مدير البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز في حديث لصحيفة ( 14اكتوبر ):
لقاء / زكي الذبحانيتجذرت في أذهان وعقول الكثيرين نظرة مشوشة عن المصابين بالإيدز ساهم فيها تدني الوعي الصحي في أوساط المجتمع للأسف فالبعض معلوماته عن الإيدز منقوصة قد تلتبس ببعض الأحكام الخاطئة والمفاهيم غير الصحيحة.فما أحوج الناس إلى معرفة المزيد عن هذا الداء وإلى التمسك بأخلاقيات ديننا الحنيف الذي دعانا إلى التحلي بكرم الأخلاق وحسن معاملة الآخرين.في اللقاء الذي جمعنا بالدكتور/ عبدالحميد الصهيبي مدير البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز بوزارة الصحة العامة والسكان تفاصيل كثيرة حول هذا الداء القاتل (الإيدز) وما يلزم لتجنبه من إرشادات صحية وقائية وبيان لأخلاقيات التعامل مع شريحة المرضى وحاملي العدوى.. فإلى التفاصيل..- ليس من المنصف التغاضي أو التهاون بمرض الإيدز فلا بد من وضع الناس على الحقائق والمعلومات المفيدة حول هذا المرض... فما أصل وحقيقة هذا المرض وما حجم المشكلة على الصعيدين المحلي والعالمي؟ الإيدز مرض ينجم عن فيروس يدمر الجهاز المناعي في جسم الإنسان فيصبح عرضة للأمراض القاتلة والأورام السرطانية. تسميته جاءت مشتقة من الحروف الأولى للاسم العلمي باللغة الانجليزية لهذا المرض (A.I.D.S) وهي :(Acquired Immuno Deficiency Syndrome) واسمه باللغة العربية (متلازمة العوز المناعي المكتسب) في اليمن بلغ العدد التراكمي لحالات الإيدز المسجلة حتى نهاية شهر مارس المنصرم 2009م (2651 حالة) وأغلب الحالات اكتشفت بالصدفة لكن هذا العدد لا يمثل كل حالات الإيدز.ولا ينبغي التكهن هنا وافتراض ما لا أساس له كضرب إجمالي عدد الحالات المسجلة على عشرة للوصول إلى الحصيلة الإجمالية لجميع حالات العدوى والإصابة بالإيدز فأنا اعتبر هذا مجرد تخمين خاطئ مبالغ فيه.أما حول العالم فوفقاً لآخر التقديرات هناك ما بين (34 - 46 مليون) مصاب بعدوى الإيدز في العالم.أما عدد حالات العدوى الجديدة المقدرة يومياً فهي على الأرجح (14 ألف) حالة.بينما يصل العدد التراكمي للوفيات الناجمة عن عدوى الإيدز عالمياً إلى حوالي (28 مليون) وفاة. [c1]حاملو العدوى[/c]- هل يكفي أن يعلم المجتمع أن الإيدز قاتل لا علاج له وأنه ينتقل عبر العلاقات المحرمة خارج نطاق الزواج الشرعي؟ أم أن ثمة معلومات وحقائق يجب أن يكونوا على علم بها؟ يجب على جميع الناس أن يعوا ويستوعبوا المعلومات والحقائق الأساسية حول مرض الإيدز إذ ليس من المعلوم لدى الكثيرين أن انتقال عدوى الإيدز من المصاب بالمرض أو بعدواه إلى شخص سليم لا تظهر على إثره لدى متلقي العدوى أعراضاً تدل على أنه مريض بالإيدز وذلك لسنوات طويلة لأن فيروس الإيدز عقب انتقاله إلى الجسم يدخل إلى الخلية فيتحد مع المورثات وقد يبقى كامناً فيها لعدة سنوات تصل لدى بعض الحالات إلى أكثر من عشر سنوات ويبقى خلالها حامل العدوى ناقلاً للمرض شأنه في ذلك شأن المريض مع أن متلقي العدوى يبدو سليماً في الظاهر.[c1]ظهور الأعراض[/c]- لدى ظهور أعراض الإيدز .. ما الحال الذي يبدو عليه المصاب بالمرض؟ يمكن تأكيد ايجابية العدوى بفيروس الإيدز في (99%) من الحالات خلال ثلاثة أشهر من التعريض للعدوى عن طريق إجراء الفحوصات المخبرية.بينما تظهر أعراض الإيدز – لاحقاً بعد سنوات في مرحلة الإصابة ووقتها يهاجم الفيروس جسم الإنسان ويبدأ بإتلاف جهاز المناعة لديه ما يجعله عرضة للإصابة بالعديد من الأمراض الانتهازية والأورام التي تؤدي لاحقاً إلى الوفاة حيث تظهر لدى المريض عدة أعراض أهمها:-- ارتفاع درجة حرارة الجسم مع تعرق ليلي غزير يستمر لعدة أسابيع دون سبب معروف.- تضخم العقد اللمفاوية لا يعرف سببه وخاصة الموجودة في العنق والإبط وثنية الفخذ.- سعال جاف يستمر عدة أسابيع دون سبب معروف.- إسهال سببه واضحاً يستمر عدة أسابيع.ويصاحب هذه الأعراض في بعض الأحيان اعتلال عام في الصحة وشعور بالإنهاك. [c1]العلاج المتاح[/c]- لماذا لم يتوصل العلماء والباحثون إلى علاج أو لقاح يحقق الشفاء أو الحماية للجسم من الإيدز؟ تتواصل محاولات الباحثين والعلماء لتطوير لقاح فعال أو علاج يحقق الشفاء من مرض الإيدز لكنهم لم يتمكنوا من تحقيق ذلك حتى الآن إنما تبقى الوسيلة الفعالة للوقاية من هذا المرض هي التمسك بالقيم الدينية والأخلاقية التي تحضر وتحرم الزنا واللواط وتحصر الممارسة الجنسية في إطار العلاقة الزوجية الشرعية.