حلت علينا أمس الموافق الخامس عشر من شهر مايو / ايار ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948م، واعلان الكيان الصهيوني قيام دولته اليهودية على ارض فلسطين المحتلة يومها لم تنجح الجيوش العربية القليلة العدد، الفقيرة من العدة والعتاد من منع سقوط المدن الفلسطينية بيد الصهاينة.لقد بعث القائد اسماعيل صفوت في 23/3/1948م، تقريرا مطولا الى اللجنة العسكرية بدمشق قائلا : "ان قوات المتطوعين لايمكن ان تحقق نصرا عسكريا حاسما، لذلك الح على ضرورة دعوة رؤساء اركان الجيوش العربية لعقد مؤتمر عسكري للتنسيق بينها لدخول الجيوش العربية النظامية الى فلسطين وعدم الانتظار حتى 15/5/1948.وقد ذكر في تقريره المطول مقارنة بين التدريب العربي والتدريب اليهودي، والاسلحة وتوصل الى نتيجة ان اليهود مسلحون ومدربون اكثر من المتطوعين الفلسطينيين، واضاف قائلا في تقريره : "مازلنا عند رأينا في وجوب تدخل الجيوش العربية واشتراكها في القتال بكل ما تملك من اسحلة ومعدات فيما اذا اردنا تحقيق نصر عسكري حاسم، ان الجيوش العربية ينقصها كثير من اللوازم، فاذا لم نشرع باكمال هذا النقص والتحشد من الآن لاتستطيع ان تكون مستعدة للعمل عند حلول موعد انتهاء الانتداب، وسيسبقنا الزمن كما سبقنا قبلا".كان مثل هذا التقرير نذيرا للعرب للتيقظ والحذر، ولكنهم لم يفعلوا فقام الصهاينة بالمذابح في حيفا ويافا ودير ياسين وغيرها، وقتلوا في مجازر جماعية آلاف الفلسطينيين بهدف التهجير الجماعي فكانت مجزرة صفد في 19/1/1948م، ومجزرة دير ياسين 9/4/1948م، وسقط القسطل في 9/4/1948م، واستشهد قائد الجهاد المقدس الشهيد عبدالقادر الحسيني وسقطت طبريا ويافا وحيفا من 19/4/ - 29/4/1948م، وبيسان في 12/5/1948م، ولحقتها عكا، وحاول سكان هذه المدن الاتصال مع اللجنة العسكرية وبعض الزعماء العرب، فكان الجواب: لن نستطيع التدخل قبل 15/5/1948م.لم تتمكن الجيوش العربية وبعد تدخلها من حماية ماتبقى من المدن الفلسطينية فاحتل اليهود اللد والرملة في 11/7/1948م وانسحب الجيش العراقي وانسحب جيش الانقاذ وسقطت صفد والناصرة وشفاعمرو ومناطق اخرى بيد اليهود.وللتذكير فقط ان القائد الذي هاجم اللد والرملة كان بريطانيا وكان يقود القطاعات اليهودية اسرائيلي بريطاني.لسنا بصدد الحديث عن تفاصيل الحرب، وليس هذا هو موضوعنا، ولكن ونحن نقف امام هذه الذكرى يستوقفنا حجم المأساة التي عاشها العرب ومازالوا، دون ان يستخلصوا الدروس والعبر ودون ان يكون لهم استراتيجية واضحة موحدة في مواجهة هذا الكيان المزروع في قلب وطننا العربي، وما يبعث للاسى والحزن الوضع الذي نعيشه اليوم.في عام 1947م، صدر قرار التقسيم وقال العرب لاتقبلوا التقسيم وسنرسل الجيوش العربية لتحرير فلسطين، ماذا كانت النتيجة؟في عام 1967م احتلت اسرائيل ما تبقى من فلسطين، قطاع غزة والضفة الغربية، واجزاء عربية ماذا كانت النتيجة؟.رفض العرب شعار ازالة آثار العدوان، ولااعرف اين ذهب هذا الشعار وهل تم استبداله؟.لم يعد الحديث عن تحرير فلسطين، واصبح الحديث عن دعوة اسرائيل وعبر الامم المتحدة للانسحاب من الارض المحتلة عام 1967م، وتم توقيع اتفاق اوسلو وهو اقل من 1967م وبمباركة عربية، ثم تراجعت اسرائيل واحلت مكانه خارطة الطريق ووقعت وبمباركة عربية وهي اقل من اوسلو، وفي هذه الايام يتحدث رئيس الوزراء الاسرائيلي الجديد (ايهود اولمرت) عن الانسحاب الاحادي الجانب من الضفة الغربية وضم القدس وغور الاردن.بعد ثمانية وخمسين عاما من العذابات والشتات يطالبنا العالم بالتعامل بواقعية !! وبالاعتراف باسرائيل !!!، ولم يلتفت هذا العالم لوضع اللاجئين الذين اصبح عددهم يزيد على ستة ملايين لاجيء فلسطيني اليوم، لم يلتفت العالم الى قرارات الامم المتحدة والتي يزيد عددها عن الثلاثين قرارا بخصوص اللاجئين الفلسطينيين ويلزم اسرائيل بنصوصها.لقد صدر عن الامم المتحدة حوالى ثلاثين قرارا تؤكد حق اللاجئين الفسطينيين في العودة والتعويض، واستخدمت امريكا في كل مرة حق النقض (الفيتو) لابطال هذه القرارات. في 10/12/1969م، وبعد مناقشتها التقرير السنوي لمدير وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، صادقت الجمعية العامة في دورتها رقم (24) على القرار (2535/ب) الذي جاء فيه : "ان الجمعية العامة إذ تقر بان مشكلة اللاجئىن الفلسطينيين نشأت عن انكار حقوقهم الثابتة التي لا يمكن التخلي عنها والمقرة في ميثاق الامم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان، تعود وتؤكد الحقوق الثابتة لشعب فلسطين".لقد عبر هذا القرار عن تغير نظرة الامم المتحدة للقضية الفلسطينية باعتبار ان اللاجئين شعب له حقوقه في العيش كغيره من الشعوب وليسوا مجرد كتل بشرية.في ذكرى النكبة نطلب اولا من القيادات الفلسطينية التمسك بقرارات الشرعية الدولية الخاصة بالصراع العربي الصهيوني وفي المقدمة منها قرار رقم (194).نطلب من اشقائنا العرب ممارسة كل الضغوطات الممكنة والتمسك بقرارات الشرعية الدولية، ورفض كل الصيغ التي تعمل على استبدال حق العودة، ودعم الشعب الفلسطيني في خياره المفروض عليه، خيار المقاومة والانتفاضة حتى يتمكن من تحرير الارض الفلسطينية التي احتلت عام 1967م، وعودة اللاجئين الى ديارهم وارضهم التي شردوا منها عام 1948م.
الذكرى الثامنة والخمسين لنكبة فلسطين
أخبار متعلقة