خالد عبدالله محمدحكاية قديمة نادراً ما نقرأ مثيلاتها .. وهي عن ذكاء المرأة العربية كما قيل لنا في الكتب التي تورد هذه القصة وسواء صحت القصة أو لم تصح فهي تدل على ذكاء الرجل أو راويها ان كانت من بنات الخيال.خلاصة القصة ان احد الأثرياء وبرفقته تابعيه وهما عبدان وهم في رحلة العودة من الرحلة التجارية توسم الرجل غدراً من تابعيه وأيقن أنه هالك لا محالة، فتوسل إلى الرجلين بأن يعودا إلى أهله وينشدا هذا البيت من الشعر الغامض الذي لا يستقيم معناه:[c1]من مبلغ بنتي أن اباهما لله دركما ودر أبيكما [/c]والغريب انه بعد ان قتل العبدان الرجل الثري واستوليا على ماله، ابت شهامة القاتلين إلا أن يعودا ادراجهما إلى أهله ولم يمنعهما هول الموقف وارتباك الحال من استظهار البيت الغامض، ولم يعللاه ويمحصاه رغم ان الفصاحة حينها كانت ملكة عامة يتمتع بها الجميع.فانبرت ابنة المجني عليه وهي الكبرى لتفند مقالة أبيها إلى أختها الصغرى التي ولولت وصاحت بالبكاء والنحيب على أبيها القتيل طالبة أخذ الثأر والاقتصاص من العبدين القاتلين، وهنا تبلغ القصة مبلغها من الأستخفاف بالعقول حين راحت تشرح لقومها ان المصراع الأول يحتاج إلى ثان والمصراع الثاني يحتاج إلى أول.. والمصراعان لا يليق أحدهما بالآخر وانما قصد أبي قبيل مصرعه:[c1]من مبلغ بنتي أن اباهما أمسى قتيلاً بالغلاة مجندلالله دركما ودر أبيكما لا يبرح العبدان حتى يقتلا!! [/c]جاءت الأبيات بهذا النمط التوفيقي المتناسق لتكون بمثابة ضربة استباقية على رقبتي العبدين الغبيين ولاقت استحساناً من الجمهور العاطفي كاسبة الرأي العام العربي في تلك الحقبة.القصة تحتاج إلى مناقشة مع عقولنا:1-كيف يعقل للقاتلين حمل رسالة غامضة تتمثل في بيت من الشعر غير متناسق ولم يرتابا لمسألة الربط القادم المحتمل لاسيما وأن دم الضحية لم يجف بعد؟2- العودة إلى ديار الضحية أهي بدافع الشهامة لمجرد إيصال الأمانة وهي مجرد بيت من الشعر لا يستقيم معناه ـ بالإضافة إلى تعريض حياتهما للخطر؟لقد تهاون العبدان إلى ابعد حدود التهاون وانزلقا بكل غباء إلى هذا المنحنى الخطير غير المعقول ألم يهدفا بجريمتهما إلى اكتساب المال الوفير.. وقد فازا به؟ فلماذا لم يعرجا على بلاد بعيدة لينعما بالمال؟! مع ذلك يعودان دون خوف وبمحض إرادتهما إلى ديار القتيل الضحية الذي يصح ان نسميه (الضحية/ الشرطي) مجازاً والذي دل على جناية القاتلين.في اعتقادي ان المخرج/ المؤلف (عايز كده) وذلك لبلورة مسألة الذكاء والألمعية التي تجمع بين الرجل الضحية وابنتيه الذكيتين اللتين لم تفوتا المسألة حتى ينال العبدان جزاء القتل بما اقترفته يداهما.الرأي العام/ الجمهور العاطفي اقتنع بوجاهة الأدلة وهي (البيتان السابقان المبلوران) وتأتي اعترافات العبدين بجريمتهما من البراهين والاعتراف سيد البراهين ويبدو هنا ان العبدين قد غمرتهما العاطفة التي غمرت الجمهور وبالرومانسية الشرقية نفسها التي غمرت الجمهور ليعلنا تواً الاعتراف ولو على حساب حياتهما.والتراث الشرقي مليء بصبغات العواطف والرومانسية.
|
ثقافة
الرومانسية الشرقية
أخبار متعلقة