وكفى بالقرآن واعظاً حيث يقول الخالق سبحانه وتعالى : “ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً” (الإسراء الآية 23).- ذكرت الوقاية وخطورة العلاقات الجنسية المحرمة لماذا التركيز على هذه الوسيلة بالذات على الرغم من تعدد الوسائل والوسائط التي ينتقل من خلالها المرض؟ العلاقات الجنسية المحرمة الأبرز والأكثر شيوعاً في نقل عدوى المرض وانتشاره بنسبة تزيد على (90%) بينما توفر العفة والعلاقة الزوجية المبنية على الوفاء وتجنب تعدد القرناء الجنسين الضمانة الأكيدة لمنع الإصابة بالعدوى وهو ما يؤمنه التمسك بهدي وتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف الذي يدعو إلى العفة والطهارة ويحرم الزنا والشذوذ الجنسي.قال تعالى: “ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً” ويقول النبي الكريم (عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم): “يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء”.وإذا كان الاتصال الجنسي غير المأمون سواء بين أفراد الجنس الواحد او الجنسين كالزنا واللواط والعياذ بالله وهو الأبرز والأكثر شيوعاً لنقل ونشر العدوى فإن العدوى يمكن أن تنتقل بصور أخرى مغايرة عبر نقل دم متبرع به ملوث أو مشتقاته أو نقل أعضاء متبرع بها من إنسان مصاب إلى آخر غير مصاب أو من خلال استعمال الحقن الملوثة أو بتداول استخدام الأدوات الثاقبة أو الجارحة للجلد وذلك مع المصابين بالمرض أو حاملي العدوى كأمواس الحلاقة وأدوات الوشم وفرش الأسنان خاصة إذا كانت هناك جروح أو تقرحات على الأغشية المخاطية أو الجلد.كذلك تنتقل العدوى نتيجة عدم تعقيم الأدوات التي يستخدمها أطباء الأسنان والأدوات التي تستخدم في المجارحة والحجامة وخرص أو ثقب الأذن. يدخل أيضاً تحت هذا النمط من العدوى إدمان المخدرات فهي قضية ذات صلة وثيقة بانتشار الإيدز لاستعمال المدمنين على المخدرات محاقن وإبر ملوثة يشتركون في استخدامها سوية لتعاطي المخدر عبر الوريد.ووارد حدوث العدوى من الأم الحامل إلى جنينها أو وليدها لدى اقتراب الولادة أو أثناء الوضع أو بعده بقليل ويتراوح خطر انتقال الفيروس بهذا النمط من العدوى بين (25 - 50 %).أضف إلى ذلك احتمال انتقال العدوى عن طريق اللعاب لكنه احتمال ضعيف.[c1]وسائل آمنة[/c]- بقي أن توضح لنا الطرائق التي لا ينتقل من خلالها المرض فهلا ذكرتها؟ من حسن الحظ أن مرض الإيدز لا ينتقل إلا من خلال الممارسات غير المأمونة ولا تنتقل عدواه مطلقاً عن طريق:-- المخالطة العارضة أو الاتصالات الشخصية في محيط الأسرة أو العمل أو المدرسة كالمصافحة والعناق.- الأكل أو الشراب أو من خلال صنابير المياه أو المسابح.- استعمال وسائل المواصلات العامة.- العطس أو السعال أو بواسطة الحشرات كالذباب والبعوض.[c1]لا للوصم[/c]- البعض لا يتورع في إساءة معاملة مرضى الإيدز أو النفور الشديد.. فكيف يتسنى تصحيح هذه الاختلالات؟ وما الذي تقترحه لسد هذه الهوة وإعادة الثقة؟ ليس من الإنصاف وصف المصابين بالمرض بأي وصف سيئ أو نعت ممقوت أو التعسف ضدهم والإسفاف والقهر أو طردهم من أعمالهم أو حرمانهم من حقوقهم المادية والاجتماعية فهذا أمر ينكره الإسلام دين الرحمة وما كان ليقبل به رسول الهداية (صلى الله عليه وسلم) وهو الذي قال: “الظلم ظلمات يوم القيامة” كما يقول المولى عز وجل في الحديث القدسي على لسان نبيه الكريم (صلى الله عليه وسلم): “يا ابن آدم إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته محرماً بينكم فلا تظالموا”.ويقول المولى جل وعلا: “يأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب” (سورة الحجرات الآية 11) وقطعاً لا يمكن إنكار هذا الواقع فهو يشمل قطاعاً واسعاً من أفراد المجتمع وفيهم للأسف الشديد شريحة واسعة من المتعلمين.فالأحرى أن يبدأ كل منا بداية جديدة لا ظلم فيها ولا قدح ولا صم لدى تعاملنا مع هذه الشريحة من المرضى واستشعار آلام المصابين بالإيدز ومعاناتهم فحسبهم ما يعانونه من هذا المرض الوخيم.وهذا أسلم للعيش بصورة ايجابية ويهون على مرضى الإيدز وحاملي العدوى مصابهم ويقلل مخاوفهم ويزيل عنهم الاكتئاب والشعور بالمقت أو الوصم ويعد حافزاً لهم للعيش بسلام ويزيل عن الساخطين المتحاملين على المجتمع الكراهية والنزعة أو الرغبة في الانتقام.