مسقط / العمانية:أكد المتحدثون في جلسات (منتدى مركز دبي المالي العالمي) أن الازمة المالية التي تشهدها معظم دول العالم ستكون بعيدة عن أسواق المال الخليجية نظرا لأن هذه الاسواق لا تزال فتية، وان القطاع المصرفي قوي نسبيا فيها.كما أشار المتحدثون في المنتدى الى أن البورصات الخليجية ناشئة وأن القيمة السوقية لأسهمها صغيرة نسبيا وان تأثرها بالأزمة سيكون محدودا.وأكد مصرفيون من الأسواق الناشئة أن اقتصادات مثل الصين والهند، ستلعب دوراً كبيراً فى الاقتصاد العالمي دون هيمنة وذلك خلال القرن الحادي والعشرين. جاء ذلك خلال جلسة «الأسواق الناشئة خلال الأزمة المالية وبعدها» والتي أقيمت في اليوم الثاني لـ«منتدى مركز دبي المالي العالمي». وأشاروا أيضاً إلى «المرونة» العالية التي تتمتع بها الدول المتقدمة من حيث قدرتها على مواصلة التأثير بقوة في الاقتصاد العالمي.وقال الدكتور كيفن دبليو لو، المدير والرئيس التنفيذي للشؤون المالية في الوكالة الدولية لضمان الاستثمار التابعة لمجموعة البنك الدولي: سيكون هناك دور أكبر نسبياً للهند والصين وغيرهما من الأسواق الناشئة، وأرى أن هذا الدور سيتجلى على شكل مشاركة أوسع ولن يكون دوراً مهيمناً، من قبل الصين مثلاً. وأضاف: يجب ألا نقلل من شأن مرونة الاقتصادات المتقدمة، ففي الولايات المتحدة الأمريكية يمكننا أن نستشعر الحيوية التي يحملها عهد باراك أوباما، حيث يتمتع النظام الديمقراطي بالعديد من نقاط القوة وتتميز هذه الاقتصادات المتقدمة بأسس اقتصادية قوية. من ناحية أخرى لم يحدد المشاركون في الجلسة فرقاً واضحاً بين الاقتصادات الناشئة والمتقدمة فيما يخص كيفية الخروج من الأزمة الحالية. وبصورة خاصة، قال كيفن دبليو لو إن القيادة الصينية لديها الكثير من الأوراق لتلعبها، خاصة في ظل وجود احتياطيات نقدية أجنبية بنحو تريليوني دولار أمريكي والحجم الهائل لمشاريع البنية الأساسية المطلوبة، في الوقت الذي ستحتاج فيه الولايات المتحدة إلى الاقتراض بشكل كبير لتمويل برامجها التحفيزية، والتي لن تلبي أي «طلب حقيقي». وفي المقابل، فإن مستويات المعيشة في الصين لا تزال منخفضة في المجمل، بالتزامن مع النمو الكبير الذي يشهده الاستهلاك المحلي الصيني، مما يفتح آفاقاً واسعة للنمو، وذلك خلافاً لما هو عليه الحال في الولايات المتحدة التي تجد صعوبة الآن في إيجاد التمويل.ولفت المشاركون في الجلسة إلى الفرص التي تمثلها الطبقات الوسطى المتنامية في الاقتصادات الناشئة. وقال سينج إن الطبقة الوسطى في الهند وحدها تضم 300 مليون نسمة، مما يعني أن هذه المجموعة الكبيرة من المستهلكين تساهم في خفض التكلفة عبر تمكين الشركات من تحقيق أرباح مرتفعة من أعداد المستهلكين الهائلة المتاحة لهم في الهند. وأوضح كيفن دبليو لو أنه يوجد إقبال كبير من الطبقة الوسطى التي تنامت بشكل هائل خلال السنوات العشر الماضية، فضلاً عن أن التحسن في أوضاع هذه الطبقة لم يكن هامشياً. فللمرة الأولى يتمكن أفراد الطبقة الوسطى من اقتناء سيارات وشراء منازل. وأجمع المتحدثون على أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية ستلعب دوراً محورياً في تحديد سعر النفط في المستقبل. وقال رجا صيداوي، رئيس مجلس إدارة إينرجي إنتلجنس: لقد كان النفط من أهم العوامل في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية منذ عهد الرئيس نيكسون. ونحن نعيش منذ فترة ليست بالقليلة في ظل مخاوف من اندلاع حروب كبيرة، الأمر الذي أدى ولو بشكل جزئي إلى تقلبات كبيرة في الأسعار.