[c1]أحمد علي عوض[/c]على الرغم من الجهود المحمودة والطيبة المبذولة من قبل الدولة بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني في إطار الأعمال والأنشطة الخيرية بمقاصدها الإنسانية السامية من أجل مكافحة الفقر إلا أنها لم تتمكن حتى وقتنا الحاضر من اقتلاع الأزمة أو يحول دون اشتدادها وتفاقمها وذلك يرجع لأسباب وعوامل تتعلق بواقع اليمن على اعتبار أنها بلاد فقيرة من ناحية والتدخل المباشر وغير المباشر لجشع وأنانية الإنسان في معاملاتنا وعلاقاتنا الاجتماعية المجردة من الطابع الإنساني البحث من ناحية أخرى. مما أدى إلى تردي الأوضاع المعيشية وعدم استقرارها وبالتالي اتساع رقعة الفقر وتزايد أعدادهم على نحو لم تشهد البلاد مثيلاً له. مما دفع الأحداث في اتجاهات مغايرة عما كانت عليه وأجبر المواطنين على اللهث لتوفير لقمة العيش – بصورة مريبة – ولو بالقدر الذي يسد رمقه ويشبع جوعه وتمنع عنه المذلة والمهانة, وقضاء جل وقته في الصراع من أجل البقاء في واقع محاط بمظاهر تفشى فيها الفساد واستشرى وانتشرت البطالة وتغلغلت من جسد المجتمع تحت رحمة ارتفاع وتصاعد الأسعار غير المبررة بمعدلات تجاوزت حد التحمل واضطربت معها موازين العدل والمساواة في توزيع فرص الحياة المتكافئة لكل أفراد المجتمع واتسمت ببعض الفوضى والغوغائية التي أساءت إلى إنسانية الإنسان, وفي ضوء هذه المعطيات لم يعد للمواطنين خيار آخر سوى السير بخطى متسارعة دون الالتفات إلى القيم والمبادئ المثلى الموجودة على جانبي الطريق – إذا أراد حقاً تحقيق طموحاته وأحلامه وبلوغ غاياته في الحصول على العيش الرغيد ويأمن مكر وخبث الأيام مما تخبئه من مفاجآت يجهل عواقبها, طالما أن الوسائل المتبعة تضمن له حصد النتائج المرجوة في غضون مدد يسيرة وفترات قصيرة ومتقاربة وبغض النظر عما يترتب عن المخالفات الشرعية والدستورية المرتكبة. وعليه فإنه ليس غريباً أن تبرز مجموعات دخيلة على المجتمع اليمني – ممن ضعفت نفوسهم وسال لعابهم وارتفع مقياس رغباتهم في الكسب السريع – ماتت ضمائرهم وفقدوا المشاعر والأحاسيس الفياضة بالمشاعر النبيلة والصادقة تجاه فعل الخير بعطاءات وفيرة, بل على النقيض تماماً نجدهم وقد انحدرت أخلاقهم إلى مستنقع الجريمة والرذيلة فتوجهوا نحو اغتصاب ممتلكات الغير وإهدار حقوقهم من خلال الانجرار إلى ممارسة أبشع وأشنع الوسائل الممتهنة لكرامة الإنسان وقدسية الحياة, وتتبنى الأفكار العنصرية والانتهازية والتسلقية الرافضة كل أشكال التعايش السلمي وتجيد إتقان فن النفاق, وتسعى بكل ما لديها من قوة وتعود إلى سحق الفئات المغلوب على أمرها والمتاجرة بجهدهم وعرقهم في سبيل أن تحيا من موقع المتحكم والمتصرف بمقاليد العيش عبر الاحتيال على غيرهم واحتكار مصادر ارتزاقهم لتأمين سلامة تدفق العائدات المالية الضخمة باتجاه خزائنهم ما أنهك البقية الباقية من أفراد المجتمع الذين شغلتهم وأثقل كاهلهم كثرة الأعباء والمسؤوليات وأطبقت عليهم من كل جانب فحادوا عن أداء واجبهم الإنساني والوطني تجاه من هم أشد معاناة وأكثر فقراً منهم. وتخلفوا عن مد يد العون والمساعدة لهم.وخلاصة القول إن ما يحدث من خروقات في السلوك والتصرفات في ظل الظروف المعيشية الصعبة المعاشة اليوم ينبئ بتوسيع المفهوم التقليدي للفقر وإلصاق معاني ومدلولات أخرى عليه تنذر بتدهور القيم والمبادئ الاجتماعية النبيلة وتهدد مستقبل المواطن في الوقت الذي تميزت به اليمن على مدار الأزمان والعصور في إقدام أهلها وشعبها على فعل الخير وعاشوا جميعاً ينعمون بالأعمال الفضيلة والتكافل الاجتماعي على أوسع نطاق تحت ظلال الأمن والأمان وقد جمعهم العمل الصالح والمواطنة الصالحة.
|
تقرير
الصراع من أجل البقاء
أخبار متعلقة