من الحياة
يكتبها / إقبال علي عبدالله[email protected]* في مثل هذا التاريخ السابع والعشرين من يوليو عام 1955م أخرجتني أمي - أطال الله في عمرها _ من بطنها، مطرقاً صرخات استقبال الحياة، هكذا قالت لي أمي وهي ذات يومٍ من عام بعيد مضى تروي لي حكاية خروجي من بطنها إلى الحياة..* التمرد من بقائي في بطنها امتد معي حتى اليوم أي بعد خمسين عاماً، أو ستمائة شهر.. وأعتذر عن حساب عمري بالأيام، ليس عجزاً، بل لقناعتي بأنّ هناك أياماً.. رفضت أن أحسبها ضمن تواريخ عمري.. لأنّها أيام سوداء ارتكبت فهيا أبشع الأخطاء في حق نفسي والآخرين.. وأجدها اليوم وأنا بإذن الله تعالى أدلف عاماً جديداً في عقدٍ جديدٍ من الزمن، أجدها مناسبة أرجو فيها السماح والعفو من كل شخص رجل أو امرأة أخطأت في حقه أو حقها.. وفي المقدمة زوجتي العزيزة _ عفواً _ طليقتي التي لا أنكر أنّها تحمّلت كثير وكثير من أخطائي في رحلة عمري منذ أن عرفت أنّ الخطأ أكسيد حياتنا نعم أقول لها بكل صدق وشجاعة :"يا أيتها الجميلة بكل المعاني، دفعتك أخطائي الحمقاء إلى خنق حبكِ الكبير لي بيدك وتمّ الرحيل من حياتي دون عودة لأعيش بعدها مثل السفينة التائهة وسط البحر، تتلاطم بها الأمواج يميناً تارةً وشمالاً تارةً أخرى.. حتى استقرت حياتي بعد أربعة أعوام ووصلت السفينة إلى الشاطئ لتبدأ مرحلة جديدة من حياتي لازمتني حتى كتابة هذه الأسطر يوم أمس الأربعاء.* نسيت في مقدمة موضوعي هذا أن أطلب منكم قرائي الأعزاء المغفرة والسماح بأنْ أبوح .. بعضاً من الأشياء المهمة والخاصة بحياتي دون خجل منكم ولا خوف إلا من خالقي وخالقكم جميعاً، فالسماح منكم بأنني سأجعلكم تقرأون أشياء لا تهمكم ولكني قررت بدلاً من تسلم وتلقي تهانيكم وهداياكم بعيد ميلادي أن تصبروا على قراءة حديثي الشخصي.* كثيرون منكم قد يتساءلون كيف لي في مثل هذه المساحة أن اختصر كل ما تجيش به دواخلي عن سنوات عمري التي مضت؟!..* الحقيقة أقول إنني اخترت أن اكتب عن بعض أخطائي، لأنّها كثيرة لعلني أظفر بتسامحكم أولاً وتسامح كل من أخطأت في حقهم.. وهذا هو مطلبي الوحيد أما الذين أخطئوا في حقي وتنكروا للجميل الذي قدمته لهم من عمري، فإنّ تسامحي كان مرادفاً لأخطائهم.. وكثيرون يقولون إنّ الخطأ الأكبر الذي ارتكبته في حياتي هو التسامح واتساع قلبي بالحب لكل شخص يقترب مني.. لا أعرف كلمة الكراهية ومفرداتها.. ولم تدخل معاني الحقد والانتقام والخيانة والغدر في قاموس حياتي - كما اعتقد ذلك - ، فهكذا كانت حياتي منذ بدء الشباب، ربما يعود ذلك إنني قضيت معظم سنوات شبابي متجولاً بين الحين والآخر في بلدان لا تعرف إلا الحب.. ومنها مصر أم الدنيا التي نام جسدي في سريرها وأنا في الثامنة عشر من العمر.. وكذلك ألمانيا الساحرة التي لا تعلمك إلا شيئين هما الحب والجمال، وإن كان بعض الزوار أخبروني عكس ذلك، لكنني أقول ما تعلّمته وشاهدته عام 1980م و2002م.. وفي كل مرة تمتد مساحة زيارتي لنحو ستة أشهر.