فضاء
إننا نرى شرق أوسط جديداً يولد) هكذا بكل استخفاف علقت الآنسة رايس على التدمير الهمجي والوحشي الإسرائيلي للبنان ، لم تر رايس بين اشلاء الاطفال وجثث الضحايا ورائحة الموت وانقاض لبنان كله لم تر غير الصورة المرسومة في ذهنها وذهن رئيسها جورج بوش والأصوليين الأمريكيين وهي صورة الشرق الاوسط الجديد الذي تهيمن عليه إسرئيل كلياً كشرطي قوي للولايات المتحدة الأمريكية في هذا الشرق المأمول لكن هل ينبعث هذا الشرق من بين ثنايا الجثث والأشلاء ، ذلك هو حقاً السؤال التي لاتملك رايس اجابة عنه كما هو حال رئيسها الذي يتخبط وسط الحرائق التي اشعلها في الشرق الأوسط، وفي التدمير الحالي للبنان التي تقوم به إسرائيل وبعنف لم يسبق له مثيل فان لبنان كما يبدو حتى الآن لن يكون قابلة امريكية لذلك الشرق الأوسط الذي تحلم به أمريكا وإسرائيل بل ان المرجح هو بزوغ شرق أوسط آخر ممانع ومقاوم ورافض قطعياً لهيمنة راعي البقر الأمريكي عليه برغم القنابل الموجهة التي تزود بها أمريكا إسرائيل للإجهاز على ما تبقى من نبض في لبنان ، لن يولد الشرق الذي تنتظره رايس على الاقل ذلك ما تنادى المجتمع المدني في دول العالم المختلفة لرفض ولادته فلا أحد على ظهر الكوكب يرغب في ولادة مشوهة ومتوحشة لأي شرق أو غرب جديد لمجرد أن أمريكا ترغب في هذه الولادة أو لمجرد ان إسرائيل تملك من القوة ما تستطيع ان تدمر بها بلداً ودوداً وجميلاً هو لبنان.فأي شرق هذا الذي يمكن له الخروج عبر انقاض لبنان وركامه أنه أقرب إلى شرق غاضب حاقد ثائر لن يترك ثأره ، وليس خافياً على شعوب هذا الشرق ان أمريكا وإسرائيل تنظران إلى سكان هذا الشرق على انهم ادنى مستوى من "الانسان" ولانبالغ في هذا القول ، فالغرب الرسمي عموماً بصرف النظر عن تفاوت مواقفه يرى أن للحيوانات أهمية أكثر من الأهمية التي يتمتع بها جيرانه البشر في الشرق الأوسط وعلى وجه التحديد في البلدان العربية من هذا الشرق ، وهذا ما تراه أشهر ممثلة عالمية هي بريجيت باردو وهي تعبر عن تأثرها بما وصفته بالقصف الأعمى الذي يزرع الألم والموت في لبنان وهو القصف الذي تقوم به إسرائيل لهذا البلد الاعزل تقريباً ، ورغم هذا التأثر فإن ممثلة الإغراء الاولى في العالم لم تكلف نفسها عناء التضامن مع أهل لبنان لكنها وجهت تضامنها إلى حيواناتهم وهو تضامن لايعبر عن رهافة حس إنسانية بقدر ما يجسد استخفافاً بالإنسان العربي الذي يقتل وتحظى حيواناته بتعاطف أكثر منه ، على ان لطم الخدود خنقاً لما يفعله الغرب الرسمي عموماً لايعفي هيئات المجتمع المدني العربية من "المحيط إلى الخليج" من التصدي للعدوان الرهيب الذي تقوم به إسرائيل على لبنان ، على هذه الهيئات أن لاتقف ذات الموقف للنظام الرسمي العربي الذي هو في غالبيته إما فرح بهذا العدوان أو أنه متواطئى معه أو أنه في أحسن الأحوال صامت إزاءه ، والمسيرات التي شهدناها في غير بلد عربي لهيئات المجتمع المدني المنددة بهذا العدوان برغم قمع الانظمة لها احياناً وعدم السماح بها احياناً اخرى ، هذه المسيرات لايجب ان تكون هي اقصى ما يمكن تقديمه ، المطلوب من هيئات المجتمع المدني العربية ان تنهض وتستنهض الشارع العربي المغيب من اجل ان يقول كلمته وهي بالتأكيد غير كلمة النظام الرسمي العربي الذي يرى انه بموقفه المهادن يجنب شعوبه المغامرات والتضحيات والضرر ، وهيئات المجتمع المدني العربي من واجبها الأكيد دحض هذه المقولات الإنهزامية فالمسيرات العربية والرأي العام العربي والشعب العربي كله لايريد من أنظمته ان تجنبه المخاطر فهو يريد أن لايقف بعيداً عن منصات الدفاع عن حريته المستهدفة في لبنان الآن وعلى هيئات المجتمع المدني ايضاً ان تغمر لبنان الآن ، بكل إمكانيات الصمود والتصدي دون ان تعتبر ذلك منة منها بل واجب مقدس .وبدون مبالغة في الكلام "المتخشب" فان المأمول فوراً من هيئات المجتمع المدني العربية ان تقف كطرف أساس ضد العدوان الإسرائيلي على لبنان وفي مواجهته انه موقف المدنية والحرية في مواجهة الوحشية والهمجية الاسرائيلية والامريكية ، فلا شرق أوسط جديد يمكن ان يولد وينبعث إلا ذلك الشرق الذي تلده شعوبه الحرة وليس آلة الحرب والهيمنة الأمريكية ، ولك الله يا لبنان .