بغداد / سيف الخياط :خرجت أم حسين تصرخ في الشارع بحثا عن ابنها الوحيد لتدخله إلى المنزل عقب مشاهدتها لمؤتمر صحفي بثته محطات التلفزه يظهر أطفال دون سن 11 ينتمون إلى تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين. ويشعر الأهالي بقلق كبير حيال محاولات تنظيم القاعدة إلى تجنيد الأطفال القاصرين أو خطفهم مقابل الحصول على الأموال ما يزيد الملف العراقي ورقة شائكة جديدة.وقد أعلن في مؤتمر صحفي مشترك بين وزارة الدفاع العراقية والقوات المتعددة الجنسية ظهر الأربعاء الماضي عن العثور على أفلام فيديو ووثائق تركها تنظيم القاعدة لأغراض الدعاية الإعلامية عقب مداهمة احد معسكراته في منطقة خان بني سعد شمال شرق بغداد في ديسمبر الماضي.وقال المتحدث الرسمي لوزارة الدفاع اللواء محمد العسكري «إن القاعدة تريد تشكيل جيل جديد من الإرهابيين كونها تعاني من ضربات موجعة أفقدتها اغلب مقاتليها مما دفعها إلى استخدام بدائل من أعمار قاصرة تتراوح بين 8 -14 عام».وأضاف العسكري «إن القاعدة بدأت تعاني أيضا من شحة في الموارد والأموال مما دفعها إلى اللجوء إلى خطف الأطفال ومقايضة ذويهم بدفع فدية مقابل إطلاق سراحهم وقد استطعنا تحرير طفل في سن 11 عام واسمه محمد من مدينة كركوك كان قد خطفه تنظيم القاعدة وطالب مقابل إطلاق سراحه مبلغ قدره 100 ألف دولار».في حين قال المتحدث الرسمي للقوات المتعددة الجنسية الأدميرال غريغوري سميث «لقد وجدنا إن القاعدة قد اعتمدت على النساء أيضا والمختلين عقليا وقد أحصينا ذلك ففي عام 2007 سجل قيام ثمانية نساء بتفجير أنفسهم وفي عام 2008 سجل انتحار امرأتين مختلتين عقليا يوم الجمعة الماضية في سوق الغزل الخاص بالحيوانات ومنطقة بغداد الجديدة».وقد أوضح شريط الفيديو الذي عثر عليه أطفال قاصرين برفقة معلم من القاعدة وهم يجرون تدريبات على خطف احد المدنيين وهو يسر بسيارته في الشارع علاوة على تسلق الجدران واقتحام المنازل، وقد ردد الأطفال قسم الولاء للجهاد في سبيل الله.وقد حمل الأطفال أسلحة خفيفة متنوعة من المسدسات ورشاشات كلاشنكوف وقاذفة صواريخ من نوع أر بي جي المضادة للدروع، وقد تقنعوا بلفافات سوداء وارتدوا ملابس رياضية سوداء أيضا.وتقول ام حسين 44 عام تسكن في بغداد في حي المنصور الراقي «من السهولة جدا ان يتم استدراج الأطفال إلى مثل هذا التنظيم لان الطفل لا يملك معرفة جيدة واستدراجه ليكون بطلا ويحمل السلاح كما يشاهد في أفلام الاكشن ستكون وسيلة مغرية لجذبه».وتضيف أم حسين «انا قلقة جدا على طفلي من خطفه أو من تجنيده وهذا الأمر جعلني اشعر برعب جديد يضاف إلى الرعب اليومي الذي نعيشه خوفا من انفجار السيارات المفخخة والعبوات الناسفة والمداهمات وجميع المظاهر المسلحة الموجودة في شوارع بغداد».ولم تتردد وزارة الدفاع على لسان الناطق الرسمي محمد العسكري عن توجيه تحذير إلى العوائل العراقية لمتابعة أبنائهم بشكل دقيق معربا عن استعداد وزارته للتنسيق مع وزارة التربية لتحسين مناهج التعليم ووضع خطط لتطوير ذهنية الطفل وجعله على دراية بأساليب التجنيد.ويقول العسكري «إن الأطفال يتأثرون بسلوك الأشخاص ذوي النفوذ الذين يحكمونهم وهذا ما حصل فعلا في بعض المناطق التي سيطر عليها تنظيم القاعدة في السابق».
طفل عراقي يرى نفسه استشهادي
ويعد القتل اليومي والتفجيرات الانتحارية وحالات الخطف والجثث المجهولة الهوية وجميع مظاهر العسكرة المشهد اليومي المتكرر في الحياة العامة ووسائل الإعلام التي يطلع عليها الطفل بكثافة ما دفع تجار بيع لعب الأطفال إلى استيراد أنواع عديدة من الأسلحة البلاستيكية المختلفة التي تعتبر الأكثر رواجا والأكثر طلبا من قبل الأطفال لأنها تمثل صورة المحيط الذي يعيش فيه.ويجد باحثون نفسيون إن أجيال من العراقيين قد نشاؤا في ظل الحرب المشتعلة منذ ثلاثين عام على الأقل وان ذاكرة البالغين من أعمار الشباب في العشرينات حاليا تحمل ذكريات عن مشاهد القتل التي كان يبثها التلفزيون العراقي عن صور المعركة التي استمرت 8 سنوات بين العراق وإيران ثم عززت بصور دمار أوسع جرت وقائعه مع بداية التسعينات في الحرب مع الكويت، وعززت مرة أخرى بإبادة مئات الآلاف من المدنيين على اثر الانتفاضة ضد الرئيس السابق صدام حسين.ولا يتوقف نزيف الدم حتى في حالات السلم لدى العراقيين فتجده في صور عدة غير الحرب مثل احياء الطقوس الدينية، وللأطفال أيضا دور في ممارسة هذه الشعائر التي تعرف بطقوس عاشوراء ولهم نصيب في ضرب ظهورهم بالسلاسل الحديدية أو شق رؤوسهم بالسيوف.وتعتمد مناهج التدريس في المراحل الابتدائية والمتوسطة والمتقدمة على اقتباس المشاهد القتالية في التاريخ العربي والإسلامي بصورة تفاخرية وتروي معارك العرب مع الشعوب الأخرى وملاحم الاستشهاد والقتل.ولعل عدد من العوامل تساهم في توجيه عقل الطفل العراقي إلى اللجوء إلى السلاح أو الانخراط في المليشيات المسلحة وابسطها يتمثل في ثقافة العنف والاستبداد المنتشرة في عموم منطقة الشرق الأوسط.[c1]* عن/ موقع ( إيلاف) الاليكتروني[/c]