغلال المخاوف من قلة المياه القادمة من اثيوبيا الي مجري النيل تحاول امريكا وبعض الدول الاوروبية تسويق فكرة اقامة مشروعات لتحلية مياه البحر لتوفير مياه الشرب لبعض الدول, لتشجيعها هذه الدول علي شراء اجهزة التحلية او لفت انتباهها للحفاظ علي المخزون من المياه الجوفية, وتلك مخاوف اضافية على الدول النامية ان تتحسب لها خاصة في ظل الارتفاع الرهيب للتكلفة الاقتصادية لمشروعات التحلية.[c1]عند قوم فوائد![/c]واضح العلماء انه في مقابل تلك الدول التي ستخسر من ارتفاع الحرارة ستستفيد 52 دولة نامية زراعيا من هذا الارتفاع الحراري , ومن هذة الدول الصين ودول آسيا الوسطي وكينيا وجنوب افريقيا ونصف دول أمريكا الاتينية .ووفقا لدراسة حديثة لمعهد ماكس بلانك الالماني للأبحاث فأن دولا مثل روسيا وكندا وفنلندا والنرويج ستسفيد من الاحتباس الحراري بزراعة المناطق الجليدية حاليا , غير ان دولا كبري في انتاج الحبوب مثل الولايات المتحدة الأمريكية واوكرانيا وفرنسا واستراليا وبريطانيا ستعاني من الجفاف ,وقد حذر علماء استراليون من ان الجليد علي قمم الجبال الاسترالية الشاهقة قد بدأ بالفعل في الانحسار وربما تحول إلىمياه خلال سبعة عقود مقبلة, بفعل ارتفاع درجة حرارة الأرض وتطرف مناخ الكون.[c1]الدلتا لن تغرق[/c]على عكس الأراء السابقة أكد الدكتور سيد شرف الدين استاذ علوم البحار والطبيعة بجامعة الأسكندرية ان دلتا نهر النيل لن تغرق خلال الخمسين سنة المقبلة كما يشاع وان هذه الصحيحات التحذيرية لا ترتكز على حقائق علمية قوية ولكنها - بحسب رأى سيادته- ترديد لما يردده العالم منذ 20عاما من الزمن .واكد شرف الدين ان العالم كله مشغول منذ أكثر من قرن بقضية التغيرات المناخية وما يترتب عليها من آثار ومن بينها ذوبان أجزاء ضخمة من الغطاء الجليدى للأرض فى القطبين خاصة مما يؤدى إلى ارتفاع مستوى سطح محيطات الأرض وبحارها وهذا ينذر بغرق مساحات هائلة من اليابس يدخل فيها مدن ومراكز حضارية ضخمة وهو ما يمثل كارثة بكل المقاييس. وأوضح الباحث المصرى ان التغيرات الكونية لا تحدث فجأة أو فى مدى قصير بل أن الطبيعة تعمل على مهل ويستغرق التغيير زمنا طويلا والأهم من هذا ان فريقا من علماء البيئة والمناخ لهم رأى معاكس ومخالف تماما إذ يعتقدون أن الأرض مقبلة على عصر جليدى جديدإذن ليس هناك إجماع من العلماء على تصور محدد ، وهذا ما يجعل العديد من الحكماء من العلماء يميلون إلى الرأى الثانى وعدم التسرع فى تبنى تصورات معينة ويرون أنه من الضرورى أن يتم تنشيط ودعم الأبحاث فى مختلف المجالات المتصلة بالمناخ الكونى والبيئة الأرضية للحصول على بيانات كافية لرسم صورة تعتمد عليها مراكز اتخاذ القرارات فى مختلف أنحاء العالم.وطالب شرف الدين بانشاء قاعدة بيانات علمية حول الظواهر المناخية وتغيرات مستوى البحر على شواطئنا على مدى الخمسين سنة الماضية وهو ما يساعد على التنبؤ بالتغيرات المناخية المحتملة والارتفاع المتوقع فى سطح البحر خاصة انه قد تم جمع بيانات عن تغير سطح البحر فى مناطق متعددة من البحر المتوسط أمام دلتا نهر النيل خلا نصف القرن الماضى وخضعت هذة البيانات للتحليل على يد علماء متخصصون واكدت البيانات ان سواحلنا لن تغرق وان دلتا نهر النيل بخير ولن تغرق خلال الخمسين سنة المقبلة على عكس ما يشاع.