وأضاف فرانسن: يلعب الاستقرار السياسي في المنطقة دوراً رئيسياً في تعزيز إنتاج النفط، وبالتالي، فإن السياسة الأمريكية تجاه إيران والعراق وفلسطين، سيكون لها دور أساسي على هذا الصعيد. وعند توجيه سؤال للمتحدثين في الجلسة حول الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما، أجمعت الإجابات على قرب حدوث تغيير في السياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط. وقال فرانسن: أتوقع أن تتجه السياسة الأمريكية الخارجية في المنطقة نحو التركيز على إيجاد الحلول.وقال نادر سلطان، رئيس مجلس إدارة إيكاروس بتروليوم القابضة والاستشاري والرئيس التنفيذي السابق لشركة نفط الكويت: إذا ما اتبع أوباما سياسة واضحة لقطاع الطاقة وعمل على تنفيذها، فسيكون ذلك خطوة أولى ممتازة، لاسيما وأنه لم تكن هناك سياسة أمريكية واضحة في قطاع الطاقة خلال فترة الـ20 عاماً الأخيرة.وبشأن مصادر الطاقة البديلة وأثرها على الطلب على النفط، اتفق المتحدثون على أن هذه الآثار ستكون محدودة. وقال فرانسن: يقدر حجم سوق السيارات في العالم بنحو 70 مليون سيارة سنوياً ومن المستبعد أن يتم استبدالها كلها خلال وقت قريب بسيارات تعمل بالوقود الهجين.وحول توقعاتهم للسنوات الثلاث المقبلة، تباينت إجابات المتحدثين، فقد قال فرانسن إن الولايات المتحدة الأمريكية تمثل أكبر قوة استهلاكية في العالم وإذا استمر الركود الاقتصادي فيها فترة طويلة، فإن أسعار النفط ستبقى منخفضة. وقال صيداوي إن سعر النفط سيكون متعلقاً بمدى حكمة السياسة الأمريكية الخارجية. أما سلطان، فقال إن أسعار النفط قد تتأثر بالاكتشافات التقنية. واختتم الحسيني بالقول: أتوقع ارتفاع أسعار النفط إلى 70 دولاراً للبرميل في مطلع عام 2010 وقد تصل إلى مستوى 90 دولاراً للبرميل في عام .2012لا شك في أن تداعيات الأزمة المالية العالمية ستطال منطقة الخليج التي كانت تعتقد قبل عام واحد فقط أنها في مأمن من العاصفة التي اجتاحت معظم أنحاء العالم. وفي حين قد تكون العاصفة عاتية وتحتاج إلى الصلابة لمقاومتها، فإنها تحمل معها بعض المزايا التي تبشر بشيء من الحصاد وآمالاً متوجسة بأن مستقبلاً مشرقاً يلوح في الأفق. في غمرة ذلك، بحث متحدثون من داخل وخارج المنطقة آليات استجابة الحكومات للضغوط الجديدة التي تواجهها الأسواق المالية وكيفية إنقاذ المؤسسات المالية وتحديد الفرص بمجرد انقشاع سحب الشك وعدم الثقة التي تكثفت في الأجواء. واتفقوا خلال الجلسة التي جاءت بعنوان «مقاومة العاصفة: الاستثمار في الخليج العربي» على أن الأزمة الحالية زادت أهمية عدد من القضايا، مثل حوكمة الشركات والحاجة إلى تواصل المؤسسات المالية بشكل أفضل مع المستثمرين. واتفق معظم المتحدثين في الجلسة على أن العاصفة الأشد التي حملتها الأزمة المالية قد مرت بالنسبة للمنطقة، نظراً لأن الأسواق المالية في المنطقة لا تزال فتية والقطاع المصرفي قوي نسبياً. وفي حين أن أسعار الأسهم تشهد انخفاضاً بالفعل، إلا أن هذا الأمر ليس كارثياً بحد ذاته، لأن بورصات المنطقة ناشئة والقيمة السوقية لهذه البورصات صغيرة نسبياً. والآن، حان الوقت للعمل على حل المشكلة الاقتصادية ومعادلة الأزمة. وأشار بيتر باركر هوميك، الرئيس التنفيذي لشركة أبوظبي الوطنية