إعداد / ميسون عدنان الصادق:مع كل عمر يقوم به مصطفى العقاد كان يملأ الدنيا ويشغل الناس في فيلميه الكبيرين ( الرسالة ) و ( عمر المختار ) شغل العالم لسنوات وسنوات وعندما زوج ابنته ريما شغل الحدث مجتمع بيروت والشام وحلب وحمص ومجتمع الفن والفنانين في لبنان والعالم ثم اغتالت يد الارهاب مصطفى العقاد وابنته ريما وهاهما اليوم يشغلان قلوب المحبين والمعجبين والإعلام .قدر هذا الرجل ان يكون الحدث في كل ماكان يفعله اويحدث له رحم الله مصطفى العقاد وريما .ولد مصطفى العقاد في حي الازبكية في حلب عام 1933م لأم تركية وأب كان يعمل في الجمارك ومنذ طفولته نبغ وظهرت عليه سمات الذكاء فكان يجيد استخدام الكاميرا وفنون التصوير منذ سن العاشرة كان يقوم بتصوير اخوته واصدقائه ثم يظهرها بنفسه في حمام المنزل وكانت اسرته تندهش من قدرته على اجادة هذا العمل وذات مرة احضر جهاز سينما بدائيا وقام بجمع ابناء الحارة وقام بتشغيل فيلم يتحدث عن العادات الجيدة والتقاليد السامية وكأنه في تلك الفترة يريد توجيه فيلم ( الرسالة ) الذي قدمه بعد ذلك . وفي طفولته قدم مسرحية عندما كان في المدرسة الامريكية وحققت نجاحاً كبيراً وعرفت في كل المحافظات في سوريا كما انني لا أنسى انه كان رساماً بارعاً فكان يرسم الزعماء ورواد تلك الفترة كما انه قام بتقديم مسرحية بعنوان ( شاعر من الصحراء) عرفت في كل انحاء سوريا واحدثت ضجة كبيرة في تلك الفترة كما نال ثلاث شهادات ثانوية دفعة واحدة وهي الفرنسية والانكليزية والعربية كان همه منذ صغره ان يعمل مخرجاً وبالتحديد في هوليود التي كان طموحه لايقل عنها . بعد تخرجه من الثانوية عمد في (البنك البريطاني ) في حلب ليجمع مبلغاً من المال ليسافر به إلى امريكا . كان الجميع يسخرون منه ويعتقدون بأنه سادج ولن يحقق مايريد ولكنه مع ذلك احضر كتباً كالتي تدرس في الجامعات الامريكية في مجال الاخراج وقام بدراستها وفهمها قبل مغادرته لامريكا . والحقيقة ان والده كان في البداية رافضاً دخوله إلى مجال الاخراج ولكنه في النهاية شجعه على المضي قدماً والسعي لتحقيق طموحه وكان مربياً فاضلاً علمه الدين الاسلامي على انه دين الرحمه والعدل والمساواة . وبأصرار مصطفى العقاد على السفر رضخ له والده وعند سلم الطائرة قدم له مبلغ مئتي دولار والمصحف الكريم ليكون مؤنساً له في وحدته وغربته وحط رحالة في (كاليفورنيا ) حيث درس في جامعتها وتفوق على كل زملائه ولايزال اسمه بين قائمة المتميزين في هذه الجامعة .وكان يتدرب على الاخراج اثناء الدراسة وذات مرة قام بإعداد فيلم عن ( قصر الحمراء ) نال الجائزة الأولى في الجامعة وبعد تخرجه عمل مساعداً للمخرج العالمي ( الفرد هيتشكوك ) حيث تدرب على يديه ونال خبرة كبيرة من خلال عمله معه وهذا ماساعده في مابعد على إعداد مجموعة افلام ( الهالويين ) وبعد ذلك عمل في شبكة لإعداد افلام بعنوان ( كيف يرانا العالم ) جاب خلال تصوير هذه الافلام مناطق عديدة في العالم وهذا ما اكسبه معرفة بالثقافات المختلفة والمتنوعة . ومن خلال هذا الفيلم تعرف على طبيعة المسلمين وكيف يعيشون وماهي نقاط ضعفهم وابرز المشاكل التي يعانون منها خاصة اوضاع المسلمون في افريقيا وجنوب آسيا والحقيقة انه كان ينزعج جداً من تلك الحال السيئة التي كان عليها المسلمين ولعل هذا مالفت نظره إلى انتاج فيلم يتحدث عن الاسلام الحقيقي وروح الاسلام السامية البعيدة عن التحزب والتطرف والعنف ومما يجدر ذكره ان فيلم (الرسالة ) الذي قام باخراجه لقي مشاكل كثيرة في العالم الاسلامي حيث حورب ولم يعرض في عدد من الدول العربية والاسلامية نتيجة اشاعات كاذبة مغرضة اطلقت اصلاً لتحجيم الفيلم ومنعه من العرض الا ان مصطفى رحمه الله كان مخرجاً ذكياً استطاع ان يحصل على تمويل للفيلم وان يخرج من نطاق الحصار الذي يفرض على فيلمه ومن يتابع اليوم الفضائيات يدرك مدى نجاح الفيلم حيث استقطب اعجاب الكثيرين ونال رضا الاسلاميين بل ان الإدارة الأمريكية كانت قبل اي حرب تقوم بشراء مئات آلاف من نسخ فيلم (الرسالة ) لعرضه على جنودها ليعرفوا طبيعة من يقاتلون وبماذا يؤمنون ماهي معتقداتهم .