نجوى عبدالقادرانشىء معهد لهواة التصوير الفوتوغرافي والسينمائي في عدن ، في عام 1950م وكان مقتصراً على هواة التصوير الفوتوغرافي والسينمائي يضم عدداً قليلاً من المصورين المحترفين والهواة ، وتباع فيه كاميرات التصوير الفوتوغرافي باسعار زهيدة .وفي عام 1952م انشأت وزارة الثقافة والارشاد القومي قسماً للتصوير الفوتوغرافي والسينمائي .وبدأ عدد من المصورين بتصوير أهم الاحداث المهمة والمنشآت التي اقيمت في عدن . فقد تم تصوير المراحل الاولى من انشاء مصافي عدن والتخطيط لبناء منطقة عدن الصغرى (البريقة) حيث تابع المصور ناصر يسلم العولقي هذا الحدث الكبير بعدسة كاميرته وذلك في أول فيلم سينمائي وثائقي .ولاننسى في تاريخ التصوير الفوتوغرافي والسينمائي المصور الكبير المرحوم أحمد الصليلي الذي كان من الرواد الاوائل في فن التصوير السينمائي وله عدة أعمال سينمائية كان أهمها فيلم تسجيل عن الامام أحمد وتجواله في صنعاء وزياراته الداخلية والخارجية حيث رافق المصور أحمد الصليلي الامام أحمد في زياراته إلى المانيا وايطاليا .وكانت جميع هذه الافلام التي تصور بمقاس (8مم) تعرض على شاشة خاصة بهذه الافلام .كما كان التصوير السينمائي يتجه نحو الاحداث الهامة كزيارة الملكة اليزابيت لمستعمرة عدن وزيارة الامام أحمد لعدن في عهد الاستعمار البريطاني وغيرها من الأحداث الهامة .وقد كان المصور السينمائي جعفر محمد علي قمة في التصوير السينمائي ، حيث كانت هواية التصوير السينمائي تشغل كل وقته وفكره .. وبهذا استطاع ان يصور كثيراً من الأعمال الوثائقية الاجتماعية والفنية والسياسية ، وأهم الاعمال التي قام بها هذا الفنان المبدع تصوير لقطات حية من حرب التحرير الوطني .. وقد توج هذه اللقطات السينمائية بعمله الكبير حيث اخرج للسينما اليمنية أول فيلم روائي يمني وبمجهوده الخاص وإمكانياته الخاصة فكان فيلم (من الكوخ إلى القصر) من إنتاج واخراج وتصوير جعفر محمد علي رائد الفن السينمائي في اليمن .لقد حقق فيلم (من الكوخ إلى القصر) نجاحاً كبيراً حيث عرض في دور السينما ولاقى اقبالاً كبيراً باعتباره أول فيلم روائي يمني .. ولكن المبالغ التي صرفها المخرج جعفر محمد علي لهذا الفيلم جعلته يتردد كثيراً في خوض التجربة مرة اخرى ، ولم يجد من يمد له يد العون والمساعدة ليقدم اعمالاً جديدة فاتجه نحو الانتاج السينمائي الوثائقي وله عدد من الافلام الوثائقية التي قام بتصويرها واخراجها .. بعد أن التحق بعمله الجديد في المؤسسة العامة للسينما .. وقد كان المخرج والمصور جعفرمحمد علي ضابطاً في الجيش في فترة ما قبل الاستقلال الوطني .. ومن خلال زياراته الخاصة لبريطانيا تمكن من شراء ادوات خاصة لتحميض الافلام بعد ان كان يرسلها بالبريد إلى بريطانيا للتحميض .ومن خلال عمله كسينمائي هاو ، استطاع ان يسجل الكثير من الوقائع والاحداث الهامة في مرحلة حرب التحرير .. ولعل أهمها الموكب الجنائزي المهيب لاولاد المناضل عبدالقوي مكاوي الثلاثة الذين استشهدوا في انفجار لغم في منزلهم في مرحلة الكفاح الوطني ضد المستعمر . وقد استدعى الحس الفني لهؤلاء المصورين إلى تصوير الكثير من الرقصات الشعبية والاحتفالات الرسمية والدينية تصوير سينمائياً نابعاً من مواهب فنية مخلصة في اداء رسالتها دون ان يكون العمل تكليفاً من جهة رسمية .. ولكن الهواية لهذا الفن جعلتهم ينفقون كل ما يملكون في سبيل تحقيق أهدافهم النبيلة .