أثبتت الأبحاث العلمية الحديثة أن التوبيخ بالكلام لا يقل ضررا عن العقاب بالضرب لأنه يحدث الآثار الضارة نفسها التي يحدثها الضرب في نفسية الطفل. فقد يلجأ كثير من الآباء والأمهات إلي عقاب أطفالهم عند الخطأ بالتوبيخ أو بالكلمات الجارحة اعتقادا منهم أن هذا الأسلوب أفضل من الضرب بالنسبة لنفسية الطفل. وقد وجد من خلال دراسة أن احترام الذات يتضرر كثيرا عند التعرض للعقاب بوسيلة أو بأخرى لأننا عندما نعاقب الأطفال فإننا نعطيهم الإحساس بأنهم لا قيمة لهم. إن علم التربية الحديث يسمي عقاب الطفل البدني بالضرب أو القرص أو اللكم أو عقابه النفسي بالألفاظ القاسية، كل هذا يسميه علم التربية الحديث إيذاء للطفل وتحطيما لقدراته.. كل هذا يصيب الطفل بالإحباط وفقد الثقة بالنفس ويجعله غير راغب في التعاون ولا في تحمل المسؤولية بل يجعله عدوانيا قلقا سريع الانفعال. فالطفل إذا استخدمنا معه أساليب الإيذاء البدني والنفسي سيشعر بأن كل ما يقوم به لا يرضى عنه الكبار المحيطون به_، ولما كان الطفل يهتم جدا بالفوز برضاء الكبار، فإنه سيمتنع عن كثير من الأشياء اللازمة لنموه العقلي والنفسي والبدني نتيجة أسلوب الكف أو المنع الذي يلجأ إليه الكبار في تعاملهم مع الأطفال. أن النشئة الاجتماعية للأطفال تتوقف إلى حد كبير على أساليب الدعم والتشجيع أو الكف والمنع التي يمارسها الكبار مع الصغار، فسلوك الطفل الذي يجد تشجيعا وترحيبا وتدعيما من الكبار سيكرره الطفل ويعتاد عليه .. أما سلوك الطفل الذي تقابله بالاستنكار أو الإهمال أو العقاب فسيكف عنه. لذلك إذا واجهنا سلوك الاستطلاع أو التساؤل بالتشجيع والدعم سيستمر فيه الطفل ويترتب على ذلك نمو معارفه وخبراته. أما إذا واجهنا سلوك الطفل للاستطلاع أو التساؤل بالإهمال أو السخرية، فإن الطفل سيكف عن التساؤل والاستطلاع، ومعنى هذا يتوقف عقله عن العمل ومن ثم يتوقف الذكاء والقدرات العقلية عن النمو. أما بالنسبة لاستخدام أسلوب العنف والضرب مع الأطفال يعتقد العديد من الآباء أنهم إذا ربوا أولادهم بالضرب فإنهم سيحصلون على أطفال مؤدبين يخافون الخطأ ونتائجه فيحسنون عندها التصرف، غير أن هذا الاعتقاد ثبت خطأه إذ يؤدي ضرب الأطفال من قبل آبائهم إلى تغيير غير سار في شخصياتهم فينشئون معقدين ومشاكلهم النفسية أصعب من أن تحل بسهولة، خاصة وأن الإنسان غالبا ما يتأثر بطفولته ويبقى محتفظا بآثارها السلبية على شخصيته. والحقيقة أنه ليس هناك أمر أصعب على الطفل من أن يصفع على وجهه من قبل أي إنسان ولكن لو كان هذا الشخص هو والده أو والدته فإن المشكلة أكبر وأعقد وذلك لأن الطفل عندها سيوجه مشاعر العداء لهما، حتى وإن نسي بعدها، إلا أن الحالة التي مر بها والخوف المصاحب سيكون لهما دورهما في شخصيته. وقد حذر العلماء من أن صفع الأطفال قد يسبب آثارا مؤذية طويلة الأجل على سلوكياتهم ولا تساعد على تربيتهم وتحقيق الطاعة المطلوبة منهم لآبائهم. وربط الباحثون الصفع بمشكلات سلوكية سلبية تصيب الأطفال مثل العدوانية والسلوك غير الاجتماعي والانطوائي واضطرابات نفسية عديدة. وقالت أن الصفع غير فعال أبدا في تقويم سلوك الطفل وتربيته ولا يساعد في تعليمه الصحيح من الخطأ، كما أن له دورا في عدم التزام الطفل بطاعة والديه فهو يخاف في حضورهما فقط، ولكنه يسيء التصرف في غيابهما. وأشارت الدراسات الحديثة إلى أن الصفع الخفيف إلى المتوسط قد يفيد الأطفال في عمر السنتين إلى الست سنوات ولكن لا ينصح أن يحاول الآباء الذين يملكون ميولا عصبية بالصفع على الإطلاق، منوهة إلى أنه ليس جميع الأطفال الذين يتم صفعهم قد يعانون من مشكلات انطوائية أو عدوانية. ووجد بعد تحليل 88 دراسة عن العقاب الجسدي وتأثيراته أن هذا العقاب يختلف حسب طبيعة الآباء من ناحية استخدامه بصورة متكررة، والمواقف التي تجبرهم على استخدامه، والأحاسيس التي تنتابهم أثناء صفع أطفالهم، وإذا ما كانوا يستخدمونه مع وسائل تربية أخرى. ولاحظت أن جميع هذه العوامل إضافة إلى علاقة الآباء بأطفالهم هي التي تحدد الاستجابات العاطفية والنفسية عند الطفل، مؤكدة ضرورة اللجوء إلى وسائل أخرى غير الضرب لإفهام الطفل أخطاءه ومضاعفات سلوكياته السيئة، وتعليمه التصرفات الصحيحة التي يجب عليه الالتزام بها.
التشجيع للطفل أفضل من توبيخه
أخبار متعلقة