[c1]مجرد كلام [/c]الرأى نفسه يؤيده وزير الرى العالم الدكتور محمود ابو زيد رئيس المجلس العالمى للمياه فقال التغييرات المناخية البعض يقول انها ستزيد المنسوب والبعض الاخر يؤكد العكس وكلاهما مخطئ خاصة انهم قالوا ايضا ان الدلتا سوف تغرق وده كله كلام فارغ وغير منطقي. يعني لو وقفت علي كورنيش الاسكندرية وافترضت ان المنسوب سيرتفع 70 سم سوف تتأكد انه من المستحيل وصول المياه لمستوي ارتفاع الكورنيش وهذا كله كلام فارغ ومن يرددونه مخرفون. و كما قلت ما فيش حاجة اسمها غرق الدلتا ولو ان هذا سيحدث فهو يحتاج الي الاف السنين بدليل ان وجود وادي الحيتان في الفيوم وعمره 42 مليون سنة وهو ما يعني ان مياه البحر كانت في هذه المنطقة قبل 42 مليون سنة ، وهذا يعني اننا نحتاج الي فترة لا تقل عن ذلك حتي يحدث ما تردده تلك الدراسات.[c1]بوابة صناعية [/c]وحول الحلول المقترحة لمواجهة هذه الكارثة قال الخبير الانشائى العالمى ممدوح حمزة أنه من الممكن أن يتم تنفيذ أحد مشروعين لمواجهة هذا الخطر المشروع الأول خاص بمصر وحدها والثانى يشمل الدول المطلة على حوض البحر المتوسط، أخذاً فى الاعتبار مصر هى أكثر الدول المطلة على المتوسط تعرضا للمخاطر بسبب عدم وجود دلتا أنهار مطلة على المتوسط سوى فى مصر.وعن الحل الجماعي لدول المتوسط اقترح حمزة اشتراك تلك الدول فى مشروع إنشاء بوابة صناعية عائمة على مضيق جبل طارق تقلل من كميات المياه الداخلة إلى البحر المتوسط ، متوقعا أن يستغرق إنشاء تلك البوابة 10 : 15 عاماً وان تتكلف عدة مليارات من الدولارات.أما عن الحل الداخلى فى مصر فقال أنه لا يمكن بناء حائط خرسانى ليصد المياه عن الشواطئ المصرية وحذر من أن هذا الحائط سيعد فقط المياه السطحية لكن المياه المتسربة من أسفل التربة ستتمكن من النفاذ وأيضاً إلى دلتا النيل نتيجة طبيعتها التى تسمح بمرور الماء وفقاً لنظرية الأوانى المستطرقة.واقترح حمزة بدلا من ذلك إنشاء شاطئ جديد على الدلتا باستخدام التربة ورمال قاع البحر المغمورة أسفل مياه البحر المتوسط وإعادة ضخها على الشواطئ المصرية مما يزيد ارتفاعها لأعلى من مستوى البحر.بالإضافة إلى ذلك يتم بناء حائط من مادة البنتونيه أسفل التربة فى الدلتا لمنع تسرب مياه البحر من أسفل أراضيها.وقدر تكلفة هذا الحل أيضا بعدة مليارات من الدولارات وقال من الممكن أن يتم فرض رسوم على من يستمتع بالشواطئ المصرية لتكوين صندوق يمول المشروع التى سيتم تنفيذه.من جانبه أكد الدكتور عادل يحيى رئيس هيئة الاستشعار من البعد وعلوم الفضاء سابقا أن مياه البحر المتوسط من أسفل تربة دلتا النيل وصلت حتى مدينة طنطا.وقال أنه ليس من الضرورى بناء هذا الحائط على طول الدلتا ولكن فى بعض المناطق فقطوقال مراقبون اليوم إن معارضة الولايات المتحدة الأميركية وكندا واليابان قد تفشل الجهود الرامية لتضمين تخفيض الانبعاثات الغازية-المسببة للاحتباس الحراري-بـ”خريطة طريق” مستقبلية لمفاوضات تغير المناخ.