ظاهرة الاحتباس الحراري تهدد حياة البشر على الكرة الأرضية
عمر عبدربه السبعمناطق كثيرة في العالم شهدت هذا العام سيولاً وفيضانات وبراكين وزلازل وأخرى شهدت تصحراً وجفافاً، وكانت مواسم الأمطار والأعاصير والرياح العاتية مواسم على درجة عالية من الخطر، فإعصار غونو ضرب فجر 6 يونيو 2007م الساحل الشرقي لسلطنة عمان وبلغت سرعة رياح الأعاصير 170 كيلو متر / ساعة، والأمواج ارتفعت إلى حدود أثني عشر متراً وهو أسوأ إعصار تشكل في المحيط الهندي ووصل ساحل السلطنة منذ عام 1977م.وقد تأثرت السواحل اليمنية بهذا الإعصار المصحوب بالأمطار الغزيرة.. وموسم الأمطار في وسط وجنوب وغرب الصين كان مميتاً أيضاً وشهدت كوريا الجنوبية والسودان وبنجلادش والفلبين وباكستان وأفغانستان والهند والبيرو أعاصير وفيضانات وانهيارات أرضية، وما حدث في إقليم بلوخستان هو الأسوأ منذ مائة عام حيث تشرد قرابة ربع مليون نسمة، وأعلنت تشيكيا حالة جفاف التربة التي تعمقت وتغطي 75 % من حاجة البلاد بسبب النقص الكبير في المياه الناجم عن قلة الأمطار وهو الأسوأ منذ ما يقارب خمسة وأربعين عاماً.. وشهدت اليونان حرائق للغابات التي أمطرت أثينا بالرماد، إذ قدرت مساحة الغابات المدمرة ألفين وخمسمائة فدان، فجبل بارنيثا كان مأوى لآلاف الأنواع من الحيوانات والنباتات بما فيها الأيائل الحمراء النادرة تعرض لهذه الكارثة المهولة.وفي أكتوبر ضرب تايوان إعصار قوي واتجهت تأثيراته إلى الصين وشهدت جزيرة جبل الطير في اليمن هزات أرضية خفيفة أعقبها انفجار بركاني في الجزيرة هو الأول من نوعه في اليمن في الألفية الثالثة من القرن الواحد والعشرين في هذه الجزيرة التي تقع جنوب البحر الأحمر.وواجهت اليمن هذا العام أسوأ موجة من موجات الجراد، لم تشهدها منذ نحو 15 عاماً، إذ تفشى الجراد الصحراوي بسبب الرياح الموسمية.. وشهدت المكسيك انهيارات أرضية، وتعرضت فيتنام لأمطار غزيرة وغير عادية.يقول الدكتور فاروق الباز : "إنّ ما تشهده الأرض من تغييرات مُناخية أمرٌ طبيعي وسنة من سنن الله تعالى في الكون، وحدث في الأزمنة الجيولوجية القديمة ويحدث حالياً".فهل يعني هذا أنّ البيئة يمكنها الأخذ بزمام المبادرة لإعادة التوازن إلى ذاتها؟؟؟إنّ علماء الولايات المتحدة الأمريكية وخبراء المُناخ والبيئة للدول الصناعية الكبرى يقرِّون بتأثير ظاهرة الاحتباس الحراري على تغيرات المُناخ وتقلباته الشديدة، كما أقرّ مسؤولون وخبراء يمثلون أكثر من مائة وعشرين دولة اتخاذ إجراءات فورية لخفض انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري ومنع التغيرات المُناخية المدمرة وذلك في العاصمة التايلندية بانكوك في الثاني من يونيو 2007م.وقد طالبت الصين إضافة فقرة في التقرير العام تفيد بأنّ الدول الصناعية هي المسؤولة الأولى عن أغلب انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري منذ بدء الثورة الصناعية الكبرى.ولأنّ ربع انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي للأرض مصدرها الولايات المتحدة الأمريكية، فإنّ الولايات المتحدة لم توقع على اتفاقية كيوتو.والصين هي ثاني أكبر دولة من حيث نسبة الانبعاثات الحرارية بعد أمريكا، ومع هذا فإنّ اتفاقية كيوتو استثنت الصين والهند (رابع دولة من حيث نسبة الانبعاثات) من المرحلة الأولى للاتفاقية والتي تنتهي عام 2012م في حين أنّ أمريكا تصرُّ على مطالبة كلا الدولتين بخفض ابنعاثاتهما من غازات الدفيئة.