قيادة المرأة ومهاجمة الليبرالية عنوانان مهمان فيها
الرياض / متابعاتفي إحدى حلقات (طاش ما طاش) احد أشهر المسلسلات السعودية الناقدة، والذي يعرض خلال شهر رمضان، يظهر السيناريو رجل السعودية في المستقبل وهو جالس في بيته بينما تقوم ابنته بقيادة السيارة واضعة أولادها في الخلف من اجل الاستمتاع بفسحة قصيرة، يسأل الأب ابنته لدى عودتها من الجولة التي قامت بها "أين كنت؟" فترد "الأطفال كانوا قد ملوا الجلوس في البيت ، فقررت أخذهم إلى السينما" وتخرج من السيارة. المشهد قد يكون عاديا في جميع بلدان العالم .. ماعدا السعودية التي يمنع فيها السيدات من قيادة السيارة والتي لا تجد فيها أي دار سينما على الإطلاق .. في مملكة يزداد فيها النقاش حول حق المرأة في قيادة السيارة .. حسب وصف جريدة النيويورك تايمز الأمريكية التي نشرت تقريراً على الجدل الذي تغذيه المسلسلات السعودية خلال شهر رمضان. قيادة المرأة للسيارة في السعودية أصبحت مطلباً بعد سلسلة تغييرات شهدتها المملكة في الآونة الأخيرة، فيمكن للمرأة السفر إلى الخارج دون محرم ولكن عليها جلب موافقة منه، كذلك يمكنها طلب الطلاق .. ولكن رغم عدم وجود قرار بالسماح للسيدات بقيادة السيارة إلا أن اتساع الجدل في هذا الموضوع يبقى شيء جديد وملاحظ.يعلق عبد الله السدحان منتج، وكاتب مسلسل طاش ما طاش في نسخته الخامسة عشرة "نقول للجميع أن قيادة المرأة للسيارة أمر قادم سواءً اليوم أو غداً".المسلسل الذي انطلق عام 1993 يقدم العديد من القضايا السعودية الاجتماعية في قالب كوميدي وتعتبر مشاهدته إحدى طقوس رمضان التقليدية بعد الإفطار في هذا البلد، وغالبا ما يثير العديد من ردود الأفعال خصوصا حينما تمس حلقاته الطبقة الدينية في البلاد.في العديد من الحلقات الأخرى من المسلسل يتم مشاهدة المرأة وهي تقود السيارة فيما يعلق السدحان على ذلك بالقول "سيأتي وقت سنقبل به قيادة المرأة للسيارة، لذلك لقد حان الوقت لكي نعد الناس لتلك اللحظة". في مسلسل آخر "عمشة بنت عمشة" تظهر امرأة خسرت والدها وقد اضطرت للانتقال إلى المدينة حيث تنكرت في شكل رجل من اجل أن تكون سائقة تاكسي.الصحف السعودية بدأت تكتب عن تأثيرات ومسالة قبول العامة لقيادة المرأة للسيارة في المملكة الغنية بالنفط فيما بدأت جمعية حقوق الإنسان السعودية أبحاثها لتدرس تأثير ذلك على العائلات والمجتمع السعودي حسبما يقول ناشطون عاملون في الجمعية. مجموعة من السيدات السعوديات بدأن في وقت سابق حملة تطلب من ملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز ال سعود رفع الحظر المفروض على قيادة المرأة ليضعوا القضية في قلب الجدل الدائر حول تحديث المملكة العربية السعودية بعد حوالي 80 عاماً من تأسيسها وتعتبر تلك الحملة الأولى من نوعها بعد حملة مشابهة انطلقت عام 1990 ولكن الظروف تغيرت بعد حوالي عشرين عاماً من الحملة الأولى. تقول وجيهة الحويدر (45 عاماً) معلقة "نشعر أنهم قد بدأوا حملة لإعداد الشعب السعودي لتقبل القرار حينما يصدر قريباً، انه قرار كبير بوزن السماح للمرأة بالدراسة والتعليم، لقد قاوموا ذلك القرار في أول الأمر ولكنهم عادوا وقبلوا به"، الحويدر كانت جزء من 1100 امرأة قدمن التماساً إلى الملك السعودي. بعض رجال السعودية وخصوصا رجال الدين يوافقون أن الإسلام لم يمنع المرأة من قيادة السيارة حيث كانت السيدات في الماضي يمكنهن التنقل عبر الجمال والخيول من منطقة إلى أخرى ، والسيدات البدويات في المملكة اليوم يمكنهن الانتقال من مكان إلى آخر بسيارات البيكاب وأمام أنظار العامة. أما رجال الدين الآخرون فيقولون إن السماح للمرأة بالقيادة يعني أننا نقود المجتمع السعودي الى الفوضى، فالسيدة وحدها في السيارة سيعرضها للمزيد من التحرش والتعرض للمضايقات حينما يتعرضن لحادث او حينما يتم إيقافهن من قبل الشرطة فالنتيجة ستكون تحدياً للقيم السعودية