لقد علم ان الشعب الامريكي يحب متابعة افلام الرعب ويستمتع بمشاهدتها فقدم هذه السلسلة للحصول على المال الذي يحتاجه لتقديم مشاريعه التالية التي كان يحلم بإعدادها والتي تتحدث عن قضايا أمته .وكان يريد ان يتعرف العالم إلى الاسلام الحقيقي وذلك الذين السماوي الذي يكمل الديانتين اليهودية والمسيحية وانه دين توحيد وهو من الله لكل الناس يتخرجهم من الظلام الى النور . وكان يريد ايضاً ان يعرف الغرب بجوهر هذا .. الدين الذي يقوم على المحبة والمعاملة بالحسنى وبالتي هي احسن وعندما سئل رحمه الله لماذا لم تأت ببطل مسلم ليجسد دور عمر المختار وأتيت بالنجم ( انتوني كوين ) قال لهم : ( لكي يقتنع الغربيون بقضيتنا وبالظلم الذي لحق بنا لابد من تقديم قضيتنا من خلال وجوه يعرفونها ويحبونها فلا احد في الغرب سيشاهد فيلماً عن العرب يقوم به العرب ولكن بهذه الطريقة نقوم بلفت نظرهم وحثهم على مشاهدة مانقدمه وبالتالي تفهم حقيقتنا ومعرفة قضايانا ) ولقد اعتنق الاسلام بعد مشاهدة فيلم ( الرسالة ) مايزيد عن العشرين ألف شخص.انتج العقاد سلسلة من ثمانية افلام ( هالووين ) بدأها في العام 1978م . 1- هالووين .2- الكابوس لم ينته بعد 3- موسم الساحرة 4- موعد مع الخوف 5- عودة مايكل مايرز 6- لعنة مايكل مايرز 7- بعد عشرين سنة .8- الانبعاث . لقد استطاع العقاد ان يخترق ابواب هوليود بطاقته الابداعية الكبيرة محافظاً على انتمائه العربي والاسلامي فلم يقبل ان يغير جلده العربي وعندما سألوه : لماذا لم تغير اسمك لتجد فرصاً افضل ؟ قال كيف اغيره واناقد ورثته عن والدي . حافظ على اسم ( مصطفى ) حين قدم اروع صورة للاسلام الدين السمح في مشروعه الأول الذي انجزه عام 6791م فيلم ( الرسالة ) وقد تعرض انذاك للكثير من التهديدات من المتطرفين ومن ذلك مانشرته مجلة (المرأة اليوم ) العام الماضي من أن المتطرفين طاردوه بالسكاكين قبل عرض الفيلم وكان وقتها لايزال اسمه ( محمد رسول الله ) اذ تصور بعضهم انه يشوه صورة الاسلام ورفض بعضهم مشاهدته والبعض الاخر جاء لمشاهدته وبعد الانتهاء من العرض وجد الجميع يصافحونه ويقبلونه ويطلبون منه تغيير اسمه لانه يعرض في الدول الاوروبية ولايجوز ذكر اسم ( الرسول الاعظم ) فيها وبالفعل غير اسمه فأصبح ( الرسالة ) وبعد ثلاثين عاماً من عرضه فهمت الرسالة ولم يفهمها المتطرفون فاغتالوا من قدم للاسلام مالم يقدمه احد قبله واين ؟ في احد فنادق العاصمة الاردنية التي شهدت اول عرض لهذا الفيلم الضخم !تزوج العقاد مرتين الأولى من السيدة ( باتريسيا ) وهي امريكية تحمل شهادة الماجستير في الفنون والآداب وهي امرأة مثقفة جداً تجيد عدة لغات كانت زميلته في الجامعة وبسبب القوانين الامريكية التي لاتجيز للرجل الجمع بين الزوجتين انفصل عنها اما زوجته الثانية فهي السيدة ( سهى العشي ) وكان زواجه منها سبباً في ارتباطه اكثر ببلده سوريا . لقد نال مصطفى العقاد جوائز كثيرة في عدد من المهرجانات السينمائية العربية والدولية كما نال اوسمة عديدة من زعماء عرب واجانب وكرم من الرئيس الامريكي السابق بيل كلنتون وكان من المفترض ان يكرم في مهرجان دمشق السينمائي الاخير لكن وفاته حالت دون ذلك . ففي زيارته الاخيرة لقضاعيدالفطر مع اقاربه واصدقائه زار كل من يعرف وتودد للجميع وتعامل معهم بلطف وذهب إلى الاردن لحضور حفل زفاف بدعوة من اخر اصدقائه لكن قدره كان ينتظره هناك فقضى شهيداً في تفجيرات عمان الارهابية .
|
ثقافة
قصة العقاد من البداية الى النهاية
أخبار متعلقة