ومع هذا فإنّ الصين بدأت اعتباراً من 1 يوليو 2007م الحد من انبعاثات عوادم السيارات في كل أنحاء البلاد، وخلال سنة واحدة سيمنع بيع السيارات التي لم تسد متطلبات هذا القياس، وهو مقياس معادل للمقياس الأوروبي رقم (3)، ويحقق فوائد اجتماعية وبيئية جيدة، كما ألغت الصين مولدات كهروحرارية صغيرة لتقليص ملوثاتها من غاز ثاني أكسيد الكربون.إنّ أهم ما يميز كوكب الكرة الأرضية هو ما يحيط بها من غلاف جوي ومكوناته الأساسية، وهو غاز النيتروجين ونسبته 78 %، وغاز الأوكسجين ونسبته 21 %، والغازات الخاملة كالأرغون والنيون والهليوم ونسبتها 0.9 % والميثان وأكاسيد الكبريت والهيدروجين وأكاسيد النيتروجين وبخار الماء وهي المعروفة بغازات الندرة مع غاز ثاني أكسيد الكربون، وهي بمثابة شوائب وتسبب التلوث الجوي، وعندما يزيد تركيزها في الغلاف الجوي تسبب أيضاً اختلالات في الاتزان الحراري، هذا الاختلال الذي ينجم عنه تغييرات شديدة في مُناخ الأرض ويترك آثاراً سيئة على كل الكائنات الحية.ويؤكد العلماء أنّ أكثر من 90 % من احتمالات ارتفاع حرارة الجو سببها النشاط الإنساني بسبب احتراق الوَقود الأحفوري من فحم ونفط وغاز طبيعي واستخدامات غازات الكلور وفلور وكربونات في الصناعات المختلفة وقطع الخشاب وإزالة الغابات بطريقة جائرة.أما النسبة المتبقية بمصدرها طبيعي كانفجار البراكين وحرائق الغابات والملوثات العضوية، وكلها تعمل على تغيّير في كمية الإشعاع الشمسي الذي يصل إلى الأرض، ويقوم الغلاف الجوي بامتصاص الطاقة الحرارية وبالتالي ترتفع درجة حرارة المحيطات وعموم سطح الكرة الأرضية، وهو ما يُعرف بفعالية البيوت الخضراء.. وأنّ ما يجري في الكرة الأرضية من تغيرات مُناخية شديدة سببه الأساس، كما تؤكده بحوث العلماء وقياساتها، ارتفاع درجة حرارة الجو، إذ تشكل وقوداً لأحوال جوية غير مستقرة وزوابع وأعاصير وعواصف شديدة.. إذ تنصهر بالحرارة الجبال الجليدية في منطقة جرين لاند وقمم جبال الألب والأنهار والجبال القطبية تزداد ذوباناً وترتفع مستويات سطح البحر وتهدد الجزر المنخفضة والمدن الساحلية.. كما ينجم عن ذلك الأعاصير والعواصف الشديدة، وتنتشر الأمراض المعدية في العالم وتتدمر بعض الأنواع من الأحياء البحرية، ويصيب بعض المناطق موجات جفاف غير عادية وحدوث كوارث للمحاصيل الزراعية.إنّ مواجهة التقلبات المُناخية، إذا كان مصدرها الإنسان واستخداماته للوقود الأحفوري، فيجب أن تبدأ بدعم موارد الطاقة البديلة واستخدام المصادر المتجددة للطاقة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية والطاقة النووية والمصادر العضوية.. كما لابد من حماية الغابات والمساحات الخضراء في الطبيعة.إنّ النسبة المستخدمة من الطاقة البديلة لم تزد بعد عن 8 % على مستوى العالم ويبحث العلماء في استخدام الوقود الإحيائي الصديق للبيئة ويحتوي على زيت الديزل الإحيائي المستخرج من بذور الشلجم، والايثانول الإحيائي المستخرج من القمح والذرة وقصب السكر، وقد عُمم إنتاجه في أوروبا وأمريكا، ويظل السؤال المُلح من أين تأتي هذه الكمية الكبيرة من المحاصيل الزراعية التي يمكن استخدامها في إ نتاج الوقود الإحيائي؟إنّ تكنولوجيا الطاقة الأنظف، لا تزال تكلفتها باهظة، لكن العلماء لم يدخروا جهداً لتحقيق رفاهية الإنسان.. فالثورة الصناعية الكبرى طورت من قدرات الإنسان ومداركه وحسنت من معيشته وطريقة حياته وأنّ آثارها السيئة على البيئة في طريقها إلى الزوال إذا ما تكاثفت جهود المجتمع الدولي للبحث عن حلول ناجعة توائم بين الصناعة والطبيعة وتنشد التوازن البيئي لتحقيق التنمية المستدامة.