( 14أكتوبر ) في أسواق ذمار القديمة
ذمار/ صقر أبو حسن : مدينة ذمار لا تختلف تفاصيل الإيقاع الحياتية - في رمضان ، فيها كثيراً عن بقية المدن ، ولكن للشهر الفضيل في هذه المدينة خصائص تنفرد بها وتمتاز بتفردها الجميل، ذمار (المدينة) رائحة الماضي بكافة مفرداته يحمل الشيء الكثير ، فمن أسواقها مروراً بأناسها وصولاً إلى منازلها العتيقة. إن ابرز ما يمكن الحديث عنه هو التغير الهائل في حياة الإنسان العادي في رمضان .. عند المرور بأهم أسواق المدينة (سوق الربوع، المعطارة والحب) تشدك كلمات دارجة صبغت بنكهة ذمارية ذات مفهوم محدد، وينتابك الشعور بالألفة إذا كنت زائراً أما إذا كنت ساكناً يتنابك ذات الشعور بفرق زيارتها عند الأول ومحدويتها عند الثاني ، رائحة (السنبوسة والرواني والسمك المقلي) تتصاعد باستمرار وتصل إيقاعات الحياة في (أسواق ذمار القديمة) ذروتها في بداية الساعات الأولى للنهار (في رمضان أو غيره) ففي هذه الأسواق يمكن أن تبتاع كل شيء ابتداء من (البهارات) وانتهاء بالملابس. سوق الربوع والذي يختص ببيع الخضروات واللحوم بجانب الملابس والأحذية ، في هذا السوق وجدنا أحد المتبضعين ( الحاج عبدالله التعزي) ولـ “14 أكتوبر” قال: رمضان كل عام يجعل الناس تهتم بالأكل والشراب أكثر من رمضان نفسه .. مشيراً إلى أن مطالب النساء كثيرة خاصة في رمضان ، مستطرداً بضحكة، أنهى بها حديثه. البسطات التي تحتل أجزاء كبيرة من السوق تشهد إقبالاً هائلاً من سكان المدينة بالإضافة إلى زوار السوق الدائمين من القرى المجاورة (عبدالرحمن المصنف) شاب افترش جزءاً من الرصيف وعرض بضاعته (ملابس أطفال) قال: في بداية الشهر - شهر رمضان - يكون إقبال الزبائن محدوداً ولكن في منتصفه يبدأ العمل يتحرك ليصل ذروته في الخمسة الأيام الأخيرة، وأضاف الشاب الذي تخرج للتو من الثانوية قائلاً : في هذا السوق تجد العديد في الناس . وسط صرخات الباعة تدعوك للشراء، ابتعدنا عن هذا السوق ومازالت الصرخات تجد لها وقعاً في الآذان أبتعدت لأدخل سوق المعطارة ، ولهذا السوق رائحة عطر وبخور وبهارات تنبعث من المحلات المتراصة والمتعددة. وفي هذا السوق تباع (البهارات والبخور وأدوات التجميل وكل ما تحتاجه المرأة ) بدأ السوق اقل أزدحاماً عن سابقة (سوق الربوع) كان (محمد الدفيني) يقرأ القرآن بهمس عندما توقف عن القراءة ليجيب على اسئلتي ، وقال: هذا السوق قديم جداً وأغلب الدكاكين - المحلات - الموجودة فيه ملك للأوقاف ، وأضاف بائع البهارات قائلاً: رمضان شهر للصوم وفيه الروحانية والجمال وكل عام وهذا الشهر تزداد مكانته في قلوب الناس. بينما قال جاره: المشاكل في رمضان تزداد نسبتها بشكل كبير ، معيداً سبب ذلك إلى عدم وعي بعض الناس بمعنى الصوم. وقال (محمود الجين) لـ (14 أكتوبر) : العمل في بداية رمضان يكون محدوداً ولكنه شهر البركة والخير.في هذا السوق لاتزداد مساحة المحل عن عدة أمتار وقد نجد بعض المحلات لايتعدى 2×2 متر ، ومع هذا يجد الزبائن كل ما يطلبون ، وكذلك الممر الذي يفصل المحلات عن مترين. (التوابل لها رواج كبير وتجد لها طلباً كبيراً خاصة في الشهر الكريم) قال أحد بائعي البهارات : المأكولات الرمضانية تكون في رمضان كثيرة ومتعددة وأيضاً متنوعة ، كان الوقت يقارب الثانية عشرة ظهراً عندما هممت بالخروج من السوق قاصداً ( جامع المدرسة الشمسية) عبر أزقة سوق المعطارة دلفت إلى باحة المدرسة والتي بنيت عام 949هـ على يد الأمام يحيى بن شرف الدين بن المهدي أحمد ، كان المسنون يتلون القرآن بصوت مسموع ، كانوا مترا صين ، والأغرب أن أغلب القراء مكفوفون وهو الشيء الذي يميز أحد أهم معاقل العلم بذمار.بعد أن أديت صلاة الظهر حملتني قدماي إلى سوق الحب (الحبوب) وهو السوق الذي يزدحم دائماً وفي كل الأوقات وسبب ذلك يعود إلى إقبال سكان القرى المحيطة على الشراء والبيع. أنواع الحبوب تجدها في (جونية) ذات حجم كبير متراصة إلى جوار بعضها بشكل نصف دائري أمام كل محل. المحلات هنا أكثر اتساعاً من محلات سوق (المعطارة) وأغلبها أن لم يكن كلها تعود إلى الأوقاف ، كما أفادنا الحاج / علي البصير ، أقدم بائع صوب في السوق إن لم يكن في المدينة ، وقال: (سوق الحب) تجد فيه كل أنواع الحبوب وفي أي وقت ، كما أن أسعارها منخفضة مقارنة بأسعار الأسواق الأخرى في المدن المجاورة، وأضاف الشيخ الستيني لــ (14 أكتوبر): الإقبال الكبير على الشراء في رمضان يكون بسبب دخول (القبائل) - سكان القرى - للشراء أو البيع خاصة أن هذا العام شهد موسم قلة محاصيل الحبوب، واصلت يسري بعد أن شغل أحد الزبائن (الحاج علي ) عن الحديث إلى .. كانت الأصوات متداخلة توحي بتسارع نبض الحياة وتدفع جموع الوافدين إلى هذا المكان تشعرك بقوة وصلابة أرادة البائعين ، فعلى الرغم من أنه نهار يوم رمضاني لا أنهم واقفين يجيبون طلبات زبائنهم بصبر ، قل ما نجد له نظيراً خاصة في رمضان (طلب الرزق يشي - يريد - هكذا) هذا ما علق به أحد أهم عندما شاهدني مشدوداً إلى شهد السوق وهو يزداد احتشاداً ... ذمار مدينة جميلة وهادئة بأجواء دومنية معتدلة لذلك يجدها الزائر، على الرغم من الظروف الاقتصادية الطلبة التي يعاني منها أبنائها، مدينة تصدر النكتة وتضع الابتسامة على شفاه الناس ، مدينة أثقلها تاريخها، مدينة ذات مزيج من العمل الجاد واللرث الحضاري الهائل وكذلك الطيبة والبساطة في حياة قاطنيها ، أخي القارئ أرجو أن تكون قد زرت هذه المدينة.