[c1]حواجز خرسانية[/c]حل شبيه اقترحه الخبير الهندسي مصطفي عبد المنعم الشيمي حيث اقترح بناء حاجز خرساني ركامي أمام سواحل الدلتا يبدأ من دمياط وحتي الإسكندرية بارتفاع عدة امتار تحددها الدراسات فوق سطح الماء علي قاعدة ركامية من صخور خاصة مثل صخور جبل عتاقة بالسويس, المضادة للأملاح والتى لا تتجاوز مسافات كبيرة داخل البحر, وفي المناطق الأقل عمقا يمكن الاستعانة بخرائط تبين الاعماق المناسبة لهذا السد الركامي وهذا الخرائط متوافرة لدي( الجمعية الجغرافية الأمريكيةnationalgeographic) وذلك للتوفير في مواد الردم ويمكن التنفيذ علي مراحل علي عدة سنوات, كل عام يتم التعامل مع عدد محدود من الكيلو مترات.يضيف الشيمى قائلا: حتي اسهل الأمور أمامنا تجربة هولندا, حيث أخذت مساحة كبيرة من قاع بحر الشمال وأنشأت حاجزا يفصل بحر الشمال الشديد الأمواج عنها واستطاعت ان تزيد مساحتها الزراعية وابدعت في ذلك وتغلبت علي ملوحة البحر بطرق علمية, وصادراتها تزيد علي162 مليار يور وللعلم اسم هولندا الرسمي هوlandneder يعني الاراضي الواطئة. كذلك هناك تجربة جزيرة سنغافورة ذات المساحة الصغيرة زادت مساحتها بنسبة25% من ردم جزر من بحر الصين الجنوبي برمال استوردتها من أندونيسيا.اما خط الدفاع الثاني لإنقاذ الدلتا على حد قول الشيمى فى حالة تسرب أجزاء من مياه البحر إلي الدلتا ، فهناك الطريق الساحلي الدولي الذي اقيم حديثا, والذي يبدأ من السلوم الي العريش وهو بطول أكثر من ألف كيلو متر, وقريب من البحر ومواز له, وقد اقيم علي احدث تكنولوجيا إنشاء الطرق ليتحمل الطريق اوزانا أكثر من مائة طن, وما يتطلب ذلك من إنشاء خوازيق عميقة جدا تتجاوز اعماقها طول الطريق ليتحمل الطريق أي أوزان تخترق بحيرات مصر العظمي, وهي مريوط وإدكو والبرلس والمنزلة وبذلك يستخدم هذا الطريق كحاجز حماية للدلتا.ربما يرد المعترضون علي هذا المشروع الذي لابد من تنفيذه لإنقاذ الدلتا كيف سنصرف الزيادة في نهر النيل في مواسم الفيضانات العالية ــ اقول سيتم عمل محطتين رفع عملاقتين في مصبي نهر النيل في دمياط ورشيد تعملان في رفع المياه الزائدة عند الضرورة وحاليا توجد محطة رفع عملاقة في غرب مدينة الإسكندرية في المكس تقوم برفع مليون متر مكعب يوميا من مياه صرف الدلتا إلي البحر الأبيض, وحتي لا تغرق الدلتا في مياه الصرف الزراعي.تكلفة هذا المشروع ستكون مرتفعة جدا مليارات الدولارات وهو مشروع مضطرين لتنفيذه لإنقاذ امن وحضارة عاشت آلاف السنين وستعيش مثلهما إن شاء الله وكذلك إنقاذ مشروعاتنا البترولية العملاقة في إدكو ورشيد وبورسعيد ومحطات توليد الطاقة( كهرباء ابو قير).مجرد أفكار ومقترحات مهمة وخطيرة خطورة القول إن الاحتباس الحرارى مجرد افتراض وغرق الدلتا افتراض لن يحدث ولو حدث فلن يحدث قبل مضى آلاف السنين ن وأمام حالة الاختلاف هذه بين أراء العلماء نرجو ان يكون اختلافهم رحمة وألا نفيق على الكارثة أو نتحرك كعادتنا إلابعد فوات الأوان .