* أخطائي كثيرة لأنني آمنت وما زلت مؤمناً بأنّ الحياة جميلة والناس جميعاً فيها طيبون.. والمرأة هي الشيء الوحيد الذي لم أفهمه خلال سنوات عمري الطويلة، رغم احتكاكي الدائم بها، بمعنى إنني أدمنت العيش في صدور النساء.. من أمي إلى زوجتي إلى حبيبتي اليمن.هذه الأخطاء التي أطلب اليوم منكم التسامح عنها لا تعني إنني لن أكررها في عامي الجديد بالعقد الخامس، على العكس فإنّ أمد الله بالعمر فإنّها قد تتزايد، لأنّ الحياة التي نعيشها لا تعرف مكاناً للطيب .. فأعذروني فأنا لست عدوانياً، بل شخص يحاول بهدوء أن يعرف الحياة حتى وأنا تجاوز عمري العقد الخامس بعامٍ واحد.* كثيرةٌ هي الخواطر التي تتزاحم داخلي، وصدقوني إن قلت لكم إنّ أغلب هذه الخواطر لا أفهمها أنا وليس أنتم فقط.. ولكني وجدت قلمي مثل الجدول الصغير يتدفق بكل الحب والصدق.. فأعذروني للمرة المائة، بل الألف.. لقد تحدثت عنكم أربعة أعوام واليوم أتحدث عن نفسي.. اليوم فقط؛ لأنّه يوم متميز في حياتي. فأنا كما أشرت في مقدمة الموضوع إنني خرجت من بطن أمي أصرخ بعد أن مكثت أشهراً في أحشائها أصرخ بصمت، وحتماً كما قال لي بعض رجال الفقه والعلم بأنني سأرحل عن هذه الدنيا وأنا أصرخ.. ليس لأنّ الحياة مثل أحشاء أمي، بل لأنّ التمرد يستبدل في طبعي.. فأعترف أنني متمرداً إلا من الحب، فهو الشيء الوحيد الذي يكبح تمردي ويروض ثورتي ويسيطر على غضبي وهذا ما اكتسبته في عمري الطويل.. فالحياة لا تقبل القسمة مع أي شيء فيها إلا الحب.. لأنّ المرأة هي باعتقادي الشيء الوحيد الذي يزغرد مثل العصافير في قلوب الرجال.وبالمناسبة تعلّمت في مشوار حياتي ثلاثة أشياء خاصة بعَلاقة الرجل بالمرأة وهي :أولاً : عندما لا يتكئ الرجل على كتف امرأة يُصاب بشلل الأطفال.ثانياً : بغير امرأة، تصبح رجولةَ الرجل مجرد إشاعة.ثالثاً : الرجل من دون امرأة، جنساً ثالثاً لا عَلاقة له ببقية الأجناس.ولا أدري إن كانت السنوات القادمة في عمري، هذا إن كان للعمر بقية .- سوف تعلّمني وتضيف إلى هذه الأشياء الثلاثة أرقاماً ومفاهيم جديدة.* كثرت الخواطر التي سردتها لكم فأعذرونني وسامحونني فأخطائي كثيرة.. ولكني أمامكم مثل العصفور الذي لا يملك إلا أن يزغرد في قلوبكم.. وكل عام وأنا بخير.* * * * * [c1]أجمل ما قالته المرأة لي[/c]* .. "أبحث عن رجل طموح، يريد أن يمسك بالنجوم، بشرط أن اركب معه الصاروخ الصاعد للنجوم، أبحث عن رجل، حديثه يعلّمني فن الإصغاء، وثقتي فيه تعلمني فن البوح، ورجولته الآسرة تعلّمني فن العطاء، فالمرأة تهب حين تحب، وتحجب أنوثتها عمن لا تريده.* أبحث عن رجل يفك ضفائري مع نفسي، ويرشدني إلى أجمل ما في نفسي من خصال، وأحل ما في نفسي من صفات، رجل أرى نفسي في مرآته الصادقة، فهل هذا الرجل، مستحيل؟!!"* * * * * [c1]أغنية الأسبوع [/c]* .. "أكثر من مرة عاتبتك وأديت لك وقت تفكر كان قلبي كبير بيسامحك إنما كان غدرك أكبرأكبر من طيبة قلبي.. أكبر من طولة باليأكبر من قوة حبي مع كل الماضي الغاليولقيتني وأنا باهواك خلصت الصبر معاكوبأملي بأعيش ولو أنّه ضيع لي سنين في هواكإنّما للصبر حدود.. يا حبيبي.."* تأليف : عبد الوهاب محمد