رحلتي مع المسرح : من أثينا إلى عدن
المسرحية عمل ابداعي أهم عناصرها الحوار الذي يسبق الحركة المناسبة للكلمة ، وحسن الإخراج للعملية المسرحية ككل ، ولكل موقف من مواقف كل مشهد يقف فيه ممثل على خشبة المسرح مشاركاً في المشهد بحركة من جسده موافقة للعبارة التي ينطقها غيره أو معبراً بها عن انفعاله بما يدور حوله من حوار بين غيره ، أو - وهو المهمة المثلى -متحدثاً ومشاركاً بالحوار الموضوع له من المؤلف .. وهذا الحوار في طريقة القاء الممثل له تكمن في المؤثرات الإبداعية التي يتمتع بها الممثل كاستخدامه لتموجات صوته المختلفة والتعبير بها عن كل جملة يلقيها أو كلمة ينطقها متصلة بما يسبقها أو يلحق بها من كلمات .. لذلك لدينا تعريفين اثنين من جهابذة المسرح تأريخاً واخراجاً وهما جى . بي . بريبستلي ( الإنجليزي ) الذي عرف الدراما في كتابه ( قصة الدراما ) بأنها (الأدب الذي يتحرك)، وبريستلي يقصد يـ ( الأدب )هنا :الحوار الذي ينبع من فكر مؤلف الدراما ويكتبه لكل شخصية من شخصيات روايته بالأسلوب المتفق مع الشخصية التي يقوم بدورها على المسرح ، بحيث لا يسمع المشاهد للمسرحية الحوار المنطقي والحكمي من الرجل العادي الذي يقوم بدور الخادم أو السائس،أو العامل في سوق العمل الا في أضيق الحدود يما جرت علية طبيعة الحياة.. والآخر هو لويجي بيرانديللو ( الإيطالي ) الذي يعرف الحوار الدرامي بالحوارالذي تصاحبه حركة الممثل المعبرة بشكل أو عضو من جسمه وتقاطيع وجهه ليكون للعبارة أثرها على المشاهد .( الحركة الحوارية من كتاب" نظرية المسرحية الحديثة لإريك بنتلي). ولما كان بعض نقاد المسرح يعتبرون اليوم أن معظم الأعمال الدرامية - بالضرورة - هي مبنية على ( أقاصيص أو حكايات شعبية ) يطورها الكاتب المسرحي أو القاص لتأخذ شكل القصة أو المسرحية الدرامية ، فان هذا القول غير صحيح اذا أخذناه كقاعدة ثابتة لأن الحكايات الشعبية والأقاصيص - سواء قصر أو طال موضوعها _ فهي في المقام الأول مواضيع محددة وقصيرة لا يمكن اعادة بنائها في مواقف محددة وتقسيمها الى مشاهد مسرحية. وكذلك ولنفس السبب الفني لا تصلح أن تتطور الى ( القصة الأدبية ) أو الدراما المسرحية وتكون مجردة تماماً من التقنية الحديثة اللازمة في البناء القصصي .. لذلك يذهب ( لويجي ) الى الإستثناء حين يتحدث عن أدب ( شكسبير ) المسرحي قائلاً : ( صحيح أن شكسبير قد أخذ بعض مواضيع مسرحياته من قصص ايطالية ، ولكن من من مؤلفي المسرح اعتمد كلياً بترجمته موضوع محكي الى حركة مسرحية دون أن يضحي "بمتطلبات الفن الحمقاء" التي لا تستطيع سوى التحكم في ضبط سطحية العمل الأدبي؟) " صفحة 153" نظرية االمسرحية الحديثة لـ ( إريك بنتلي ) .. [c1] الدراما الشعرية :[/c] رأينا في حلقاتنا عن نشاط الفرق المسرحية في عدن كيف كانت تعتمد على المسرحيات العربية للكتاب المصريين أو لغيرهم من العرب فيما تقدم من عروضها ، وكانوا يختارون مما يقع في أيديهم ما له تقبل لدى الجمهور وله هدف اجتماعي أو تذكير بمواقف تاريخية تحن اليها النفوس وتستطيب سماعها وهي تروى عليهم في سهراتهم الرمضانية ، أو تمثل على المسرح في مناسبات الأعياد .. فقدم مسرحيونا القدماء :مسرحية ( يوليوس قيصر) ترجمها الأستاذين السيد حمود الهاشمي ناظر المعارف ومدير المدرسة عبدالرحيم خان عام 1910م. قبل عامين من ظهور أول نسخة مترجمة لها لسامي الجرديني *، و(الأميرة هند) ،( وروميو وجولييت ) لنجيب حداد ، ( وصلاح الدين الأيوبي ) أعدها من قصة قديمة الأستاذ محمد علي لقمان بمساعدة الأستاذ أحمد محمد سعيد الأصنج أعضاء نادي الإصلاح العربي ، ومسرحية (عنترة بن شداد) وقد استمد أحداثها وأشعارها الأستاذ أحمد عبدالله عبيدو من كتاب عنترة الذي كان له فريق من المعجبين يحيون ليالي رمضان على قراءة كتابه بالقاء تمثيلي يقوم به أحدهم وقد تخصص لذلك _ كما سبق أن أوضحت مفصلاً في حلقات سابقة عن المسرح في عدن بين عام 1910م وعام 1940م. [c1]المسرحيات الشعرية الحديثة : [/c]ومنذ الأربعينيات من القرن الماضي بدأت تظهر في الصحف المحلية القصائد الشعرية المتنوعة المواضيع للشعراء اليمنيين ، وألف بعضهم المسرحية الشعرية ، وكان أول من كتب المسرحية الشعرية بعد ظهور (همام أو في بلاد الأحقاف ) للأستاذ علي أحمد باكثير ، مسرحية ( بجماليون ) للشاعر علي محمد لقمان ( يرحمه الله )، ومثلت تمثيل قراءة في المعهد البريطاني بعدن عام 1943م، وتوالت بعد ذلك مسرحياته الشعرية من عام 1943م حتى عام 1966م. من مسرحية (الظل المنشود ) ، و ( العدل المفقود ) و ( قيس وليلى ) و( سمراء العرب ) ، ولما كنت قد قرأت مسرحية ( العدل المفقود ) صدرت عام مارش 1957م. ، وكررت قراءتها مرات ، قلت له في احدى زياراتي له (21أبريل 1965م.) إنني أود أن أخرج (العدل المفقود) للمسرح لتقدمها الهيئة العربية للتمثيل . قال: (أو قيس وليلى ) لأنها غرامية اجتماعية سياسية تصور واقعنا قبل أن نبلغ هذا الواقع السياسي ، أو مسرحيتي العدل المفقود لأنهامستوحاة من واقعة) . واشترط أن يتوفرنسوة لأداء الأدوار النسوية ، لأنه كما قال : ( لا يستطيع أن يرى " عنترة " بملابس امرأة على المسرح " وقد نشرت صحيفة ( 14 أكتوبر ) الغراء اجاباته على عشرة أسئلة وجهت اليه في لقائنا يوم21أبريل 1965م. ضمن مقابلة أجراها معي الأستاذ شكيب عوض حياه الله ، .ولانعدام الممثلات عندنا في ذلك الزمان أسقطت الرغبة التي كانت تلح علي .. ولعل ذاك السبب ما زال عائقاً عن ظهور كثير من المسرحيات الجيدة .. وهو سيي عدم اخراجي لمسرحية 0سيف بن ذي يزن) للدكتور محمد عبده غانم يرحمه الله .. والى اللقاء في الحلقة القادمة بإذن الله ..