أضواء
خالد عبدالله المشوحفي نهاية التسعينات وبداية الألفين كان محور خطاب القاعدة وأساسه هو وجود الكفار في جزيرة العرب مستندين في ذلك إلى ما جاء في الحديث: (لا يجتمع في جزيرة العرب دينان) وقوله صلى الله عليه وسلم (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب) ملغين بذلك العهود والمواثيق والتفسيرات الفقهية للحديث في استنتاج مخالف لما كان عليه الصحابة والأئمة، بمن فيهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقولهم بعدم صحة العقود التي تعطى للمشركين من أجل الإقامة داخل الجزيرة العربية، ومن ثم وجب إخراجهم منها، فإن أصروا على البقاء فليس لهم إلا القتل لأنهم في حكم المحاربين المحتلين لبلاد المسلمين. هذه إحدى الشبه التي تعد الأكثر إثارة لدى التنظيم مع حفظ الثروات الإسلامية في (الجزيرة العربية وأرض الكنانة) وهي مصطلحات تستخدمها القاعدة كثيرا لدغدغة مشاعر الطبقة الوسطى أكثر المستهدفين من التنظيم!. اليوم ومع القبض على خلايا في السعودية واليمن تستهدف المنشآت النفطية بالدرجة الأولى يبرز سؤال محير: هل ثمة تغير في إستراتيجية القاعدة بل وإيديولوجيتها من طرد الأمريكان من جزيرة العرب إلى جلب الأمريكان إلى جزيرة العرب؟. المتابع لخطاب القاعدة منذ نشوئه في منتصف التسعينات عبر التحالف الشهير الذي انطلق من السودان بين أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، يجد أن هناك تغيراً كبيراً في المنطلق الإيديولوجي، ففي السابق كان وجود الأمريكان مرتكزاً كبيراً لحشد الأتباع بطريقة سريعة وغير مكلفة، من خلال صور تبين حجم التكتل الأمريكي ومجموعة من الجنود والمدرعات الأمريكية متبوعة ببعض الآيات والأحاديث المُخرجة بشكل محترف على هذه الصور، كان ذلك كفيلاً بجلب مئات الأتباع، وهو ما كانت تتبعه في بروشورات كانت توزع في تلك الفترة. ومنذ أن قررت المملكة في أغسطس 2003م نقل كافة الجنود والعتاد الأمريكي من المملكة، كان ذلك بمثابة قطع الطريق على الاتجار بهذه القوات لزعزعة الأمن، لاسيما بعد التفجيرات التي حدثت، عندها لم تجد القاعدة أي حجة للتفجيرات في السعودية.ومنذ ذلك الحين رأينا أن القاعدة تتجه بشكل ملحوظ إلى استهداف المنشآت النفطية عبر محاولات متكررة، كان الهدف منها محاولة نزع الثقة في قدرة السلطات السعودية على حماية المنشآت النفطية، ومن ثم الاستعانة بالأمريكيين أو تدخل أمريكي دولي لحماية المنشآت النفطية!، وهو الأمر الذي سيحيي القاعدة من جديد عبر الضرب على وتر النص الشرعي، وهو الأمر الذي لا يعطي مجالاً لتفسير النص لدى الشريحة التي يستهدفها خطاب القاعدة في الإنترنت، ما بين ست عشرة وثلاث وعشرين سنة، وفي ظل عجز الخطاب الديني -كما ذكرت في مقال سابق بعنوان (باب الجهاد والتجاهل البحثي)- عن مواكبة القاعدة في بحوث الجهاد والدولة الحديثة، أقول هنا: إن القاعدة باتت تتجه إلى إحداث أو استغلال أي فوضى في المنطقة عبر ضرب النفط، ومحاولة سحب الأمريكان إلى التدخل في المنطقة عبر إستراتيجية جديدة للقاعدة تعتمد على جلب الأمريكيين للمنطقة ونشر الفوضى، ليتسنى للتنظيم إعادة ترتيب نفسه ومعاودة نشاطه القوي لاسيما في السعودية، في حال نجاح الإستراتيجية الجديدة التي لا تزال إلى هذه اللحظة فاشلة، مع الأخذ في الاعتبار أن نجاح هذه الفكرة يعد أحد السبل السريعة لإحياء التنظيم، ما يعني أنه لا يمكن الاستسلام بسهولة لدى خلايا القاعدة النائمة اليوم. [c1]* عن/ صحيفة (الوطن) السعودية[/c]