ان ظهور هؤلاء المصورين كان مبشراًُ بقيام سينما يمنية .. إلا أن ظروفاً كثيرة حالت دون تحقيق هذا المشروع العظيم .وفي الوقت الذي أعلن فيه وزير الثقافة والسياحة حينذاك ، الاستاذ عبدالله باذيب ، ان عام 1975م سيكون عام السينما اليمنية ، وفي ضوء هذه الاعلان كتب بعض هواة السينما عدداً من السيناريوهات لافلام قصيرة تصور جوانب من حياتنا المعيشية والنضالية وبدأت المؤسسة العامة للسينما في بعض النتاجات اليمنية المتواضعة لفترة زمنية قصيرة .. ثم اتجه عدد من السينمائيين إلى التنافس لانتاج الافلام الوثائقية أوالتسجيلية .هكذا كانت السينما في اليمن في مرحلة ما بعد الاستقلال الوطني جادة ، ولاقت كثيراً من الدعم والاهتمام وتشجيع المسؤولين في الجمهورية اليمنية للسينمائيين للعمل نحو انتاج سينمائي ضمن خطة الدولة الشاملة لمجالات عدة وارسلت البعثات الطلابية في جميع مجالات العلم والأدب والثقافة .وكان للسينما نصيب في مجال ارسال عدد من خريجي الثانوية العامة للدراسة في الخارج فعادت الكوادر السينمائية بتخصصات متعددة كالاخراج السينمائي والتصوير والمونتاج والصوت وغيرها من التخصصات .. رائد السينما التسجيلية اليمنية بلا منازع ، ان الفنان لايصنع إلا الاعمال العظيمة وهكذا كانت اللقطات التسجيلية التي صورها لنفسه وبكاميرته السينمائية الخاصة فكرة فيلم روائي حاول بكل امكانياته الخاصة ان يحققه ويحوله من فكرة إلى حقيقة حتى يضمن لتلك اللقطات التي صورها في معارك حرب التحرير الوطني البقاء والخلود .وقد بذلت المؤسسة العامة للسينما جهوداً كبيراً لتنفيذ عدد من البرامج لخطة اساسية .. ونشطت هذه المؤسسة منذ تأسيسها في اوائل السبعينات وحتى اواخر الثمانينات من القرن الماضي ، من اجل الوصول بالعمل السينمائي إلى قمة النجاح .. وبرزت هذه المؤسسة كأنشط مؤسسة ثقافية في اليمن هدفها ايصال جزء كبير من الثقافة الفنية عبر هذه الوسيلة الثقافية بهدف تنمية وتكوين ثقافة وطنية ثورية متطورة ومواكبة لتطور العصر وتوعية الجماهير .والفنان اكثر من أي كائن آخر ينجذب نحو المناظر الجميلة ويلتقط باحساسه الفني المشاهد الغريبة قبل ان تلتقطها بعدسة كاميرته .وقد اتجه عدد من المصورين إلى المناطق الاثرية والشوارع والاسواق والجوامع والمعالم التاريخية والاثرية، واعطت هذه الصور قيمة فنية في وقتها كما اعطت فيما بعد قيمة أكبر ، خاصة ان كثيراً من المعالم القديمة قد محتها يد التغيير والبناء والتعمير .وكان التصوير السينمائي عند هؤلاء المصورين الاوائل يعتبر هواية خاصة لم تتعد التفكير بالاستغناء وحرفة ومهنة .عن التصوير الفوتوغرافي الذي يعد حرفة ومهنة اساسية .وبدأ التصوير السينمائي يتجه نحو الأحداث المهمة جداً واذا تتبعنا البدايات الاولى للتصوير السينمائي في اليمن فاننا نجد ندرة في استخدامه حيث قام أحد رواد التصوير السينمائي وهو ناصر يسلم العولقي بتصوير مراحل التخطيط الاولي لبناء بمدينة عدن الصغرى وقيام مصافي النفط البريطانية في هذه المدينة الحديثة وذلك في بداية الخمسينيات من القرن الماضي .
|
ثقافة
فن التصوير السينمائي في اليمن (الحلقة "4")
أخبار متعلقة