للطاقة «طاقة» إلى فقدان حقيقي للثقة بالشركات التي يرى المستثمرون أن «ميزانياتها العمومية لا تعكس واقع الأمور». وأضاف أن وكالات التصنيف الائتماني فقدت مصداقيتها وهناك جمود حقيقي في سوق الاستثمار، لافتاً إلى أن المستثمرين المحليين لا يستثمرون محلياً عندما تكون الأوضاع جيدة. وعلى سبيل المثال، فإن 80٪ من سندات «طاقة» يحملها مستثمرون من أوروبا وأمريكا الشمالية. وفي الوقت ذاته، اتفق باركر مع محمود سالم المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط في بنك أوف نيويورك ميلون، على أن الوقت مناسب تماماً الآن لبناء علاقات أقوى مع المستثمرين. وأوضح سالم أن المستثمرين لن يمضوا قدماً قبل أن تتاح لهم فرصة الاطلاع على أرقام مدققة. وقال: إنهم يبحثون عن الشركات التي يمكنها اجتياز العاصفة والتي توجد لديها آفاق للنمو المستقبلي. وقال سالم إن مديري الصناديق الرائدين الذين يستثمرون في المنطقة يدركون أهمية دور الحكومة في ضمان الاستقرار والثقة والسيولة، ولا يمكن إغفال هذا الدور.وأوصى براد بورلاند، كبير الاقتصاديين ورئيس قسم الاستثمارات الخاصة في شركة «جدوى للاستثمار»، الحكومات بضرورة أن تتجنب شراء الأسهم من أجل اختبار السوق، خاصة وأن الإغراء شديد للقيام بذلك. وقال: اذا استطاعت الحكومات إظهار الاحترام للأسواق الحرة ومواصلة تعزيز العوامل المساعدة، فإنني أعتقد أنه يمكن تحقيق تقدم حقيقي في المستقبل. فالتأثير الذي ينجم عن تعامل الحكومات بشكل خطأ مع الأزمات قد يدوم لسنوات. وحتى الآن، نرى موقفاً حكومياً سليماً من انهيار أسواق الأسهم.طلب تيم سباستيان - مدير الجلسة - من المتحدثين أن يرسموا صورة لفترة العامين المقبلين وأن يتوقعوا ما ستكون عليه البنية الاقتصادية في المنطقة. توقع بروك أن تؤدي الأسس الاقتصادية الجيدة والتحسن المتوقع لأسعار النفط بشكل معقول إلى استعادة الأصول لقيمتها بسرعة أكبر مما سيكون عليه الحال في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأوروبا. وتوقع سالم أن تصبح المنطقة في حال أفضل بكثير لأن معدلات النمو فيها ستكون أعلى من غيرها كونها سوقاً ناشئة، وستجذب كافة شرائح المستثمرين، لافتاً إلى أن توافر المستوى المناسب من الالتزام بالشفافية سيتيح للمنطقة استرداد عافيتها بسرعة أكبر من أي منطقة أخرى في العالم. وقال بورلاند إن الأزمة عرضت مركز الجاذبية الاقتصادية في العالم للانزياح، وستكون هناك أزمة حقيقية عندما ترجح كفة ميزان القوة الاقتصادية لمصلحة الهند وآسيا الوسطى وآسيا عموماً بعد رجحانه الحالي باتجاه أوروبا والولايات المتحدة.وتباينت وجهات نظر المتحدثين في الجلسة حول ما إذا كانت قمة مجموعة العشرين الأخيرة في واشنطن ستترك مناخاً استثمارياً أكثر شفافية. وأعرب بورلاند، المؤيد المعروف لتحرير الأسواق، عن عدم تفاؤله بنتائج القمة، لأن الأسواق تعرضت لأسوأ أزمة في فترة انعقاد هذه القمة. وأما باركر هوميك، فقد بدا متفائلاً لأن المصارف المركزية حول العالم عملت بأسلوب متناغم لتضمن استقرار القرية المالية العالمية. وقال: هذا سيؤدي إلى ظهور قوانين مالية عالمية أشد صرامة، وسيبدأ ذلك على الأرجح بمواثيق أخلاقية طوعية، علماً بأن ترك الأمور في مجاريها لا يصلح في هذه الحالة، وأتوقع أن تصبح الاقتصادات خاضعة للقيود بدرجة أكبر.
خبراء الاقتصاد يؤكدون سلامة أسواق المال بدول المجلس
أخبار متعلقة