كما يقولون. في عام 1990 قامت سيدات سعوديات منطلقة من الوجود الكثيف لشبكة CNN الإخبارية الأمريكية لتغطية أزمة غزو العراق للكويت بقيادة مجموعة من السيارات أمام بوليفارد الرياض وتم إلقاء القبض على العديد منهن بعد وقت قصير وبعضهن خسرن وظيفتهن في المدارس والجامعات فيما تم إجبار عدد آخر على مغادرة البلاد لفترة قصيرة. أما اليوم فهناك مساحة اكبر للسيدات ليعبرن عن آرائهن وتقول السيدة حويدر إن القضية هذه المرة غلفت بغطاء اقتصادي واجتماعي وليس كونه مجرد حق المرأة في قيادة السيارة حيث تصاعدت تكلفة المعيشة في السعودية وبدأت السعوديات الدخول إلى ميدان العمل بقوة من اجل دعم أسرهن اقتصادياً. ابتهال مبارك احدى الصحفيات العاملات في جريدة (اخبار العرب) الانجليزية اليومية ومنظمة الحملة تقول ان التكلفة المادية لعدم السماح للسيدات السعوديات بقيادة السيارة بدأت تظهر تاثيراتها على العائلات السعودية "فمعظم عائلات الطبقة الوسطى لم يعد بامكانها ان توفر سائقين خاصين للسيارات بعد الان".بعد عام 1990 تغيرت امور كثيرة فبعد ذلك العام بدأت ثورة القنوات الفضائية وبدأت ثورة الانترنت التي فتحت اعين السعوديات على مدى الحرية التي تتمتع المرأة فيها في الخارج وعلى الاخص في الدول الخليجية المجاورة للسعودية.يقول الدكتور خالد الدخيل استاذ السياسة الاجتماعية وفي جامعة الملك سعود في الرياض معلقاً "انها الحملة الاكثر تنظيما.. يمكنني ان اقول انها حملة حقيقية، لقد استخدمن الانترنت من اجل ارسال العديد من الرسائل الالكترونية".ورغم كل ما يجري من جهود الا ان قليلون يعتقدون ان منح حق القيادة للمرأة ستاتي قريباً والسيدة حويدر تقول انها لم تتلقى اي رد من القصر على الطلب الرسمي ويقول السدحان "قبل خمسين عاماً كنا نرفض خدمة البريد في البلاد ولكن الامور تغيرت ، لقد رفضنا الراديو لنقبله فيما بعد، ثم رفضنا التلفزيون من اجل ان نقبله فيما بعد، وبهذه الطريقة سنقبل قيادة المرأة للسيارة وعلينا اعداد البيئة المناسبة لتقبل القرار". ويبدو ان قيادة المرأة لن تكون الجبهة الوحيدة التي سيخوض فيها السدحان عبر مسلسله الذي هاجم فيه الليبراليين السعوديين ايضا كما تقول صحيفة الفاينشال تايمز البريطانية فها هو يقول "الليبراليون ليسوا جديين، وليسوا مخلصين لقضيتهم، وليسوا عمليين، انهم يتحدثون فقط".ويعتمد السدحان في رأيه على العديد من المناقشات السعودية التي تدور هنا وهناك مطالبة بحصول تغييرات في المملكة دون ان تنجح في احداث تغيير او منافسة الاسلاميين. في انتخابات العام 2005 البلدية في المملكة نجح الاسلاميون في الوصول الى المقاعد كحال بقية الدول العربية فيما اصبح الليبراليون مرتبطين بسياسات الولايات المتحدة الامريكية خصوصا مع تشجيع الرئيس الامريكي بوش لهم اثر حصول هجمات 11 سبتمبر 2001 وقد تركوا وحيدين فيما بعد. يقول ناصر القصبي احد الممثلين الرئيسيين في الحلقات انه صعق لخسارة الليبراليين في الانتخابات وقد حول المفاجأة الى قصة في احدى حلقات طاش التي عرضت في السلسلة الحادية عشرة من المسلسل. في تلك الحلقة تم الاستعانة بشخصة (مهران) الرجل الذي كل ما يفعله هو التسلط على نساء عائلته "لقد تسببت الحلقة بردود افعال قوية ولكن رغم ان 90 % من الكتاب في البلاد هم ليبراليون الا انهم فضلوا السكوت وعدم الكلام خوفاً من النتائج، هناك اصوات ليبرالية تعمل ولكن دون فائدة، يمكنهم فعل المزيد لو كان لديهم الشجاعة".حلقة اخرى عن الليبرالية عرضت مؤخرا تتحدث عن ليبرالي يكتب ويدافع بقوة عن كتاباته "ولكن من حوله فانهم يصيحون بالشعارات فقط وقد ضاعوا في زحمة الاحلام، فحينما يقع في المشاكل سرعان ما يتركونه".وتقول الصحيفة ان دور الليبراليين كان كبيرا في كسر الكثير من القيود امام المرأة ولهذا لا ينبغي نسيان هذه الحقيقة عند الكتابة عن دورهم في المجتمع السعودي.